الـجــامعــــة الــوطنيـــــة الـخــاصـــــة

الواحة الأكاديمية للجامعة الوطنية الخاصة

مسابقة أفضل مقالة علمية - كلية الهندسة المدنية -

عنوان المقالة العلمية : مكونات الطبيعة وفن البناء -الحجارة-

الملخص

إنّ المباني الحجرية منتشرة بشكل كبير في سورية عموماً وفي مدينة حلب خاصةً، وما يميز الأبنية الحجرية أنّ معظمها أثري تاريخي يدل على الحضارة السورية العريقة في كافة محافظاتها، وللحفاظ على الهوية التاريخية لسورية يجب الحفاظ على المعالم الأثرية والقيام بأعمال الترميم وإعادة تأهيل المتضرر منها خاصةً بعد تعرضها لأضرارٍ جسيمةٍ بعد حربٍ غاشمة وزلزالٍ مدمر، وهذا يقع بالدرجة الأولى على عاتق المهندس المدني، ولكي تكون عمليات الترميم وإعادة التأهيل ناجحة ومثالية يجب الإلمام بأدق التفاصيل عن المكون الأساسي لهذه الأبنية ألا وهو الحجارة، ومن هنا تأتي أهمية هذه المقالة حيث تم تسليط الضوء فيها على أهم أنواع الأحجار الطبيعية المستخدمة في البناء في سورية مع ذكر أهم مواصفاتها، كما تم توضيح بعض الخواص الفيزيائية الهامة للحجارة كمواد بناء.

وعلى الرغم من انتشار الأبنية البيتونية في زمننا الحالي، إلّا أنه يبقى للأبنية الحجرية جماليتها وخصوصيتها، ولا بديل عن استخدام الحجارة في البناء، حيث أنّ الأبنية الحجرية تتميز بمزايا عدة تم ذكر أهمها، كما يوجد مساوئ لهذه الأبنية كان لابد من توضيحها، وفي نهاية المقال تم ذكر أهم طرائق البناء باستخدام الأحجار الطبيعية.

الكلمات المفتاحية: الأحجار الطبيعية، حجارة البناء، منشآت حجرية.

1-مقدمة:

من كرم الطبيعة على الإنسان أنها منحته أهم العناصر المستخدمة في البناء، والتي تعد من أقدم المواد بل وأولها، ألا وهي الحجارة، فقد اُستخدمت في معظم الحضارات على مر العصور وفي مختلف بقاع العالم، بدليل أن عجائب الدنيا السبع هي منشآت حجرية شُيدت قبل الميلاد بعدة قرون، ومن هنا نلاحظ أنّ ما يميز المنشآت الحجرية هي ديمومتها التي تصل لمئات وحتى لآلاف السنين، وقد استخدمت في بناء مختلف أنواع المنشآت كالجسور والقلاع ودور العبادة والمدارس والمنازل.

اشتهرت مدينة حلب بمبانيها الحجرية بكافة أنواعها من مساجد وكنائس ومدارس وبيوت عربية وأسواق وخانات وأبواب للمدينة القديمة وعلى رأسها قلعتها الشهيرة التي تتوسط المدينة، وقد تميزت هذه المباني بالديمومة، حيث أنّ البعض منها يصل عمره لأكثر من 700 سنة، والشكل (1) يوضح منشآت حجرية هامة في مدينة حلب.

الشكل (1): منشآت حجرية هامة في مدينة حلب، [1]

إنّ السبب في تخصيص مدينة حلب بالذكر هو تميزها بكثرة المباني الحجرية فيها وذلك لتوفر الأحجار الكلسية في محيطها الجغرافي وبنيتها الجيولوجية التي وفرّت مقالع الحجارة المستخدمة كمواد بناء، بالإضافة لمهارة الحجّار الحلبي في تطويع الحجر، يوضح الشكل (2) مقالع حجارة طبيعية.

الشكل (2): مقالع حجارة،[2] .

في الوقت الحاضر وعلى الرغم من انتشار المباني البيتونية إلّا أنّ الحجارة لازالت تُستخدم في الإكساء الخارجي لأغلب المباني للإبقاء على الناحية الجمالية والطابع العمراني التي تمتاز به مدينة حلب.

وبما أنّ عملية البناء بالحجارة من المواضيع الهامة في الهندسة المدنية، فقد وُضِع لها اشتراطات خاصة في الكود العربي السوري، وتُدرّس في معظم كليات الهندسة المدنية.

1-أهم أنواع الأحجار الطبيعية المستخدمة في البناء، [1]:

  • الأحجار الجيرية (الكلسية):

حجارة رسوبية مكونة بشكل رئيسي من كربونات الكالسيوم (Ca CO3)، تفور بتأثر الأحماض، ولا يصدر عنها شرر عند صدمها بالفولاذ، وتستخدم غالباً في بناء الجدران الخارجية، وتتميز بصلابة عالية ومتجانسة وهي مقاومة للكسر والتفتت أكثر من غيرها من الأحجار.

  • الأحجار السيليسية:

حجارة رسوبية مكونة بشكل رئيسي من السليكا (Si O2)، لا تفور بالأحماض، وتعطي شرارات نتيجة صدمها بالفولاذ، تشمل مجموعة من الأنواع مثل الصوان والكوارتز والنايس، تعد من الأحجار كثيرة الاستعمال في البناء بعد الأحجار الجيرية.

  • الأحجار الطفلية (الغضارية):

حجارة رسوبية، لا تفور بالأحماض، ولا يصدر عنها شرر عند صدمها بالفولاذ، وتستعمل عادةً للتبليط.

  • الأحجار الجبسية:

هي أحجار طبيعية مكونة من كبريتات الكالسيوم المائية (Ca SO4 2H2O)، لا تفور بالأحماض وتتخطط بالأظافر، من أنواعها الجبس الصخري والمرمر، وهي رخوة وهشة، أغلبها غير صالح لإنشاء المباني، إنما تُستخدم في الإكساء والديكور لأنها مصدراً للجبس، كما تُستخدم في صناعة السيراميك، يوضح الشكل (3) بعض أنواع الأحجار الطبيعية، [2].

الشكل (3): بعض أنواع الأحجار الطبيعية، [2].

  • الأحجار البركانية:
  • البازلت:

هي صخور نارية تشكلت من التبرّد السريع للماغما التي اندفعت من باطن الأرض إلى سطحها عن طريق البراكين، وتتميز بمقاومتها الكبيرة، فهي صلبة جداً وذات كثافة عالية ولها استعمالات كثيرة.

ومن الجدير بالذكر أن ما يميز الحجارة البازلتية لونها الأسود المائل إلى الزرقة، وهي مادة بناء تقليدية في مدينة حمص لتوفرها بكثرة في تلك المنطقة، حيث اُستخدمت في بناء المنازل القديمة والأبواب والأسوار المحيطة بالمدينة القديمة، يوضح الشكل (4) صورة لجامع خالد بن الوليد في مدينة حمص المبني بالحجارة البازلتية السوداء.

الشكل (4): جامع خالد بن الوليد في مدينة حمص، [1].

  • الغرانيت:

هي صخور نارية جوفية، تكونت من تبرّد وتصلب بطيء للماغما تحت سطح الأرض، ويتميز الغرانيت بتركيب حبيباته الكبيرة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ويتكون بشكل أساسي من الكوارتز والميكا، وهي من أقوى الحجارة المستخدمة في البناء والجدران الخارجية أي واجهات المباني بالإضافة لاستخدامه في المنحوتات والنصب التذكارية.

  1. الخواص الفيزيائية للأحجار، [3]:
  • التجانس:

إنّ تجانس الحجارة على جانب كبير من الأهمية في المنشآت الهندسية، إذ يفضّل الحجر المتجانس ذو المقاومة المتوسطة على الحجر غير المتجانس ولو كانت مقاومته عالية، ويمكن معرفة الحجر المتجانس بواسطة طرقه بمطرقة وسماع الصوت الصادر عنه، فإذا كان الصوت رنّاناً كان الحجر متجانساً، وإذا كان الصوت مكتوماً دلّ على عدم التجانس.

يكون الحجر غير متجانس إذا احتوى على ما يلي:

  • عروق داخلية وتشققات صغيرة.
  • تجاويف وفجوات مليئة بالمواد الطرية.
  • عقد وحصويات ومواد صلبة أو فواصل تعيق عملية التشكيل.
  • قابلية النفوذ والامتصاص الشعري:

إنّ وجود المسامات ضمن الحجارة التي تكون على تماس مباشر مع الماء أو أثناء تعرضها للمطر يسمح بدخول الماء ضمنها، وبمعنى آخر هي حجارة نفوذة للماء، وتزداد نفاذيتها بازدياد المسامات وازدياد حجمها، وهي خاصية غير مفضّلة للأحجار المستخدمة في البناء.

  • مقاومة الصقيع:

في حال احتواء الحجر على مسامات كثيرة سوف تمتلئ بالماء، وعند انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر سوف يتجمد الماء ضمن المسامات ويزداد حجمه مما يسبب تفتيت الحجارة مع الزمن وتكسرها في بعض الأحيان، هذا يعني أنّ الحجارة التي تحتوي على نسبة عالية من المسامات لا يمكنها مقاومة الصقيع وبالتالي هي غير صالحة للبناء.

  • الوزن الحجمي للحجارة:

يعبّر الوزن الحجمي للحجارة عن مقاومتها وقساوتها، حيث تزداد المقاومة والقساوة بازدياد الوزن الحجمي لها، ولكل نوع من الحجارة وزن حجمي خاص بها، فالوزن الحجمي للحجارة الكلسية يتراوح بين (2.8 – 1.8 g/cm3)، وللحجارة السيليسية يتراوح بين (2.8 – 2.6 g/cm3)، والغرانيت يتراوح بين (2.9 – 2.6 g/cm3)، أما البازلت فيتراوح الوزن الحجمي له بين (3.1 – 2.9 g/cm3)، كلما زاد الوزن الحجمي للحجر كان أكثر اكتنازاً وأشدّ كتامةً ومقاومته الميكانيكية على الضغط أعلى.

  1. خواص الأحجار الطبيعية المستخدمة في البناء، [4]:
  • يجب أن تكون الأحجار الطبيعية المستخدمة في البناء من النوعية القاسية الخالية من العروق الترابية، ويجب ألا تتأثر بالماء والصقيع.
  • يجب أن تكون الأحجار الطبيعية كلسية قاسية (جيرية) أو رملية أو بازلتية أو غرانيتية.
  • يجب ألّا تقل المقاومة الميكانيكية المميزة على الضغط لمادة الحجر عن 150 kg/cm2، والجدول (1) يوضح المقاومة الميكانيكية المميزة على الضغط لبعض الأحجار الطبيعية المستخدمة في البناء.

الجدول (1): المقاومات الميكانيكية المميزة لبعض الأحجار الطبيعية، [4].

نوع الحجر الطبيعي

المقاومة المميزة kg/cm2

حجر كلسي – بركاني

150

أحجار رملية طرية مع رابط غضاري

250

أحجار رملية كثيفة – بازلت – حجر كلسي قاسي

400

الأحجار الرملية الكوارتزية

600

الأحجار الغرانيتية

900

1-مزايا الأبنية الحجرية، [5]، [6]:

  • الجمالية المعمارية:

يعطي الحجر المنحوت طابعاً فريداً وجماليةً رائعةً لواجهات المباني، يوضح الشكل (5) الجمالية التي يضفيها الحجر المنحوت على الأعمدة الحجرية، هذا بالإضافة لذوق وفن وإبداع المهندس المختص في التصميم عن طريق استخدام الأحجار ذات الألوان الطبيعية المميزة، يوضح الشكل (6) القصر الوردي الأثري (فيلا روز) في مدينة حلب وهو خير مثال على فن البناء عن طريق استخدام الأحجار الطبيعية زهرية اللون.

الشكل (5): زخارف الأعمدة الحجرية في المدرسة الحلوية في مدينة حلب، [6].

الشكل (6): القصر الوردي الأثري في مدينة حلب، [1].

  • الديمومة:

تتميز الأبنية الحجرية بالعمر الطويل بالأخص عند استخدام أحجار كبيرة الحجم، وأكبر مثال على ذلك قلعة حلب والخانات والمساجد في مدينة حلب والتي يُقدّر عمرها بين 700 و 800سنة، كما يتعلق عمر المنشأة الحجرية بطريقة البناء ونوعية المونة المستخدمة ونوع الأحجار المستخدمة بحيث تتوافق مع طبيعة البيئة المحيطة بها.

  • عزل كبير للصوت والحرارة:

تتميز الحجارة بالعزل الجيد للصوت والحرارة وتقلبات الطقس، مما يساعد على التخفيض من كلفة استخدام مواد العزل الصناعية.

  • مقاومة الحرائق:

تتميز الأحجار بأنّها سيئة التوصيل الحراري، لذلك يُلاحظ أنّ الأبنية الحجرية لا تتعرض لأضرار بالغة عند تعرضها لحريق عادي، ويمكن إعادة المنشأ للخدمة بأعمال صيانة بسيطة.

  • الوزن الذاتي الكبير:

تتميز الأبنية الحجرية بالوزن الكبير، مما يساعد على امتصاص الإجهادات الناتجة عن الحمولة المطبقة بشكل مفاجئ كالصدم أو الانفجار.

  • مؤشرات الانهيار:

تتميز الأبنية الحجرية بأنها تُعلِم مستثمرها وتنذره بالخطر قبل وصولها لمرحلة الانهيار، فيقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المبنى من الانهيار، كتخفيض الأحمال أو تدعيم العناصر المتضررة.

من مؤشرات الانهيار في الأبنية الحجرية، [1]:

  • ظهور شقوق أفقية أو شاقولية أو مائلة في الجدران والأسقف قد تتسع مع مرور الوقت.
  • ظهور شقوق في منطقة التقاء الجدران مع الأرضيات مما يدل على هبوط بالتربة.
  • ظهور ميلان في الأسقف والأرضيات يشير إلى هبوط تفاضلي في المبنى.
  • تلف المونة والتي تشكل المادة اللاصقة بين الحجارة مما يؤدي لضعف تماسك الجدران.
  • تغير أبعاد النوافذ والأبواب حيث تصبح غير قابلة للفتح والإغلاق بسبب التغيرات في شكل المبنى.
  1. مساوئ البناء بالأحجار، [5]،[6] :
  • طول مدة الإنشاء:

إنّ الاعتماد على اليد العاملة في تشكيل الحجر ومن ثمّ البناء به، وبالأخص اليد العاملة الخبيرة، وعلى الرغم من استخدام بعض التقنيات الحديثة في تشكيل الحجر ورفعه إلّا أنّ مدة الإنشاء طويلة مقارنةً مع مدة إنشاء الأبنية البيتونية.

  • ضعف مقاومة الأحجار للقوة الأفقية:

بالرغم من صلابة المنشآت الحجرية إلّا أنّ مقاومتها للقوى الأفقية كالقوى الناتجة عن الهزات الأرضية ضعيفة، لأن الجدران الحجرية لا تتحمل إجهادات الشد.

  • صعوبة إجراء تعديلات على المبنى:

إنّ أي تعديل على الأبنية الحجرية مثل إضافة فتحات أو أبواب يتطلب دراسة جديدة للمبنى.

  • انخفاض ارتفاع المبنى:

بحسب كودات البناء الخاصة بالأبنية الحجرية يجب ألّا يزيد الارتفاع الكلي للبناء عن 24 m، كما يجب ألّا يزيد عدد الطوابق في البناء عن سبعة طوابق بما فيها القبو، وذلك لإكساب البناء المقاومة الكافية ضد الأحمال الجانبية أي القوى الأفقية الناتجة عن الرياح والزلازل، [4].

  1. أهم طرائق البناء باستخدام الأحجار، [4]، [5]:
  • طريقة البناء بأحجار الركة:

تُستخدم في هذه الطريقة الأحجار الغشيمة كما ترد من المقلع من دون تسوية سطوحها، وتتصف باختلاف أحجامها وعدم انتظام سطوحها.

  • طريقة البناء بأحجار النحيت:

تُستخدم في هذه الطريقة الأحجار المشغولة، أي الأحجار التي يتم تسويتها بالوسائل البدائية أو الآلية كالمناشر الكهربائية، وتمتاز بتقارب أحجامها، وانتظام شكلها واستواء معظم سطوحها.

المراجع:

  1. https://theconstructore.org/building/stones-building-constructions
  2. https://en.wikipedia.org
  3. محيسن. عبد الطيف، مواد البناء، منشورات جامعة حلب كلية الهندسة المعمارية،2010 .
  4. الكود العربي السوري للجدران الحاملة غير المسلحة في المباني، نقابة المهندسين، دمشق، 1994.
  5. د.عنبي. عمار، د.لبابيدي. عيسى محمد أيمن، المنشآت الحجرية، منشورات جامعة حلب، كلية الهندسة المدنية، 2011.
  6. د.كعدان. عمار، م.خوري. جورج، الجرسيات في كنائس حلب دراسة تاريخية إنشائية لنماذج مختارة، جامعة حلب معهد التراث العلمي العربي، 2023.
Live التصويت الخاص بمقالة :مكونات الطبيعة وفن البناء -الحجارة-
  • ممتاز
    100% 26/ 26
  • جيد
    0% 0/ 26
  • مقبول
    0% 0/ 26

شارك على وسائل التواصل الاجتماعي

تنفيذ إدارة المواقع الالكترونية في الجامعة الوطنية الخاصة 2025

أهلا وسهلا بكم في الواحة الأكاديمية للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة الموقع الرسمي للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة موقع الواحة الطلابية للجامعة الوطنيةانقر لزيارة موقع المكتبة الالكترونية للجامعة الوطنية الخاصة
Scroll to Top