الـجــامعــــة الــوطنيـــــة الـخــاصـــــة

الواحة الأكاديمية للجامعة الوطنية الخاصة

تصدع المنشآت – عرض وتحليل

أ.د أحمد عبود

الكاتب: أ.د أحمد عبود

الهندسة المدنية - الهندسة انشائية - الجامعة الوطنية الخاصة -

ملخص : 

يتضمن المقال تحليل لأسباب تصدع المنشآت بشكل عام. ويركز على التصدعات الناتجة عن أسباب فيزيائية، كالتصدعات الناتجة عن حمولات غير متوقعة، أو الناتجة عن كوارث طبيعية، بالإضافة الى التصدعات الناتجة عن أخطاء في التصميم أو التنفيذ أو التدعيم .

يقدم المؤلف أمثلة عن التصدعات الناتجة عن أخطاء التصميم أو التنفيذ أو التدعيم، والتصدعات الناتجة عن حمولات غير متوقعة، أو الناتجة عن كوارث طبيعية، أو سوء الإستثمار، أو العمل بأيدي غير فنية . المقال مدعم بالصور التوضيحية لكل حالة تصدع بالإضافة الى تحليل أسباب التصدع .

أولا : مقدمة :

التصدعات في الأبنية هي مؤشرات على قرب نهاية عمر المنشآة. كما أنها ذات تأثير نفسي سلبي جداً على سكان المنشآة ومستثمريها .

يعتبر ترميم المنشآة وتدعيمها في كثير من الأحيان حلاً مناسباً لإزالة الأثر النفسي للتصدع ، وكذلك لإطالة عمر المنشآة لفترة أطول. لكن العمل الأكثر فعالية هو تجنب أسباب التصدع أساساً من خلال معرفتنا المسبقة لها والعمل على منع هذه الأسباب. وهذا ما حاولت الإشارة اليه في هذا المقال، من خلال عرض مجموعة من التصدعات الناتجة عن أخطاء مختلفة، وتحليل أسباب تصدعها، بغية إعطاء المهندس الممارس فكرة مسبقة عن نواتج أي خطأ قد يرتكبه أثناء عملية التصميم أوالتدعيم أو الإستثمار .

ثانيا : أسباب التصدع :

تقسم أسباب اللتصدع الى ثلاث مجموعات هي:

2-1 – أسباب حيوية : ومنها التصدعات الناتجة عن تأثير الفطور والرخويات والأشنيات وجذور النباتات.

2-2 – أسباب كيميائية : ومنها التصدعات الناتجة عن تأثير الحموض والقلويات والمواد العضوية وغازات الاحتراق والاملاح ، التي يمكن ان تلعب دوراً تخريبياً بأحد الأشكال الثلاثة التالية :

a – تتفاعل مع الملاط الاسمنتي .

b – تتفاعل مع بعضها، أو مع بعض مركبات الاسمنت في المسامات المفتوحة من الكتلة البيتونية.        

c – تتفاعل مع حديد التسليح ، وتعطي مركبات هشة.

2-3 – أسباب فيزيائية : ومنها التصدعات الناتجة عن خطأ في التصميم، أو خطأ في التنفيذ. ومنها أيضاً التصدعات الناتجة عن الحرارة العالية وعن الفروق في درجات الحرارة، وكذلك التصدعات الناتجة عن قوى وحمولات طارئة غير مأخوذة بالحسبان أثناء التصميم كالزلازل. يضاف الى ذلك التصدعات الناتجة عن سوء استثمار المنشآت .

ثالثا :  التصدعات الناتجة عن أسباب فيزيائية  :

تقسم التصدعات الناتجة عن أسباب فيزيائية الى :

  • تصدعات ناتجة عن خطأ التصميم.
  • تصدعات ناتجة عن خطأ التنفيذ.
  • تصدعات ناتجة عن سوء الإستثمار.
  • تصدعات ناتجة عن أخطاء بسبب استخدام أيدي عاملة غير فنية.
  • تصدعات ناتجة عن كوارث طبيعية أو حمولات غير متوقعة.
  • تصدعات ناتجة عن أخطاء التدعيم.

يمكن أن ينتمي التصدع الى مجموعة واحدة من المجموعات السابقة . ويمكن أن ينتمي الى اكثر من مجموعة في آن معاً، كما سنرى لاحقاً .

رابعاً : عرض واقعي لمجموعة التصدعات  :

4-1 – اختيار جملة انشائية غير صحيحة :

في أحد الأبنية السكنية تم اختيار جملـة انشائيـة مؤلفة من بلاطة مفرغـة باتجاه واحد (هوردي). وتم اختبار اتجاه الأعصاب في الظفر بشكل متعامد مع اتجاه الأعصاب في المجاز. شكل (1) وشكل (2). في هذه الحالة يتعرض الجائز الحامل للأعصاب لعزم فتل حول مع محوره وذلك لرد عزم الإنعطاف الناتج عن الأعصاب. وباعتبار أن هذا الجائز غير مصمم لمقاومة عزوم الفتل فإن السقف المستوي بكامله معرض للخطر.

كان الإختيار الصـحيح هو الإختيار الموضح بالشكل (3) حيث تكون الأعصـاب على استقامة واحدة في المجاز وفي الظفر. في هذه الحالة يرد عزم الإنعطاف في عصب الظفر بعزم انعطاف في عصب المجاز. وباعتبار أن العصبين مصممين لمقاومة عزم الإنعطاف فإن الأمان يكون محققاً.

4-2 – انهيار أحد المنازل بسبب انزلاق الأساسات :

بني المنزل على منحدر شديد، ولم يتم تنفيذ جوائز أرضية كافية لمنـع انزلاق الأساسات شكل(4). وأثناء الإستثمار تعرضت الأساسات لإنزلاقات تفاضلية بسبب عدم وجود جوائز أرضية. نتيجة الإنزلاق التفاضلي تعرضت الأعمدة الى عزوم انعطاف كبيرة مترافقة مع ضغط مركزي ناتج عن وزن المبنى وأدت بالنتيجة الى انهيار الأعمدة شكل(5). وبتشخيص المشكلة تبين أن الإنهيار ناتج عن خطأ في التصميم (عدم وجود جوائز أرضية).

قبل الإنهيار الكامل للمبنى تمت محاولة للتدعيم مبينة بالشكل (6)، وهذه المحاولة محكوم عليها بالفشل، لأن الحل لا يوافق المشكلة. وأن أية عملية تدعيم ستكون فاشلة وستكون مكلفة أكثر من هدم المبنى وإعادة بناءه من جديد.

4-3 – انهيار أحد المنازل نتيجة انزلاق المنحدر :

بني المنزل على منحدر يسنده جدار استنادي الشكل (7). ولسبب من الاسباب تم انهيار الجدار الإستنادي فانزلق المنحدر كما هو مبين في الشكل (8)، فانزلق الصف الطرفي من الأعمدة مع المنحدر الشكل (9 و 10)، وأصبح المبنى محمولاً ظفرياً على بقية الأعمدة. أما أعمدة الصف الأول فقد أصبحت خاضعة لإجهادات شد نتيجة لهبوط الارض تحتها.

توقع أحد المدعمين أن التشققات ناتجة عن إنزلاق الأساسات ، فقام بوضع كتلة بيتونية ضخمة أمام الأساسات ظناً منه أن هذه الكتلة سوف تمنع الإنزلاق. لكن هذه الكتلة زادت من الوزن المؤثر على الأعمدة حتى وصلت قوة الشد في الأعمدة الأمامية الى حد فقدت معه قضبان التسليح تماسكها مع الخرسانة في منطقة وصلها  بالتراكب بين الطابقين. شكل (11) .

بتحليل المشكلة نرى أن التصدع ناتج عن كارثة طبيعية ( انهيار الجدار الإستنادي ). أما استمرار التصدع فهو ناتج عن خطأ التدعيم.

4-4 – ترميم بأيدي غير فنية :

تم ترخيص المبنى المؤلف من خمسة طوابق كما في الشكل (12). وأراد المالك أن ينفذ مخالفة بناء بضم الشرفة الى الغرفة المجاورة. وللحفاظ على الشكل المستقيم للجدران الجانبية، أراد تنفيذ جائز طولي على طول الشرفة الخارجي، يستند إليه جائزان عرضيان ، يغطيان الجزء الصغير المحازي للأعمدة، بغية بناء الجدران الخارجية عليها . وبحيث تكون على استقامة الجدران الداخلية الموجودة . شكل ( 13 ) .

من الجدير بالذكر أن هذا الاقتراح هو اقتراح المالك نفسه ولم يستخدم لهذه العملية أي شخص مؤهل فنيا .

وبغية ربط الجوائز الأرضية مع الأعمدة تم حفر الأعمدة كما هو واضح بالشكل (14). وهذه هي نتيجة  الإعتماد على أيدي عاملة رخيصة غير فنية .

4-5 – أسلوب كشف غير سليم  :

بغية الكشف عن صحة تنفيذ المنشآة ومطابقة التنفيذ مع المخططات فقد أمر المهندس بحفر الردم بالبقايا المختارة للكشف على القواعد الواقعة على عمق يتراوح بين 4……5 m  . ومن ثم تكسيرها للتأكد من مطابقة تسليحها للمخططات شكل (15). كما أمر بتكسير الجوائز الأرضية (الشيناجات) كما هو مبين بالشكل(16) في أماكن متعددة للكشف على مطابقة تسليح هذه الشيناجات مع المخططات . بتحليل المشكلة نرى :

1 –  إن محافظة البقايا على وضعها بشكل شاقولي لفترة طويلة تزيد عن الشهرين في فترة الشتاء يدل على نوعيتها الجيدة وتراصها الممتاز ، ولا داعي لإختبارها مخبرياً . كون نتائج التجارب الواقعية أكثر تعبيراً من نتائج الإختبار المخبرية .

2 – تم تكسير الشيناجات في منطقة القص الأعظمي ، ووفقاً لخط الإنكسار وهذا خطأ بليغ . وكان يجب الكشف على حديد التسليح بالأجهزة الخاصة بالكشف على حديد التسليح.

4-6– كارثة طبيعية  :

يتألف المبنى من جزأين  متلاصقين :

الجزء الأول :  قديم مؤلف من جدران حجرية حاملة، وسقف بيتوني من بلاطة بيتونية مصمتة بدون جوائز، كون الجدران حاملة.

الجزء الثاني : حديث، ويتألف من جملة هيكلية من أعمدة وبلاطات مصمتة وجوائز حاملة. شكل (17).

تم تنفيذ الأعمدة في الجزء الثاني حتى مستوى السقف بشكل عادي. وتم تنفيذ العمود مستمراً فوق البلاطة الأولى بحيث يرتكز العمود على السقفين القديم والجديد معاً. فوق العمود الجديد في الجزء الجديد وفوق السقف القديم والجدار الحامل في الجزء القديم شكل (18).

نفذت الأعمدة فقط فوق السطح ولم تكن البلاطة الثانية منفذة بعد .

وقع انفجار داخل المبنى القديم، أدى الى ضغط كبير جداً في الجزء القديم من المبنى . أدى الضغط داخل المبنى الى رفع السقف نحو الأعلى بقوة كبيرة أدت الى فصله بشكل كامل عن الجدران الحاملة له. وقد كان الضغط منتظماً داخل المبنى لدرجة أنه رفع السقف بكامله في مستوي واحد ومن ثم سقط الى مكانه في مستوي واحد وكانت النتائج ما يلي :

1- في لحظة واحدة كان الضغط مؤثراً على السقف وعلى الجدران الخارجية . ولحظة انفصـال السقـف عن الجدران ، شكل (19).

2- أدى الضغـط الى هدم بعض الجدران الخارجية . شكل (20).

3- كانت الأعمدة المصبوبة فوق السطح تشكل عائقاً أمام حركة السقف القديم مما أدى الى تصادم عنيف بين الأعمدة المرتبطة بالسقف الجديد الثابت والمرتكزة على السقف القديم المتحرك وذلك في منطقة التماس بين العمود والسقف القديم .

وكانت نتيجة التصادم متباينة في الأعمدة الأربعة الخاضعة لنفس الظاهرة . ففي عمودين منهما كانت مقاومة البيتون في السقف أكبر من مقاومته في العمود العلوي فأدى التصادم الى كسر العمود العلوي . كما أدى الى تكسر جزء من السقـف . شكل (21).

في عمودين آخرين كانت مقاومة البيتون في العمود اكبر من مقاومته في السقف . فأدى التصادم الى تكسر كبير في السقف، وترك فتحة كبيرة نسبياً فيه, وقلب الأعمدة بالاتجاه المعاكس . شكل (22).

خامساً : التوصيات .

  1. ضرورة وجود تدقيق للدراسات الهندسية بغية إخراج دراسات أكثر صحة وخالية ما أمكن من الأخطاء .
  2. إختيار مهندسين ذوي كفاءة عالية وخبرة طويلة من أجل القيام بأعمال التدعيم .
  3. يجب الإعتماد على أيدي فنية بإشراف مهندسين أكفاء. إذ أن العامل وحده غير قادر على التنفيذ بدون وجود مهندس في الورشة .
  4. يجب أن يكون المهندس الإستشاري خبيراً ولا يجب الإعتماد في القضايا الكبيرة على مهندسين حديثي التخرج أو قليلي الخبرة .
  5. يجب أن تكـون المنشآة بكامـلها كتلة واحدة أو مجموعة كتل مسـتقلة عن بعضها بفواصل نظامية . والإرتباط الجزئي بين الكـتل غير مقبول .

سادساً : المراجع .

  1.  د. أحمد عبود ، وآخرون – دراسة لواقع معمل اسمنت برج اسلام وترميمه ـ ندوة تصدعات المباني في العالم العربي ـ وزارة الأشغال العامة والإسكان ـ الرياض ـ المملكة العربية السعودية 1992 .
  2. د. حبيب مصطفى زين العابدين ـ الحكم على سلامة المنشآت . وزارة الأشغال العامة والإسكان ـ الرياض ـ المملكة العربية السعودية .
  3.  غورتشاكوف غ . ي – مواد البناء – موسكو – سترويزدات – 1986 ( باللغة الروسية )
  4.  شكنيف  آ. ن – عطب المنشآت – موسكو – سترويزدات – 1984  ( باللغة الروسية )
  5.  د. فيصل فؤاد وفا ـ تصدع المنشآت الخرسانية الناتجة عن صدأ حديد التسليح ( دراسة حقلية ) ـ ندوة تصدعات المباني بالعالم العربي ـ وزارة الأشغال العامة والاسكان ـ الرياض ـ المملكة العربية السعودية .
  6. د.أحمد عبود ، تصدع المنشآت وتدعيمها ، مبادئ وتجارب واقعية ،  مجلة ” أبحاث اليرموك ” المجلد 9 العدد 2 لعام 2000 . جامعة اليرموك ، إربد ، المملكلة الأردنيـة الهاشمية .

تنفيذ إدارة المواقع الالكترونية في الجامعة الوطنية الخاصة 2025

أهلا وسهلا بكم في الواحة الأكاديمية للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة الموقع الرسمي للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة موقع الواحة الطلابية للجامعة الوطنيةانقر لزيارة موقع المكتبة الالكترونية للجامعة الوطنية الخاصة
Scroll to Top