الـجــامعــــة الــوطنيـــــة الـخــاصـــــة

الواحة الأكاديمية للجامعة الوطنية الخاصة

استخدام القوة الناعمة في تعزيز الصورة الذهنية للدولة السورية

الكاتب: د.علاء الدين القوجة

كلية العلوم الإدارية و المالية - الجامعة الوطنية الخاصة

ملخص المقال

يمكن أن تتلخص أهداف هذا البحث بالنقاط الآتية:

  1.  بيان كيف يمكن أن تبني الدول صورة ذهنية إيجابية.
  2.  استكشاف كيف يمكن استخدام القوة الناعمة لتحسين الصورة الذهنية للدولة السورية على المستوى الدولي.
  3. استكشاف دور الشريعة الإسلامية في تقديم صورة معتدلة ومشرقة لسوريا.
  4. اقتراح استراتيجيات عملية لدمج القوة الناعمة والشريعة الإسلامية في تحسين الصورة الذهنية لسوريا.

وللوصول إلى هذه الأهداف تناول الباحث العناوين الآتية:

  1.  القوة الناعمة.
  2. مبادئ الشريعة الإسلامية.
  3.  الصورة الذهنية.
  4.  أهمية الصورة الذهنية للدولة في سياق إعادة الإعمار.
  5.  العوامل المؤثرة في تكوين الصورة الذهنية للدولة.
  6.  كيف تبني الدول صورة ذهنية إيجابية.
  7.  تطبيق مبادئ التسويق الحديثة في تعزيز الصورة الذهنية للدولة السورية الجديدة:

 التسويق القائم على القيم, التسويق الرقمي, التسويق الاجتماعي, تسويق الهوية الوطنية كعلامة تجارية, التسويق لسوريا كعلامة تجارية.

         8. استراتيجيات مقترحة لتحسين الصورة الذهنية:

إبراز الوجه الحضاري للإسلام في سوريا, تعزيز وسائل الإعلام والتواصل الرقمي, تفعيل الدبلوماسية الثقافية, تعزيز الدور الديني المعتدل, التفاعل مع المجتمع الدولي وبناء شبكة من التحالفات الدولية, قياس النجاح وتقييم فعالية استراتيجيات تسويق الصورة الذهنية, التركيز على اللغة الإيجابية غير الوعظية في المنتجات الإعلامية.

الكلمات المفتاحية: القوة الناعمة, مبادئ الشريعة الإسلامية, الصورة الذهنية.

مقدمة

تسعى الدول الحديثة إلى بناء صورة ذهنية إيجابية تعكس هويتها وقيمها، مما يعزز من مكانتها على الساحة الدولية.  في حالة سوريا التي مرت بتحديات كبيرة في السنوات الأخيرة، يصبح من الضروري إعادة بناء هذه الصورة باستخدام أدوات فعّالة.  وتُعد القوة الناعمة ومبادئ الشريعة الإسلامية من بين هذه الأدوات، خاصة عند دمجها مع مبادئ التسويق الحديثة التي تركز على بناء علاقات مستدامة مع الجمهور المستهدف حيث أن الصورة الذهنية للدولة تمثل التصور العام الذي يتكون في أذهان الأفراد والمجتمعات عن دولة معينة. وهي مزيج من الانطباعات والأفكار والمشاعر التي تتولد بناءً على المعلومات التي يحصل عليها الناس من خلال وسائل الإعلام، والتجارب الشخصية، والتاريخ، والعلاقات بين الدول. كما تُعد الصورة الذهنية للدولة عنصراً مهماً في تشكيل السياسة الداخلية والخارجية، فضلاً عن تأثيرها على العلاقات الدولية. حيث تواجه الدول تحديات عديدة في تعزيز صورتها الذهنية على المستوى الدولي، وتُعد القوة الناعمة من أبرز الأدوات التي يمكن استخدامها في هذا السياق. حيث إن كل دولة في هذه الأرض تسعى إلى تحصيل أسباب القوة والغلبة، وهذه الأسباب تتطور بتطور الزمان والأحوال. ومن أبرز التطورات في مفهوم تحقيق القوة والسلطة لدى الدول العظمى في هذا العصر ما اصطلح عليه باستعمال القوة الناعمة، وهي التأثير غير المباشر من خلال الثقافة، الإعلام، والتعليم، والتي يمكن أن تكون وسيلة فعّالة لتحسين الصورة الذهنية للدولة في العالم. وفي حالة الدولة السورية يمكن استخدام مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من هويتها الثقافية والدينية لتحسين صورتها في الساحة الدولية من خلال تقديم نموذج حضاري يعكس القيم الإسلامية السمحة. فالشريعة الإسلامية، التي تقوم على قيم مثل العدالة، التسامح، والرحمة، تمثل أساساً قوياً لبناء خطاب يعكس جوهر الاعتدال الذي تحتاجه سوريا في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الحالية. من خلال دمج القوة الناعمة مع هذه المبادئ، يمكن لسوريا تعزيز صورتها كدولة تسعى إلى السلام والتسامح والبناء. ومن خلال هذا الربط يمكن لسوريا, ليس فقط استعادة ثقة الداخل، بل الدخول إلى الوعي الدولي بصورة أكثر إيجابية وتنافسية.

الإطار النظري

1-القــوة الناعمــة power Soft

مفهــوم صاغه جوزيــف ناي من جامعــة هارفارد في تسعينيات القرن الماضي، وأوضح أنها تتجسد في القدرة على جذب الآخرين بدلاً من الإكراه أو الدفع، أي جعـل الآخـر يفعـل مـا نريـد مـن دون إرغـام. وتشمل: الثقافة, القيم السياسية, السياسات الخارجية. مما يميزها عن استراتيجيات القوة الصلبة القسرية، حيث تظهر القوة الناعمة كقوة قادرة على إقناع الرأي العام العالمي وصنع القرار من خلال الجاذبية الثقافية والمعايير السياسية والسلوك القائم على هذه القيم.

 وقد لاحظ (بيتر بومان وجيزيلا كرامر) مؤخراً في هذا الصدد, “أن نجاح مصطلح القوة الناعمة بين عامة الناس يشير إلى وجود حاجة إليه”. ومن خلال الاستعانة بنماذج وصيغ من تخصصات أخرى، يُمكن توضيح مفهوم القوة الناعمة من خلال الإشارة إلى وجود أوجه تشابه مع الإعلان أو التسويق، حيث يُشبهان آليات القوة الناعمة بشكل ملحوظ في بعض الجوانب المهمة، حيث يُمكن تعريف التسويق، وفقاً لجمعية التسويق الأمريكية، بأنه “النشاط، ومجموعة المؤسسات، والعمليات اللازمة لإنشاء، وتوصيل، وتقديم، وتبادل العروض ذات القيمة للعملاء، والمستهلكين، والشركاء، والمجتمع ككل”. وقد أشار رائد الإعلان Lewis (1872–1948) أن مهمة الإعلان هي جذب القارئ، لينظر إليه ويبدأ بقراءته؛ ثم إثارة اهتمامه، ليواصل قراءته؛ ثم إقناعه، ليصدقه بعد قراءته. إذا اتسم الإعلان بهذه الصفات الثلاث للنجاح، فهو إعلان ناجح.

وفي أغلب الدراسات تم تحديد موارد القوة الناعمة المتمثلة بالثقافة والقيم والسياسات إضافةً إلى الشخصيات, حيث تُعدُّ الثقافة والمبادئ التي تنبثق منها هوية الدولة أحد الركائز الأساسية للقوة الناعمة، مما يجعل الشريعة الإسلامية، التي تمثل جزءاً كبيراً من الهوية الثقافية لسوريا، عنصراً مهماً في هذا السياق.

  • أدوات القوة الناعمة
  • الثقافة والفن: إنتاج مسلسلات وأفلام تعكس القيم الإسلامية الراقية والتسامح والتعايش, ودعم الفن الهادف الذي يبرز جمال سوريا وتنوعها, كذلك تنظيم مهرجانات دولية تُظهر التراث السوري.
  • الدبلوماسية العامة والإعلام: إنشاء منصات إعلامية دولية بلغات متعددة (عربية، إنجليزية، فرنسية…) تُظهر الصورة المعتدلة لسوريا الجديدة, استخدام وسائل التواصل لنشر محتوى يعكس القيم الإسلامية النبيلة (الرحمة، العدل، الإصلاح، الإعمار…).
  • التعليم والبحوث: إطلاق مبادرات تعليمية عالمية مثل منح دراسية أو تبادل ثقافي, وتعزيز حضور الجامعات والمعاهد السورية في المحافل الدولية.
  • المنتج الثقافي الإسلامي: الترويج للتراث الإسلامي السوري (مثل تراث دمشق، حلب، العلماء السوريين عبر التاريخ). استثمار الرموز الإسلامية التاريخية في البلاد كجزء من الهوية الحضارية.

ومن التجارب الحديثة في تفعيل القوة الناعمة العربية نلاحظ أن بعـض الـدول العربيـة بـدأت فـي اسـتيعاب مفهـوم «القـوة الناعمـة»، وبـدأت فـي استكشـاف مصـادر هـذه القـوة، واتخـاذ خطـوات جـادة فـي تمكـن قوتهـا الناعمـة مـن الترويـج لهـا، ومـن أمثلـة هـذه الـدول الإمـارات العربيـة المتحـدة الـي وضعـت الاستراتيجية الوطنيـة للقـوة الناعمـة لدولـة الإمارات عـام 2017، وتمـت صياغتهـا وبلـورة رؤيتهـا ورسـم سياسـاتها العامـة ووضـع آليـات تنفيذهـا، وفـق الهـدف الرئيـس الـذي حـدده الشـيخ محمـد بـن راشـد آل مكتـوم، والمتمثل فـي تعزيز سمعة دولة الإمارات إقليمياً ودولياً وترسـيخ احترامهـا ومحبتهـا بيـن شـعوب الأرض، وإبـراز صـورة الإمارات الحضاريـة وإرثهـا وهويتهـا وثقافتهـا المميزة.

2. الشريعة الإسلامية

الشريعة الإسلامية هي النظام التشريعي الذي وضعه الله سبحانه وتعالى لتنظيم حياة الإنسان، وتشمل القواعد التي تحكم سلوكيات الأفراد والجماعات في مختلف جوانب الحياة، سواء كانت دينية أو دنيوية. الشريعة الإسلامية تستند إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، ولها تأثير بالغ في تنظيم العلاقات الإنسانية وتحقيق العدالة والمساواة، وتحث على الرحمة والتسامح بين الناس. هذه المبادئ يمكن أن تكون أساساً قوياً لبناء صورة إيجابية للدولة السورية. الشريعة ليست فقط مجموعة من الأحكام الفقهية، بل هي رؤية شاملة للحياة تؤكد على التسامح، العدالة، الرحمة, الكرامة الإنسانية, إعمار الأرض, وحفظ حقوق الإنسان، وهي قيم يمكن تسويقها كجزء من رسالة سوريا إلى العالم.

مفهوم الشريعة الإسلامية

الشريعة الإسلامية هي “ما شرعه الله تعالى لعباده من عقائد وعبادات، ومعاملات، وأخلاق، لتنظيم شؤون حياتهم وتحقيق سعادتهم في الدنيا والآخرة”. وتعني الشريعة في اللغة “الطريقة أو المنهج”، وفي الاصطلاح، هي الأحكام الإلهية التي تشمل جميع جوانب الحياة البشرية. كما يتفق العلماء على أن الشريعة تتمثل في المصادر الأساسية مثل القرآن الكريم، والسنة النبوية، بالإضافة إلى الإجماع والقياس.

وفي تعريف آخر لها، قال الإمام الشاطبي: هي “الخطاب الإلهي المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع” (الموافقات، الشاطبي، ج1، ص33).

فالله سبحانه وتعالى لم يخلق هذا الكون عبثاً ولم يتركه سدى، بل خلق الإنسان لعبادته وحده لا شريك له. وسخر هذا الكون لأداء هذه المهمة وتسهيلها العظيمة فقال تعالى:   }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{ .] الذاريات: 56[.

ومن مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان، كما قال تعالى:} وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا{. ]الإسراء: 70[

وشرع له الشرائع التي تهدف إلى مصلحته الدنيوية والأخروية وتسهل عليه القيام بأداء المهمة التي من أجلها خلق.

مبادئ الشريعة الإسلامية

  • تحقيق العدل والمساواة: الشريعة تهدف إلى تحقيق العدالة بين الأفراد في جميع تعاملاتهم، وهذا يتجسد في مبدأ “العدل” الذي يعد من أهم مقاصد الشريعة. قال الله تعالى: }إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ{ ]النحل: 90[. وقال تعالى: }لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ{ ]الحديد: 25[.

فقد بينت هذه الآية الكريمة، أن إرسال الرسل جميعاً، وإيتاءهم البينات، وإنزال الكتاب والميزان، إنما كان لأجل مقصد واحد هو: إقامة القسط بين الناس. وقوله: (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ): ليعمل الناس بينهم بالعدل. و(القيام) في الآية: مجاز في صلاح الأحوال واستقامتها؛ لأنه سبب لتيسير العمل. و(القسط): العدل في جميع الأمور، فهو أعم من (الميزان) المذكور؛ لاختصاصه بالعدل بين متنازعين، وأما (القسط) فهو إجراء أمور الناس على ما يقتضيه الحق، فهو عدل عام. ويكون المراد بقوله سبحانه: {ليقوم الناس بالقسط}: أمر الناس بالعدل في معاملاتهم؛ وطريق ذلك، اتباع الرسل فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا به، فإن الذي جاؤوا به هو الحق المبين. ثم هنا ينبغي التنبيه على أن (القسط) لا ينحصر في الحكم بين المتخاصمين، وفي إعطاء الناس حقوقهم فحسب، بل هو مطلوب في كل شيء، وفي كل مجال، وعلى المستويات كافة. فـ (القسط) يكون بين العبد وربه، وبين المسلم وأخيه، وبين المسلم وعدوه، وبين الحاكم والمحكوم، وبين الرئيس والمرؤوس، وبين الغني والفقير، وبين الضعيف والقوي. قال الآلوسي: “القسط: لفظ جامع مشتمل على جميع ما ينبغي الاتصاف به معاشاً ومعاداً”.

  • رفع الحرج والتيسير: الشريعة تركز على تيسير الأمور على الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم. قال تعالى: “وما جعل عليكم في الدين من حرج” (الحج: 78).
  • تحقيق المصلحة ودرء المفسدة: من المبادئ الأساسية للشريعة أن تحقق المصلحة العامة وتعمل على تجنب الأضرار والمفاسد. طبقًا للقاعدة الفقهية: “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”. كذلك فإن الإمام الشاطبي عدّ “تحصيل المصالح ودفع المفاسد” من مقاصد الشريعة، وبيّن أن مكارم الأخلاق تدخل في المصالح الضرورية والتحسينية، فهي ركن في حفظ الدين والنفس والعقل والعِرض.
  • مكارم الأخلاق: من أبرز مبادئ الشريعة الإسلامية التي تسهم في تحسين الصورة الذهنية للدولة السورية هو مبدأ مكارم الأخلاق، الذي يشكل جوهر الرسالة الإسلامية وركيزة أساسية في العلاقات الإنسانية. فالشريعة تحث على الصدق، والعدل، والتسامح، والرحمة، والإحسان، وهي قيم إنسانية عالمية إذا ما تم تفعيلها في الخطاب والسلوك العام تعكس صورة حضارية عن الدولة والمجتمع. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، مما يبرز أن الأخلاق ليست فرعاً في الدين بل غاية من غاياته. وتفعيل هذه المبادئ في المؤسسات، والتعليم، والإعلام يعزز الثقة المجتمعية، ويقدم سوريا كنموذج للتعايش والقيم الرفيعة في الداخل والخارج. وقد أفرد الغزالي فصولاً مطوّلة عن تهذيب النفس، وأخلاق المسلم، مؤكّداً أن الأخلاق الفاضلة هي ثمرة العلم والعمل الصالح، ومقصد رئيس من مقاصد الشرع. كذلك ذكر الريسوني أن “الأخلاق ليست تابعة، بل هي جزء من كليات الشريعة التي تسعى لحفظ القيم الإنسانية في المجتمع المسلم”.
  • الرحمة والتسامح: } وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ{ حيث تُعد القيم الإسلامية من مبادئ الشريعة مثل العدالة، والتسامح والرحمة من القيم التي يمكن أن تُسهم في بناء صورة ذهنية إيجابية. فقد أظهرت الدراسات أن الدول التي تتبنى هذه القيم في سياساتها الداخلية والخارجية تحظى باحترام المجتمع الدولي وتقديره, ومن هنا يمكن تبني رسالة أن سوريا تتبنى الإسلام الذي يبني لا يهدم.
  • حفظ الضروريات الخمس: وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال. فالشريعة تهدف إلى حماية هذه الضروريات كأساس لتحقيق الاستقرار والأمن الاجتماعي.
  • المرونة والصلاحية لكل زمان ومكان: الشريعة ليست مجرد مجموعة من الأحكام الثابتة، بل إنها تتضمن قواعد مرنة تتيح الاجتهاد بحسب المتغيرات الزمانية والمكانية، مع الحفاظ على المبادئ الثابتة.
  • إتقان العمل: يعدّ إتقان العمل من المبادئ الأساسية التي حثّت عليها الشريعة الإسلامية، لما فيه من تحقيق لمقاصد الشريعة في الإعمار والإصلاح وتحقيق المنفعة العامة. وقد بيّن الله تعالى أن التفاضل بين الناس عنده يكون على أساس جودة العمل، لا كثرته، فقال سبحانه وتعالى: } الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {[الملك: 2]، أي أحسن عملاً من حيث الإخلاص والإتقان. كما أمر الله تعالى بالعمل الصالح في قوله: } وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ { [التوبة: 105]، وفي ذلك تأكيد على مراقبة العمل وجودته. وقد جاء في الحديث النبوي الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” (رواه البيهقي في “شعب الإيمان”)، مما يدل على أن الإتقان محبوب إلى الله، ومطلوب في كل جوانب الحياة. وإتقان العمل لا يقتصر على الجانب الحرفي أو المهني، بل يشمل أداء المسؤوليات بإخلاص وكفاءة وأمانة. ويُظهر الفقه الإسلامي اهتمامه البالغ بهذا المبدأ من خلال اشتراط الكفاءة في تولي المناصب، وتحريم الغش في المعاملات، والتأكيد على الصدق والأمانة في أداء الواجبات. كما تشير الدراسات الشرعية إلى أن إتقان العمل يُعدّ من مقاصد الشريعة، فقد ذكر (السعد, 1432ه) أن: “إتقان العمل يُعدّ من مقاصد الشريعة التي تحقق مصالح العباد، وتندرج تحت أصل عام هو حفظ النظام وتحقيق الكفاءة في الأداء”.

3. الصورة الذهنية

في التسويق، تُعرّف الصورة الذهنية للعلامة التجارية (Brand Image) بأنها:

 “الانطباعات والتصورات التي تتكون في ذهن الجمهور عن منتج أو شركة بناءً على الرسائل الاتصالية، التجربة، السمعة، والقيم المتضمنة”.

بالمثل، فإن الصورة الذهنية للدولة (Country Image) تُشير إلى: “الانطباع العام الذي يشكّله المجتمع الدولي والمحلي عن الدولة، من حيث قيمها، ثقافتها، نظامها السياسي، سلوكها الخارجي، وإنجازاتها”. كذلك فإن الصورة الذهنية هي الانطباع العام الذي يترسخ في ذهن الفرد أو الجماعة حول دولة ما، وتُبنى هذه الصورة على مجموعة من العوامل المتنوعة مثل:

  • التاريخ والثقافة: العوامل التاريخية التي ترتبط بدولة ما، مثل حروبها أو انتصاراتها أو دورها في الأحداث العالمية.
  • الإعلام: تغطية وسائل الإعلام الوطنية والدولية للأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة.
  • التجارب الشخصية: زيارة الدولة أو التعامل مع مواطنيها في مجالات مختلفة.
  • الدبلوماسية والعلاقات الدولية: كيف تُعامل الدولة في الساحة الدولية من خلال اتفاقياتها أو تحالفاتها أو تناقضاتها.

كما أن الصورة الذهنية لا تُعد مجرد عامل في التسويق التجاري، بل هي أيضاً جزء لا يتجزأ من العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي. حيث تُمثل الصورة الذهنية للدولة مزيجاً من الانطباعات والمشاعر التي تتركها الدولة في أذهان الجمهور المحلي والدولي بناءً على تصرفاتها وأفعالها.

كما أن استخدام القوة الناعمة من خلال الصورة الذهنية التي تروج لها سوريا يمكن أن يعزز مكانتها في الساحة الدولية. على سبيل المثال، قوة الصورة الذهنية للدولة السورية يمكن أن تتشكل من خلال دبلوماسية الثقافة، الإعلام، والأنشطة الإنسانية التي تسهم في تعزيز صورتها كدولة تُعنى بالسلام والعدالة والإصلاح.

4. أهمية الصورة الذهنية للدولة في سياق إعادة الإعمار:

كما تحتاج العلامة التجارية التي مرت بأزمة إلى إعادة بناء سمعتها من خلال استراتيجيات العلاقات العامة والتسويق، فإن الدولة السورية بعد سنوات من النزاع تحتاج إلى:

  • تحديد هويتها الجديدة: بناء على القيم الإسلامية المعتدلة والهوية السورية الجامعة.
  • التواصل مع جمهورها المحلي والدولي: عبر وسائل إعلام شفافة وفاعلة.
  • استعادة الثقة: من خلال إصلاح المؤسسات وتفعيل المشاركة المجتمعية.
  • تمييز نفسها إقليمياً: كما تفعل العلامات التجارية التنافسية.

حيث تتجلى أهمية الصورة الذهنية للدولة في النقاط التالية:

التأثير على العلاقات الدولية: الصورة الذهنية تؤدي دوراً كبيراً في العلاقات بين الدول، حيث يؤثر الانطباع الذي تكونه الدول عن بعضها في التعاون أو النزاع. دولة تتمتع بصورة ذهنية إيجابية قد تكون أكثر قدرة على تشكيل تحالفات استراتيجية، في حين أن دولة ذات صورة سلبية قد تواجه صعوبات في بناء علاقات دبلوماسية قوية.

الاستثمار والتجارة الدولية: الشركات والدول تتخذ قرارات الاستثمار والتجارة بناءً على التصورات العامة حول بيئة الأعمال في دول معينة. الصورة الذهنية للدولة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية.

السياحة والتبادل الثقافي: الصورة الذهنية للدولة تؤثر أيضاً على صناعة السياحة. إذا كانت صورة الدولة إيجابية، فهذا يعزز من تدفق السياح والزوار. بالإضافة إلى ذلك، قد تشجع الصورة الإيجابية على التبادل الثقافي.

التحفيز على الإصلاحات الداخلية: الصورة الذهنية السلبية قد تدفع الحكومة إلى تحسين صورتها من خلال إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. على العكس، الصورة الذهنية الإيجابية قد تمنح الحكومة مزيداً من الدعم الشعبي وتزيد من قوتها الداخلية.

5. العوامل المؤثرة في تكوين الصورة الذهنية للدولة

  • الإعلام: تؤدي وسائل الإعلام دوراً بارزاً في تشكيل صورة الدولة. البرامج الوثائقية، والتقارير الصحفية يمكن أن تسهم في بناء صورة دولة معينة أو تدميرها.
  • الهوية الثقافية: الدول التي تحافظ على هوية ثقافية قوية قد تملك صورة ذهنية مستقرة، بينما الدول التي تتعرض لتهديدات ثقافية قد تجد صعوبة في الحفاظ على صورتها.
  • التوجهات السياسية: القادة السياسيون واختياراتهم في السياسة الخارجية يمكن أن تكون لها آثار طويلة الأمد على صورة الدولة. على سبيل المثال، السياسات المتشددة أو الممارسات غير الديمقراطية قد تؤدي إلى صورة سلبية.
  • الأحداث الدولية: أي أزمة أو حدث دولي يطال الدولة يمكن أن يؤثر بشكل بالغ في صورة هذه الدولة. الأزمات الاقتصادية أو الحروب أو الانتهاكات لحقوق الإنسان قد تلقي بظلالها على الانطباع العام حول الدولة.

6. كيف تبني الدول صورة ذهنية إيجابية

لبناء صورة ذهنية إيجابية يمكن اتباع استراتيجيات متعددة ومتنوعة تشمل:

  • الشفافية والمصداقية: تقديم المعلومات بشكل دقيق وواضح يعزز من مصداقية الدولة.
  • التفاعل مع المجتمع الدولي: المشاركة الفعالة في المنظمات الدولية والعمل على تسوية النزاعات بطرق سلمية يعزز من مكانة الدولة.
  • التنمية المستدامة: المبادرات التي تهدف إلى تحسين مستوى الحياة في الدولة، سواء في مجال التعليم، الصحة، أو الاقتصاد، تؤدي دوراً مهماً في تحسين الصورة الذهنية.
  • إبراز الإنجازات: عرض النجاحات على الساحة الدولية يمكن أن يسهم في بناء صورة إيجابية، مثل الانتصارات الرياضية أو تقدم الأبحاث العلمية.

وعلى الرغم من أهمية بناء صورة ذهنية إيجابية، إلا أن هناك تحديات تواجه الدول في هذا المجال، مثل:

  • التغطية الإعلامية السلبية: قد تواجه الدولة صعوبة في تغيير الانطباع العام إذا كانت وسائل الإعلام تركز فقط على السلبيات.
  • الاختلافات الثقافية: يمكن أن تؤثر الفروقات الثقافية على كيفية تفسير الأحداث والقرارات السياسية، مما يؤدي إلى تفاوت في الصورة الذهنية بين دول وثقافات مختلفة.
  • التغيرات السياسية المفاجئة: التغيرات السريعة في القيادة السياسية أو السياسات الحكومية قد تؤثر على استقرار الصورة الذهنية.

وبالتالي قبل التسويق، يجب تحديد ما نريد أن يراه العالم في سوريا الجديدة. أي يجب تحديد ملامح “الصورة الذهنية الجديدة” لسوريا. مثلاً: سوريا بلد السلام بعد الحرب, سوريا بلد التاريخ والثقافة والحضارة, سوريا تحترم قيم الإسلام المعتدل والعدالة والتعايش, سوريا تنفتح على العالم من غير تفريط في هويتها.

7. تطبيق مبادئ التسويق الحديثة في تعزيز الصورة الذهنية للدولة السورية

أولاً: التسويق القائم على القيم (Value-Based Marketing)

التسويق القائم على القيم هو أحد التوجهات الحديثة في التسويق التي تركز على التفاعل مع الجمهور عبر القيم الإنسانية والثقافية والأخلاقية، بدلاً من التركيز فقط على المنتجات أو الخدمات. يُعد هذا النوع من التسويق مهماً عندما يتعلق الأمر ببناء صورة ذهنية لدولة تتطلع إلى إعادة تعريف نفسها بعد الأزمات.

في حالة الدولة السورية الجديدة، يمكن تبني القيم الإسلامية المعتدلة كمرتكز رئيسي في بناء هذه الصورة، مثل العدالة، التسامح، والرحمة، مع التركيز على مبادئ الشريعة الإسلامية في سياسات الدولة الداخلية والخارجية. من خلال تسويق مشاريعها التي تعكس هذه القيم، مثل العدالة الانتقالية والمصالحة، يمكن لسوريا تقديم نفسها كدولة تسعى للسلام الداخلي وتعمل على بناء مجتمع منفتح ومتسامح.

مثالًا على ذلك، ماليزيا قامت بتسويق نفسها كدولة إسلامية معتدلة تروج لقيمها الثقافية والاجتماعية في السياحة والاقتصاد.

ثانياً: التسويق الرقمي (Digital Marketing)

يُعدُّ التسويق الرقمي أداة حيوية في العصر الحديث للوصول إلى الجمهور على نطاق عالمي. يعتمد التسويق الرقمي على استخدام الوسائط الإلكترونية والإنترنت عبر منصات مثل وسائل التواصل الاجتماعي، المواقع الإلكترونية، والبريد الإلكتروني لبناء الصورة الذهنية وتعزيزها.

في حالة الدولة السورية الجديدة، يمكن إطلاق حملات رقمية تُظهر الجوانب الإيجابية لسوريا من خلال تسويق قصص النجاح والتغيير بدلاً من التركيز على الخطاب السياسي أو العسكري. يمكن استخدام اللغات الأجنبية لتوجيه الرسائل نحو جمهور عالمي، مع إبراز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، خاصة في السياق المحلي والعالمي.

منصات مثل يوتيوب وإنستغرام يمكن أن تكون مؤثرة للغاية في نشر رسائل جديدة ومحتوى مرئي يبرز الجوانب الثقافية والاجتماعية لسوريا. كما يمكن استخدام لينكدإن لعرض اسهامات السوريين في الخارج والداخل، وبالتالي تحسين الصورة الذهنية من خلال تسليط الضوء على التقدم الاجتماعي والاقتصادي.

فمن خلال المنصات الرقمية مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام، يمكن للدولة السورية نشر رسائلها وتبادل الأفكار والقصص التي تعكس القيم الإسلامية المعتدلة. على سبيل المثال، تسويق القصص الناجحة للمواطنين السوريين الذين عادوا إلى بلادهم بعد الحرب، والمشاركة في إعادة بناء المجتمع.

كذلك فإن استخدام الوسائط المتعددة (صور، فيديوهات) التي تُبرز التعايش بين الطوائف والأديان في سوريا يُسهم في تقوية صورة سوريا كدولة تعددية، وبالتالي تعزز من حضورها في الوعي العالمي كدولة ديمقراطية معاصرة. هذه الحملات الرقمية هي الأداة المثلى لتعريف المجتمع الدولي بالتقدم الذي تحقق في سوريا.

ثالثاً: التسويق الاجتماعي (Social Marketing)

يشمل التسويق الاجتماعي استخدام استراتيجيات التسويق لتغيير سلوكيات المجتمع إلى الأفضل دون الحاجة لتحقيق أرباح اقتصادية مباشرة. يعتمد التسويق الاجتماعي على توجيه الجهود التسويقية نحو تحقيق أهداف اجتماعية مشتركة تسهم في تحسين نوعية الحياة للمواطنين.

في سياق الدولة السورية الجديدة، يمكن تنفيذ حملات توعية اجتماعية تشجع الاندماج الوطني بعد سنوات من النزاع. مثالاً على ذلك، إطلاق حملات مثل “نحن سوريا الجديدة” أو “عدنا نبني معًا”، بهدف تحفيز الوحدة الاجتماعية وتحديد هوية وطنية مشتركة لجميع المواطنين. كما يمكن تسويق السلوكيات المدنية الإيجابية، مثل احترام القانون والتعايش السلمي بين الطوائف المختلفة.

كذلك يمكن تقوية العلاقة بين الدولة والمجتمع المحلي والعالمي، حيث إنه يمكن للتسويق الاجتماعي أن يكون وسيلة فعّالة في إعادة بناء الصورة الذهنية من خلال حملات توعية تُركّز على القيم الإنسانية والتعايش السلمي بين المكونات الاجتماعية المختلفة في سوريا. على سبيل المثال، الحملات التي تدعو إلى التسامح واحترام التنوع الديني والثقافي من خلال أنشطة مجتمعية مثل: ورشات عمل عن التسامح الديني، مؤتمرات تروج للسلام الاجتماعي، مشاريع إعلامية تعرض قصص النجاحات المجتمعية.

رابعاً: تسويق الهوية الوطنية 

تسويق الهوية الوطنية يعد من المفاهيم الحديثة التي تُستخدم لتحديد مكانة الدولة بين الدول الأخرى. في هذا السياق، تُعتبر الدولة نفسها علامة تجارية لها هويتها الخاصة التي تميزها عن باقي الدول.

في حالة الدولة السورية الجديدة، يجب تحديد سردية موحدة تمثل جميع أطياف الشعب السوري، مثل: “سوريا الحضارة، سوريا التعدد، سوريا الأمل”. كذلك، يجب تصميم هوية بصرية جديدة مع شعار وطني يعكس هذه القيم، وكذلك موسيقى وطنية معاصرة تبرز الهوية الثقافية السورية. يمكن بناء شخصية الدولة (Brand Personality) على قيم مثل “العدالة، والرحمة، والانفتاح”.

خامساً: التسويق لسوريا كعلامة تجارية

وفقاً لإطار Simon Anholt حول “Nation Branding”، فإن تسويق الدولة يشمل:

  • السياسة العامة (Governance): إدارة الشؤون العامة بشفافية وعدالة.
  • الثقافة والتراث: تسويق الثقافة السورية كقوة ناعمة.
  • الاستثمار والاقتصاد: تشجيع بيئة أعمال داعمة.
  • الشعب: تسويق كفاءات المواطن السوري واسهاماته.
  • السياسة الخارجية: تعزيز السلام والشراكة.

وكما تلتزم العلامات التجارية الناجحة بأخلاقيات الأعمال (مثل الاستدامة والشفافية)، فإن اعتماد الدولة السورية على مبادئ الشريعة الإسلامية المعتدلة (كالعدل، والإحسان، والمسؤولية الجماعية) يجعل من “العلامة السورية” نموذجاً أخلاقياً فريداً، خاصة في سوق الدول الإسلامية والعربية.

إن تطبيق مبادئ التسويق الحديثة والقوة الناعمة في تسويق الصورة الذهنية للدولة السورية الجديدة يُعد خطوة حيوية لإعادة بناء هذه الصورة على أسس من القيم الإنسانية والإسلامية المعتدلة. من خلال تبني استراتيجيات تسويق مبتكرة والتفاعل مع المجتمع الدولي، حيث يمكن لسوريا أن تُعزز مكانتها في العالم، وتُظهر للعالم أجمع أنها دولة تسعى إلى بناء مستقبل مزدهر قائم على العدالة، الرحمة، والتسامح.

.8 استراتيجيات مقترحة لتحسين الصورة الذهنية

  • إبراز الوجه الحضاري للإسلام في سوريا: يمكن تعزيز الصورة الإيجابية لسوريا من خلال تسويق تاريخها الغني كمركز حضاري إسلامي، مثل: إبراز دمشق كمركز ثقافي تاريخي, تسويق المعالم الإسلامية في سوريا مثل مسجد بني أمية والجامعات القديمة كمراكز للعلم والفكر, واستخدام الفنون الإسلامية كأداة ناعمة, إقامة معارض للخط العربي والفن الإسلامي الدمشقي في دول العالم لتسليط الضوء على التراث الثقافي, كذلك يمكن تنظيم مهرجانات للإنشاد الديني لتعريف العالم بالحضارة السورية والتسامح الديني.
  • تعزيز وسائل الإعلام والتواصل الرقمي: استخدام الوسائل الإعلامية لنقل رسائل سوريا كدولة معتدلة ذات تاريخ ثقافي غني، مثل إنتاج وثائقيات ومحتوى رقمي عن التسامح الديني في سوريا, تنظيم حملات رقمية عبر منصات مثل YouTube وTikTok لعرض صور إيجابية ومؤثرة عن سوريا.
  • تفعيل الدبلوماسية الثقافية: إقامة منتديات حوارية ومؤتمرات دولية تحت شعار “سوريا الاعتدال”، وتعزيز العلاقات الثقافية مع الدول الإسلامية والعالمية, دعم التبادل الثقافي والعلمي بين الجامعات السورية والدول الأخرى لتعزيز التفاهم والتسامح بين الشعوب.
  • تعزيز الدور الديني المعتدل: دعم علماء الدين المعتدلين في نشر القيم الإسلامية الوسيطة التي تروج للسلام والتعاون, تطوير برامج تعليمية ودينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتوضيح المفاهيم الصحيحة للإسلام التي تعزز العدالة والسلام.
  • التفاعل مع المجتمع الدولي وبناء شبكة من التحالفات الدولية: إن التحالفات الدولية تسهم في توجيه وتشكيل صورة الدولة في عيون الجمهور الدولي. في هذا السياق، تُمثل الدبلوماسية الثقافية أحد المحاور الرئيسية التي يمكن لسوريا الاستفادة منها في ترويج صورة ذهنية إيجابية. سوريا الجديدة يمكنها الانضمام إلى المنتديات الدولية التي تُعنى بالقيم الإنسانية, لتكون شريكًا موثوقًا في نشر قيم التسامح، التعاون، والإصلاح. إضافة إلى ذلك، يمكن استخدام القوة الناعمة للتواصل مع الدول التي تشارك سوريا القيم الثقافية نفسها مما يسهم في تعزيز صورتها الخارجية على المستوى السياسي والاقتصادي.
  • قياس النجاح وتقييم فعالية استراتيجيات تسويق الصورة الذهنية: من أجل تقييم فعالية استراتيجيات تسويق الصورة الذهنية، يُوصى باستخدام مؤشرات الأداء الرئيسية, مثل:

معدل التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، التأثير على الرأي العام المحلي والدولي، التغيرات في السياسات الدولية تجاه الدولة السورية، الاستجابة للمبادرات الثقافية. كما يُستحسن إجراء استطلاعات رأي من خلال مراكز الدراسات البحثية لقياس مدى تطور الصورة الذهنية لدى الجمهور.

  • التركيز على اللغة الإيجابية غير الوعظية في المنتجات الإعلامية:

إن التركيز على اللغة الإيجابية غير الوعظية في المنتجات الإعلامية هو أسلوب فعال لتحسين الصورة الذهنية لدولة معينة، خصوصًا عندما يتبع هذا الأسلوب قيمًا مثل التسامح، العدالة، والاعتدال ومن الطرق الممكن اتباعها لتحقيق ذلك:

  • تجنب الخطاب الوعظي المباشر: الخطاب الوعظي، والذي يكون محملاً بنصائح دينية أو أخلاقية مباشرة قد يواجه صعوبة في جذب الجمهور الحديث. بدلًا من ذلك، يجب استخدام لغة دافئة وموجهة نحو الحوار، بحيث تركز على إبراز القيم دون أن تبدو كأنها محاضرة أو تعليم.

مثال: بدلاً من استخدام عبارات مثل “يجب علينا أن نكون متسامحين”، يمكن استخدام جمل مثل “نعيش معًا في مجتمع مزدهر، حيث يسود التسامح والسلام بين الجميع”. هذه العبارات توضح القيمة المطلوبة بشكل غير مباشر، مما يسمح للجمهور بالتفاعل معها بطريقة إيجابية.

  • استعراض القصص الإنسانية الملهمة: بدلاً من التركيز على المفاهيم المجردة، يمكن استخدام القصص الحقيقية أو القصص المعبرة التي توضح القيم المأمولة. هذه القصص يمكن أن تكون حقيقية أو مستوحاة من واقع الناس في سوريا وتسلط الضوء على مفاهيم مثل التعاون، التضامن، والتسامح.

مثال: تقديم تقارير أو أفلام قصيرة تروي تجارب حقيقية لأشخاص عابرين للطوائف أو الثقافات، قاموا بالمساهمة في إعادة بناء مجتمعهم بعد تحديات كبيرة. هذا النوع من السرد القصصي الإيجابي يظهر القيم بطريقة ملموسة.

  • التركيز على القيم المشتركة: بدلاً من الإشارة إلى الاختلافات بين الثقافات أو الأديان، يجب التركيز على القيم المشتركة التي يتفق عليها معظم الناس في العالم. مثل العدالة، والحرية، واحترام حقوق الإنسان، وهذه القيم لها قبول عالمي وتربط الناس ببعضهم البعض. مثال: بدلاً من الحديث عن الاختلافات الدينية، يمكن التركيز على أن سوريا “تسعى لتعزيز قيم العدل والمساواة بين جميع أفراد المجتمع”. هذه العبارة تضع سوريا كداعم لقيم إنسانية شاملة.
  • استخدام لغة بصرية إيجابية: اللغة البصرية تلعب دوراً مهماً في تعزيز الرسائل غير الوعظية. يمكن دمج الصور أو الفيديوهات التي تبرز التعايش السلمي بين مختلف الطوائف، والفئات العمرية، والجنسيات في المجتمع السوري. مثال: في الحملات الإعلامية، يمكن استخدام صور تعكس تفاعل الأطفال، والعائلات، والشباب من مختلف الخلفيات في مناسبات اجتماعية أو ثقافية، مثل المهرجانات أو المناسبات الوطنية.
  • التركيز على الإنجازات والتقدم: بدلاً من الانشغال بالمشاكل والتحديات، يمكن إبراز الإنجازات والتقدم المحرز في سوريا في مجالات الصحة، والتعليم، والفن. هذا يعطي انطباعاً قوياً عن قدرة سوريا على التغلب على الصعاب وبناء مستقبل مشرق. مثال: تسليط الضوء على الإنجازات العلمية أو التطورات الثقافية في سوريا، مثل تقدم الطلاب السوريين في الخارج، أو الأنشطة المجتمعية التي تهدف إلى بناء السلام الداخلي، دون أن تكون الرسالة عاطفية أو إرشادية.
  • الابتعاد عن الاتهامات السلبية: من الضروري الابتعاد عن استخدام اللغة التي تلوم أو تتهم، حيث يمكن أن تثير الاستجابة العاطفية السلبية. بدلًا من ذلك، يُفضل استخدام لغة تدعو إلى التعاون والتفاؤل مع التركيز على الفرص المستقبلية. مثال: بدلاً من قول “واجهنا تحديات وصعوبات كبيرة بسبب النزاع”، يمكن قول “رغم التحديات، استطعنا بناء أساس قوي للمستقبل ونمضي قدمًا نحو السلام والتطور”. هذه العبارة تركز على الإنجاز والتفاؤل.
  • التوجيه نحو الحلول بدلاً من التركيز على المشكلة: التأكيد على الحلول المستدامة وأهمية التعاون بين جميع الفئات لتجاوز الصعوبات يخلق رسائل إيجابية وبناءة. مثال: بدلاً من التحدث عن الصراع أو التوترات، يمكن تركيز الرسالة على التعاون لإعادة بناء سوريا، مثل “من خلال العمل المشترك، نبني سوريا من جديد لتكون أكثر قوة ووحدة”.
  • التطبيق الإعلامي لهذه الأفكار

وسائل الإعلام التقليدية (التلفزيون، الراديو): إعداد برامج وثائقية أو تقارير إخبارية تتناول قصص نجاح حقيقية لشخصيات سورية من مختلف الخلفيات.

الوسائل الرقمية (السوشيال ميديا): إنشاء حملات على منصات مثل فيسبوك، تويتر، وإنستغرام لعرض محتوى يحكي قصصاً عن التعايش السلمي والإنجازات الشخصية، مثل قصص نجاح الفتيات السوريات في التعليم أو الشباب الذين يسهمون في الأعمال الخيرية.

الفيديوهات القصيرة (TikTok/YouTube Shorts): استخدام الفيديوهات القصيرة لعرض لقطات تبرز الحياة اليومية الطبيعية والإيجابية للمواطنين السوريين، مع تسليط الضوء على الروح المجتمعية.

التركيز على اللغة الإيجابية غير الوعظية في كل هذه الأنشطة الإعلامية من شأنه أن يعزز صورة سوريا كدولة ذات قيم إنسانية غنية، ويخلق تأثيراً مستداماً في المخيلة العالمية بعيداً عن الخطابات السياسية التقليدية.

خاتمة

إن استخدام القوة الناعمة، بالتوازي مع المبادئ الأساسية في الشريعة الإسلامية، يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين الصورة الذهنية للدولة السورية. من خلال الترويج للثقافة السورية والإسلام المعتدل، يمكن لسوريا أن تقدم نفسها كدولة ذات تاريخ غني بالعلم والحضارة، ويجب أن يتم التركيز على الرسائل التي تعكس السلام والاعتدال لضمان قبول عالمي أوسع. حيث إن إعادة تشكيل الصورة الذهنية لسوريا كعلامة تجارية يضع الأساس لاستراتيجية وطنية متكاملة تقوم على: القيم الأخلاقية الإسلامية، ومبادئ التسويق الحديث، وكذلك وسائل القوة الناعمة.

المراجع العربية:

  1. بن تومي, محمد إسلام, سعايدية, حسام, رهواج, & ياسر. (2023). دور العلاقات العامة في تحسين الصورة الذهنية للمؤسسة.
  2. حنان عاطف كمال الدين. (2025). التغطية الإعلامية للمهرجانات السياحية بمواقع التواصل الاجتماعي وعلاقتها بصورة العلامة التجارية الوطنية للدولة لدى الجمهور الخارجي. المجلة العربية لبحوث الاتصال والإعلام الرقمي, 4(7), 71-124.
  3. درويش اللبان, & شريف. (2024). الثورة الرقمية وتحولات القوة الناعمة. المجلة العربية لبحوث الإعلام والاتصال. (46), 6-9.
  4. الريسوني، أ. (1992). المدخل إلى مقاصد الشريعة. الرباط: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
  5. الزحيلي، وهبة. أصول الفقه الإسلامي. دار الفكر، دمشق، الطبعة السابعة.
  6. سعد, & كريمه. (2025). دور مبادرة حياة كريمة على مواقع التواصل الاجتماعي في تدعيم الصورة الذهنية للدولة. مجلة کلية الآداب جامعة أسوان, 17(1), 595-619.
  7. السعد، ع. ب. ع. (2011). إتقان العمل في ضوء مقاصد الشريعة. مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، (50)، 1-40.
  8. الشاطبي، إ. ب. م. (1997). الموافقات في أصول الشريعة (تحقيق عبد الله دراز، ط. 1). بيروت: دار المعرفة.
  9. عاشور, & سالي محمود. (2012). القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية (عرض كتاب). المجلة الاجتماعية القومية49(3), 165-174.
  10. عبد الله، م. (2017). الهوية الثقافية في العالم العربي: دراسة في الإعلام والاقتصاد. بيروت: دار الفكر.
  11. عبدالعظيم أبوالنجا. (2016). تأثير الصورة الذهنية للدولة والصورة الذهنية للمنتج على قيمة العلامة التجارية ونوايا الشراء بالتطبيق على منتج السيارات الصينية في السوق المصري. المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة, 46(2), 157-219.
  12. الغزالي، أ. ح. (2005). إحياء علوم الدين. بيروت: دار المعرفة.
  13. القرضاوي، يوسف. مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية. مكتبة وهبة، 2001م.
  14. مستور السلمي, عبد الوهاب, طه القحطاني, & وائل. (2024). الفعاليات الرياضية العالمية كقوة ناعمة في صناعة الصورة الذهنية للمملكة العربية السعودية: الفورمولا ١ أنموذجاً. مجلة البحوث والدراسات الإعلامية, 27(27), 397-470.
  15. الهواري، محمد. (2017). القيم الأخلاقية في الشريعة الإسلامية: دراسة تحليلية في ضوء مقاصد الشريعة. مجلة الدراسات الإسلامية، جامعة أم القرى، 29(1)، 85–112

المراجع الأجنبية:

  1. Alserhan, B. A. (2010). On Islamic branding: Brands as good deeds. Journal of Islamic Marketing, 1(2), 101–106.
  2. Hao, A. W., Paul, J., Trott, S., Guo, C., & Wu, H. H. (2021). Two decades of research on nation branding: A review and future research agenda. International Marketing Review38(1), 46-69.‏
  3. Kaplan, A. M., & Haenlein, M. (2010). Users of the world, unite! The challenges and opportunities of social media. Business Horizons, 53(1), 59–68. Kavaratzis, M. (2005). Place Branding: A Review of Trends and Conceptual Models. The Marketing Review, 5(4), 329–342.
  4. Kharabsheh, R., & Al-Msour, A. (2019). Measuring the impact of branding strategies on country image and international relations. International Journal of Strategic Communication, 13(2), 128-143.
  5. Kotler, P., & Lee, N. R. (2008). Social Marketing: Influencing Behaviors for Good. Sage Publications.
  6. Nye, J. S. (2004). Soft Power: The Means to Success in World Politics. Public Affairs
  7. Ohnesorge, H. W. (2020). Soft power. Reut Institute..‏
  8. Okdad, M. (2025). The Rise of Soft Power in Modern Diplomacy. In Innovations and Tactics for 21st Century Diplomacy(pp. 29-50).
  9. Rojas-Méndez, J. I., & Khoshnevis, M. (2023). Conceptualizing nation branding: the systematic literature review. Journal of Product & Brand Management32(1), 107-123.‏
  10. Singh, S., & Dhir, S. (2019). Structured review using TCCM and bibliometric analysis of international cause-related marketing, social marketing, and innovation of the firm. International Review on Public and Nonprofit Marketing16, 335-347.‏
  11. Zaharna, R. S. (2010). The Global Public Relations Handbook: Theory, Research, and Practice. Routledge.

تنفيذ إدارة المواقع الالكترونية في الجامعة الوطنية الخاصة 2025

أهلا وسهلا بكم في الواحة الأكاديمية للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة الموقع الرسمي للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة موقع الواحة الطلابية للجامعة الوطنيةانقر لزيارة موقع المكتبة الالكترونية للجامعة الوطنية الخاصة
Scroll to Top