الـجــامعــــة الــوطنيـــــة الـخــاصـــــة

الواحة الأكاديمية للجامعة الوطنية الخاصة

مسابقة أفضل مقالة علمية - كلية العلوم الإدارية والمالية -

عنوان المقالة العلمية : التحديات التنموية التي تواجه الاقتصاد السوري: الواقع والحلول المقترحة

الملخص:

يهدف المقال إلى تحليل التحديات التنموية التي تواجه الاقتصاد السوري، من خلال استعراض تطور القطاعات الاقتصادية المختلفة بين عامي 2010 و2022، بالاعتماد على آخر البيانات الرسمية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء، فقد تسببت الحرب بأضرار جسيمة طالت البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية، فانخفض الناتج المحلي الإجمالي، وارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، وتدهور سعر صرف الليرة السورية، كل ذلك في ظل بداية رفع العقوبات الدولية على سورية في 2025.

من أجل مواجهة هذه التحديات، يوصى بمجموعة من التوصيات منها: ضرورة دعم الجهات الإحصائية لتوفير بيانات دقيقة وحديثة، إضافة إلى التخطيط لمرحلة إعادة الإعمار مع تحديد الأولويات، كما يجب دعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي تسهم في تحقيق التّنمية الاقتصادية، مع التأكيد على أهمية تعزيز دور مصرف سورية المركزي في الرقابة على الصرف.

الكلمات المفتاحية: التحديات التنموية، التضخم، سعر الصرف، الناتج المحلي الإجمالي.

المقدمة:

منذ عام 2011 واجهت سورية تحديات تنموية هائلة أثرت بشكل كبير ومباشر على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وقد تعددت المشاكل التنموية التي تعاني منها سورية، بدءاً من تدمر البنى التحتية، وتزايد معدلات التضخم بشكل كبير والتي أثرت بشكل مباشر على المستوى المعيشي للأفراد، بالإضافة إلى تفشي الفقر والبطالة وصولاً إلى تدهور الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة.

ويأتي هذا المقال ليسلط الضوء على أبرز التحديات التنموية في سورية وفقاً لآخر تقرير صادر عن المكتب المركزي للإحصاء في 2023، مع تقديم بعض المقترحات لمعالجة تلك المشاكل والحد من تأثيراتها السلبية.

التحديات التنموية في سورية:

تواجه سورية مجموعة من التحديات التنموية البارزة والتي تفاقمت منذ عام 2011. ومنها:

  • الناتج المحلي الإجمالي: هناك العديد من العوامل التي أدت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة كتدمر البنى التحتية والعقوبات الاقتصادية على سورية فقد بلغ  1,494,595 مليون ل.س في عام 2010 في حين أنه بلغ  696,816 مليون ل.س في 2022 ]1[ ، كما في الشكل رقم (1):

الشكل رقم (1) الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على بيانات المكتب المركزي للإحصاء.

  • معدل التضخم: شهدت معدلات التضخم ارتفاعاً غير مسبوق متأثرة بجملة من العوامل كتدهور سعر الصرف والعقوبات الاقتصادية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فقد ارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك، من 142.10 في 2010 إلى 6876.5 في 2022. وقد بلغ معدل التضخم 60.06 في 2022.  . [2]
  • البطالة : فقد العديد من العمال وظائفهم وأعمالهم بسبب الحرب، فقد ازدادت معدلات البطالة من 8.6 % في 2010 إلى 23.7% في 2022.
  • سعر الصرف: تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي ليصل إلى 12,060 ل.س وفق النشرة الرسمية الصادرة عن مصرف سورية المركزي بتاريخ (22/4/2025) ، في حين أنه بلغ 45 ل.س في 2010، ويوضح الشكل رقم 2 تطور سعر الصرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي من 2010 و حتى 2022 . [2]

الشكل رقم (2) سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على بيانات المكتب المركزي للإحصاء.  

    • الصادرات: شهدت صادرات سوريا انخفاضاً بمقدار عشرة أضعاف من 18.4 مليار دولار أمريكي في عام 2010 إلى 1.0 مليار دولار أمريكي في عام 2023. [1]
    • قطاع التعليم:  تأثرت العملية التعليمية بشكل كبير، حيث أُغلِقَت العديد من المدارس، مما أدى إلى انخفاض مستويات التعليم، وقد شهد قطاع التعليم انخفاضاً في عدد مدارس التعليم الأساسي (الحلقة الأولى والثانية) عما كان عليه في 2010 حيث بلغ عدد المدارس (9147) في  2022  في حين أنه كان (15095) في عام  2010 . [2]  أما حالات التسرب الكبيرة من المدارس؛ ففي التعليم الأساسي الحلقة الأولى بلغت أعداد التلاميذ في 2010(  2,429,450) طالب في حين أنه في عام 2022 انخفض العدد إلى (2,120,120) طالب، وأما طلاب التعليم الأساسي الحلقة الثانية فقد بلغ عدد الطلاب في 2010 ( 2,232,422) طالب في حين أنه بلغ ( 854,756) طالب وذلك في 2022 أي بانخفاض قدره 38%، وكذلك الأمر بالنسبة إلى طلاب الثانوية العامة حيث انخفض إلى  371,384 ، في حين أنه بلغ في 2010 ( 392,960) . [2]
    • الفقر: وفقاً لتقرير رفاه الأسرة السورية الصادر عن البنك الدولي طال الفقر 69% من السكان، أي نحو 14.5 مليون سوري. وربما زاد حدة وشدة بسبب الآثار المدمرة لزلزال شباط 2023. . [3]، ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى تضاعف الفقر المدقع ستة أضعاف، من 11 في المائة إلى 66 في المائة في 2024.  [4]
    • القطاع الصحي: تأثر القطاع الصحي في سورية كباقي القطاعات الأخرى بشكل كبير، حيث تعاني المستشفيات من نقص المعدات والأدوية، كما انخفضت جودة الرعاية الصحية المقدمة للسكان، فقد تعرضت الكثير من المشافي والمراكز الصحية إلى التدمير والتخريب، والنقص في الكوادر الطبية والتجهيزات والمعدات الحديثة، بالإضافة إلى تعرض العديد من مصانع الأدوية إلى الأضرار والتلف ويعاني القطاع الصحي من عدد المشاكل منها انخفاض أعداد الأطباء، إلاّ أنّه بدأ بالتعافي حيث ازداد عدد المشافي في 2010 عما كان عليه من 648 إلى 700في 2022، وشهد قطاع الأدوية المصنعة محلياً تحسن فقد بلغ 6895 في 2010 في حين أنه في 2022 بلغ 10990 .  . [2]
    • الصناعة: إن الصناعات الاستخراجية من القطاعات الحيوية التي شهدت أيضاً انخفاض كبير في معدلاتها عما كانت عليه، مثلاً النفط الخام انخفض من 21,739 إلى 4711 ألف م 3, وكذلك الفوسفات من 3167 ألف طن  إلى 1998 ألف طن، وأما عن الصناعات التحويلية كالإسمنت من 6093 إلى 1917 ألف طن ، البنزين  927,743 طن إلى  615,340 طن  . [2]
    • وأما عن الكهرباء المولدة من قبل وزارة الكهرباء فنالت الأزمة منها أيضاً فقد انخفض توليد الكهرباء إلى 22,248 جيجاوات ساعة عام 2022 مقابل  46,590 جيجاوات ساعة عام 2010 [2]  ويشير تقرير للأمم المتحدة في 2024 إلى انخفاض إنتاج الطاقة بنسبة 80 في المائة، مع تضرر أكثر من 70 في المائة من محطات الطاقة وخطوط النقل، مما أدى إلى تقليص قدرة الشبكة الوطنية بأكثر من ثلاثة أرباع . [4]
    • السياحة: انخفض عدد السياح من 6,281,525 في 2010 إلى 1,570,508 في 2022، وهو ما يشير إلى عدم الاستفادة من إيرادات هذا القطاع خلال فترة الحرب. . [2]
    • الزراعة: القطاع الزراعي والذي له النصيب الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي في سورية فقد نالت منه الأزمة أيضاً، وفقاً لتقرير البنك الدولي في 2024 فقد شهدت سوريا انخفاضاً بنسبة 25 في المائة في الأراضي الزراعية المروية مقارنة بعام 2010. بالإضافة إلى صعوبة وصول المزارعين إلى المدخلات الأساسية لزراعة المحاصيل، بما في ذلك البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية والوقود وقطع الغيار للآلات، مما أدى إلى مزيد من تقليص الإنتاج الزراعي ولكل المحاصيل الزراعية [1]، فعلى سبيل المثال انخفض انتاج القمح من 1647  ألف طن في 2010 إلى 659  ألف طن في 2022، أما القطن من 217  ألف طن في 2010 إلى 33  ألف طن في 2022. [2]
    • الهجرة والنزوح: أدت الأوضاع الأمنية والاقتصادية إلى نزوح ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها. وفق تقرير البنك الدولي فقد أصبحت سورية تشكل أكبر أزمة نزوح قسري في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. فتستضيف البلدان المجاورة حاليًا 5.2 مليون لاجئ سوري مع مليون لاجئ إضافي يقيمون في أوروبا معظمهم في السويد وألمانيا. [3]

    أهم المقترحات لمواجهة التحديات التنموية التي يعاني منها الاقتصاد في الوقت الحالي:

    • دعم المكتب المركزي للإحصاء وكافة الجهات التي تزود الباحثين بالأرقام الفعلية في سورية ليتم الانطلاق منها من موضع صحيح، لإعداد دراسات تفصيلية وواضحة عن واقع الاقتصاد السوري ومشاركة أكبر شريحة ممكنة من المختصين في هذه الدراسات.
    • التهيئة والتجهيز لمرحلة الإعمار من خلال وضع الخطط وتأمين التمويل اللازم، وتحديد المشاريع ذات الأولوية القصوى مثل الكهرباء والطرق والجسور والموانئ والمطارات وشبكات المياه والصرف الصحي، والحرص على توفير بيئة آمنة للشركات والمستثمرين على حد سواء للبدء بعمليات الاستثمار.
    • الاهتمام بدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر نظراً لدورها الكبير في تحقيق التنمية الاقتصادية ولقدرتها الكبيرة على خفض معدلات البطالة في سورية.
    • التركيز على أهمية ودور مصرف سورية المركزي في الرقابة على الصرف، وتشجيع استخدام القنوات المصرفية الرسمية.
    • دعم القطاع الخاص من خلال:
      • تبسيط الإجراءات المتعلقة بإنشاء الشركات وتسجيل الملكية، وتشكيل منصات رقمية لتراخيص الأعمال لتسرع عملية التسجيل والبدء بالعمل.
      • توفير الكهرباء والوقود (مازوت – بنزين) بأسعار مدعومة وخاصة للمنشآت الصناعية والتجارية.
      • تسهيل الوصول إلى الأسواق الدولية من خلال عقد اتفاقيات تجارية مع الدول.
      • إعادة هيكلة ديون المتعثرين من خلال إعادة جدولة ديون التجار والصناعيين الذين تضررت أعمالهم بسبب الحرب.
    • تفعيل هيئة الاستثمار السورية من خلال عرض مجموعة من الفرص الاستثمارية بكافة المجالات وإتاحة الفرصة للمستثمرين للاطلاع على مقدار التمويل والشروط اللازمة.
    • تشجيع الاستثمار من خلال خفض الرسوم الجمركية على المستوردات وخاصة الآلات و المعدات وتشجيع القطاعات الصناعية بإعفائها من الضريبة لمدة زمنية معينة ومن الجدير بالذكر هنا صدور القرار رقم 37 لعام 2025 والذي ينص على إعفاء خطوط الإنتاج والآلات المستوردة من الرسوم الجمركية.  [6]
    • تطوير الموارد البشرية من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، وتوفير فرص العمل في القطاعات العامة والخاصة، و جذب الكفاءات السورية في الخارج وحثهم إلى العودة إلى سورية من خلال توفير بيئة استثمارية آمنة لهم.
    • دعم القطاع الصحي بالمعدات والكفاءات اللازمة لعودة القطاع إلى العمل وفق مجرياته الطبيعية.
    • الحد من التسرب المدرسي وذلك من خلال السعي إلى إعادة المتسربين إلى المدراس عن طريق البرامج التوعوية الهادفة والمقدمة إلى الأهالي والمتسربين على حد سواء.
    • التركيز على القطاع الزراعي نظراً لأن سورية بلد غنية بالثروات الزراعية من خلال توفير البذور والمعدات الزراعية وتوفير التمويل اللازم عن طريق المصرف الزراعي وبشروط ميسرة.
    • تعزيز التعاون الدولي من خلال جذب المساعدات الدولية لإعادة الإعمار، وأهمها السعي إلى إلغاء العقوبات المفروضة على سورية وفق قانون قيصر والتي بدأت بالتنفيذ منذ تاريخ 17/1/2025.
  1. World bank,2024, Economic Monitor Conflict- Crises- and the Collapse of Household Welfare , p 11.
  2. المكتب المركزي للإحصاء http://www.cbssyr.sy/.
  3. World bank,2024, The Welfare of Syrian Households after a Decade of Conflict, p6
  4. UNDP, 2025,The impact of the conflict in Syria, undp.
  5. خسائر الحرب التبعات الاقتصادية والاجتماعية للصراع في سوريا، 2017، تقرير البنك الدولي، ص 5.
  6. القرار رقم 37 للعام 21/1/2025.
Live التصويت الخاص بمقالة : التحديات التنموية التي تواجه الاقتصاد السوري: الواقع والحلول المقترحة
  • ممتاز
    98% 263/ 266
  • جيد
    0% 2/ 266
  • مقبول
    0% 1/ 266

شارك على وسائل التواصل الاجتماعي

تنفيذ إدارة المواقع الالكترونية في الجامعة الوطنية الخاصة 2025

أهلا وسهلا بكم في الواحة الأكاديمية للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة الموقع الرسمي للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة موقع الواحة الطلابية للجامعة الوطنيةانقر لزيارة موقع المكتبة الالكترونية للجامعة الوطنية الخاصة
Scroll to Top