دور المدن الذكية في تحقيق التنمية المستدامة

الهندسة المدنية - الجامعة الوطنية الخاصة -
ملخص
تهدف هذه الدراسة إلى تقديم دراسة وصفية للمدن الذكية ومساهمتها في الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة من خلال استغلال تكنولوجيا المعلومات وتشييد البنى التحتية الذكية التي تساهم في تخفيض الانبعاثات وتحسين جودة الهواء والقضاء على النفايات الصلبة وكذلك المحافظة على الموارد النادرة مثل المياه. ويتجلى تطبيق المدن الذكية في عدة دول من العالم من خلال تطبيق الطاقة الذكية، الإدارة الذكية للمياه والنفايات، واستطاعت هذه المدن أن تحقق نتائج من حيث التقليل في استهلاك الطاقة، والاعتماد بشكل متزايد على مصادر الطاقة المتجددة، وإعادة تدوير للنفايات بنسب متفاوتة، بالإضافة إلى استغلال المياه بشكل عقلاني، وكل هذا يصب في تحقيق التنمية المستدامة.
الكلمات المفتاحية: المدن الذكية، الإدارة الذكية للمياه، التنمية المستدامة.
1- مقدمة: لم تعد المدن الذكية إحدى متطلبات الرفاهية الاجتماعية فحسب، بل أضحت من القضايا الهامة لدى معظم الدول في سبيل تحقيق التنمية المستدامة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بسبب التدهور البيئي وتغير المناخ بما يضمن تحقيق الإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية المتاحة عن طريق الموازنة بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية من جهة وبين الاحتياجات الإنمائية والبيئية. لقد رسمت الآفاق المستقبلية للتنمية المستدامة إطاراً جديداً يستند على استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بهدف تحويل المدن إلى بيئات معيشية أكثر استدامة وصلابة ومقاومة للكوارث بما يضمن تحسين نوعية الحياة والخدمات الحضرية ويعزز كفاءة استخدام الموارد باستخدام آليات متعددة. [1]
2- مفهوم التنمية المستدامة:
يشكل الافراط في استخدام الموارد الطبيعية مثل استنزاف المياه العذبة، وارتفاع مستويات التلوث الناتج عن انبعاثات غازات دفينة خطراً على المجتمعات وعلى اقتصادها بسبب التدهور البيئي وتغير المناخ وبالتالي تعرف التنمية المستدامة بأنها الإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية المتاحة بشكل يضمن تحقيق الاحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة من خلال مجموعة من الإجراءات وهي: [2]
3- مفهوم المدن الذكية:
هي مدينة مبتكرة تقوم على استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من الوسائل لتحسين نوعية المياه وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية والقدرة على المنافسة مع ضمان تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وتتجلى مظاهر المدن الذكية من خلال مايلي: [3]
3-1-البيئة الذكية: حيث تقدم تكنولوجيا الاتصالات الدعم للمسائل البيئية عبر خطط الرصد والإبلاغ الخاصة بانبعاثات غازات الدفينة واستهلاك الطاقة وتحسين طرق جمع النفايات والتتبع الرقمي للتخلص منها ونقلها وفرزها وإعادة تدويرها، كما يتم استخدام أجهزة الاستشعار عن بعد وربط الأشياء بالانترنت لمواجهة تحديات إدارة النفايات.
3-2-الطاقة الذكية: تستخدم نظم إدارة الطاقة الذكية أجهزة الاستشعار والعدادات المتطورة، وأدوات تحليلية لتوزيع الطاقة واستخدامها بشكل آلي ومرصود مثل التوليد الموزع للطاقة المتجددة، وتخزين الطاقة، ونظام الاستجابة الآلية للطلب.
3-3-الإدارة الذكية للمياه: تستخدم الإدارة الذكية للمياه مجموعة متنوعة من موارد تكنولوجيا المعلومات حيث تحسن كفاءة توزيع المياه وتخصيصها وإقامة أنظمة للإنذار المبكر وتلبية الطلب على المياه في المدن وتجميع مياه الأمطار والعواصف وإدارة الفيضانات ورسم خرائط الموارد المائية والتنبؤ بأحوال الطقس من خلال الري في الوقت المطلوب في الزراعة، والتحكم في جودة المياه وتركيب أجهزة الكشف عن التسرب في الشبكة، وتركيب عدادات المياه الذكية، وتفعيل التسعير الذكي بربط التعرفة مع أوقات الذروة.
4- دراسات السابقة:
هناك العديد من الدراسات التي تناولت موضوع المدن الذكية ومنها دراسة الباحثين Justyna Winkowsks And Others (2019) والتي هي بعنوان : ” Smart City Concept in the light of the literature review” حيث حاول الباحثين من خلال هذه الدراسة إبراز مفهوم المدن الذكية حيث وضح الباحثين أهمية تحول المدن الكبرى إلى مدن ذكية ودورها في تحسين الظروف المعيشية للسكان من خلال توفير البيئة الحضرية باستخدام الأدوات التقنية
التي تقدم أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا مع مراعاة المعايير البيئية المعول بها من أجل تحقيق التنمية المستدامة[4] .
كما هدفت دراسة بعنوان ” استراتيجيات دعم التحول لمدن ذكية في العالم العربي بالإشارة إلى تجربة الامارات العربية ” من قبل الباحثة صليحة فلاق وآخرون (2020) إلى مايلي: [5]
كما أجرت زهرة عباس(2021) دراسة بعنوان” التوجه نحو المدن الذكية كوجهة لتعزيز التنمية المستدامة بين الضرورة البيئية وتحديات التحول – تجربة مدينة بورتو” وجاءت الدراسة لتوضيح مساهمة المدن الذكية في التقليل من معدلات التلوث وترشيد استهلاك الطاقة سعياً لتحقيق التنمية المستدامة من خلال عرض تجربة المدينة الذكية (بورتو)، على أن تتوصل الدراسة إلى أنَ المدن الذكية تعمل على الحد من التلوث وإعادة تدوير النفايات والاستغلال العقلاني للمياه والحفاظ على استهلاك الطاقة وذلك بالاعتماد على أحدث تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصال مما يمكنها من تحقيق أهداف التنمية المستدامة [6].
5– دوافع وأهداف إنشاء المدن الذكية:
5-1-دوافع إنشاء المدن الذكية:
5-2-أهداف إنشاء المدن الذكية:
6-الأبعاد الرئيسية لتطبيق وتطوير المدن الذكية:
في مشاريع المدن الذكية تم تحديد ستة عوامل أساسية، ينبغي العمل عليها مباشرة لضرورة تطبيق المدن الذكية [9].
7-أهم التجارب والإنجازات في مجال تطبيق المدن الذكية العالمية والعربية:
على نحو عام لا توجد مدن ذكية كاملة في الوقت الحاضر وذلك لاتساع متطلباتها التي لا تقتصر على التقنية بل تشمل الجانب الاجتماعي والتنظيمي والسياسي، ويبدو أنَ هناك تمايز بين المدن طبقاً لما حققته من نجاحات في مجال تحولها إلى مدن ذكية، وفيما يلي أهم المدن التي استطاعت أن تحقق إنجازات ملحوظة في مجال المدن الذكية:
7-1-على المستوى العالمي: تجربة مدينة Songdo الكورية الجنوبية:
تقع في جنوب كوريا على الواجهة البحرية في إقليم Incheon، وتم تطويرها كقطب نمو في إقليم العاصمة متعدد المراكز، ففي أعقاب الأزمة الاقتصادية عام 2007، بحثت كوريا عن محرك جديد للنمو الاقتصادي ووضعت استراتيجية لإنشاء محور رئيسي للأعمال التجارية العالمية يشكل مركزاً للتقنيات والأبحاث يركز على الصناعات التقنية والصناعات القائمة على المعرفة باعتبارها أهم القوى الدافعة للنمو الاقتصادي في كوريا [10]. يطلق على هذه المدينة عدة تسميات منها المدينة الدولية أو الذكية كما تعرف باسم بوابة شمال آسيا، اتبعت المدينة استراتيجية التنمية المستدامة للتغلب على الظروف البيئية حيث حصل على ترتيب 122 من أصل 146 في التصنيف البيئي المستدام لعام 2005. وحسب وكالة الطاقة الدولية لعام 2005 صنفت كوريا في أعلى 10 دول في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون [11].
مراحل إنشاء المدينة ومكوناتها:
تمَ بناء المدينة على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى 2009-2003 وتتضمن تنمية البنية التحتية وإنهاء المخطط العام، أما المرحلة الثانية من عام 2014- 2010 وتتضمن إنشاء العديد من الفعاليات بما في ذلك المجتمعات الصناعية، وتتضمن المرحلة الثالثة أعمال الانهاء وتحقيق النمو المستدام وتتراوح من 2020-2015 وتضم المدينة 450 هكتار من المساحات المخصصة للمكاتب، 270 هكتار من المساحات السكنية، 90 هكتار من المساحات التجارية، 45 هكتار من مساحات الفنادق، 90 هكتار من الفراغات العامة وتضم حديقة مركزية، مجمع ترفيهي، مدارس، مشفى، نظام نقل عام متكامل، استخدام شامل للبنى التحتية الرقمية.
التطبيقات الذكية للمدينة:
– منطقة سونغدو التقنية Songdo Techno_Park:
تضم المدينة خمسة أقسام رئيسية هي مركز الإدارة الرئيسي، مركز أبحاث وتطوير تجارة التقنية الحيوية، معهد كوريا للتقنية الصناعية، مركز أبحاث” جامعة إنشيون” ، مركز أبحاث” جامعة إينها”، بالإضافة إلى 35 مركز أبحاث وتطوير للأعمال والمشاريع الخاصة بمساحة تقدر ب 45 هكتار بينما تضم التوسعة مراكز للبحث والتطوير ومراكز لدعم الأعمال وتهدف إلى توفير بيئة مناسبة ومشجعة للشركات ولغرض توسعها في طاقتها وإنتاجيتها لخدمة الاقتصاد القومي في كوريا، وتعتبر جزء من منظومة توطين التقنية في كوريا، وخلق الفرص الوظيفية والرفع من مستوى البحث العلمي.
7-2-على المستوى العربي: في الدول العربية صنف المنتدى الاقتصادي العالمي عن تقنية المعلومات عام 2015 أنَ كل من الامارات العربية المتحدة والسعودية ضمن أفضل الدول أهمية في الاتصالات وتقنية المعلومات لرؤية الحكومة للمستقبل وتحتل مدينة دبي صدارة المدن العربية والشرق الأوسط.
مدينة دبي الذكية(الإمارات): تعتبر مدينة دبي في صدارة الدول العربية تحولاً إلى المدينة الذكية والأمر الذي يشكل أساس المبادرات والاستراتيجيات الذكية، ويعتبر الابتكار التقني والدافع الرئيسي الذي يوفر للمواطنين الوصول إلى مختلف الخدمات المتكاملة مما يتيح لمدينة دبي استخدام مواردها بفعالية، ويشكل تحول دبي إلى مدينة ذكية وذلك نتيجة عملية التطور التي تستند إلى نجاح ونشر وتنفيذ مبادرات الحكومة الالكترونية. وهذا الاتجاه الجديد في إدارة المدن جعل دبي في فترة وجيزة تحول أغلب منشآتها إلى منظمات ذكية عبر استخدام تطبيقات ذكية، ولم يقتصر هذا التحول إلى المنشآت الحكومية فقط بل شمل كل نواحي حياة الفرد في المنزل، العيادة، الأحياء والنقل وغيرها، وإنَ هذا التحول سيكون له أثر على التنمية المستدامة مع المحافظة على البيئة ورفاهية الأجيال المستقبلية [12].
استراتيجية وملامح مدينة دبي الذكية:
في آذار 2014، أطلقت استراتيجية دبي للتحول لمدينة ذكية تتضمن الاستراتيجية ستة محاور أساسية و100 مبادرة في النقل والمواصلات والبنية التحتية والكهرباء والخدمات الاقتصادية، والتخطيط العمراني، ووفقاً للاستراتيجية سيتم تحويل 1000 خدمة حكومية إلى خدمات ذكية خلال السنوات الثلاثة القادمة.
وتظهر أبرز ملامحها كالآتي: [13]
التوصيات:
المراجع: