تفاقم ظاهرة الجفاف في ظل التغيرات المناخية
الهندسة المدنية - الجامعة الوطنية الخاصة -
الملخص:
يعدَ الجفاف ظاهرة مناخية طبيعية مؤقتة تحدث بسبب قلة هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتبخر وبالتالي تناقص المياه السطحية الجارية والمياه الجوفية مما ينعكس على أنشطة الإنسان المختلفة، لذا يعدَ الجفاف من أهم المخاطر التي تواجه الإنسان رغم التطور التكنولوجي الكبير الذي وصل إليه. ويعدَ المناخ هو العامل الأساسي في حدوث هذه الظاهرة حيث تسود في المناطق الجافة وشبه الجافة التي تتصف بارتفاع المدى الحراري اليومي والسنوي وشح الأمطار وتذبذبها وبالتالي ارتفاع نسبة التبخر/ النتح وقلة الغطاء النباتي وجفاف التربة.
الكلمات المفتاحية: الجفاف، التبخر، درجات الحرارة.
– مقدمة: أخذ الجفاف يحتل منذ منتصف القرن الماضي مكانة بارزة من الأخبار التي تصور المجاعات وفشل المحاصيل الزراعية والكوارث وهو ليس في الواقع خطراً جديداً يهدد الحياة أو رفاهية الإنسان، بل هو ظاهرة قديمة تصيب في كثير من الأحيان أو من حين إلى أخر مناطق من الأرض فتسبب الضرر لفترات وبدرجات متفاوتة الشدة. وتبين وقائع الجفاف في سجلها الطويل أنَ تلك الحوادث مخاطر طبيعية إلا أنَ العنصر البشري يمكن أن يكون من بين العوامل المساهمة في زيادة حدوث الجفاف ومضاعفة آثاره، وأن يكون في نفس الوقت هو المساهم الأكبر في تلطيف هذه الآثار.[1]
2- مفهوم الجفاف:
اختلفت تعريفات الجفاف وفقاً لطبيعة الاحتياجات من الماء أو الرطوبة. ومن أبسطها تخلف المطر عن السقوط في موسمه المعتاد مترافقاً مع عبارات وتعريفات عديدة وضعت للجفاف واقترحت المنظمة العامة للأرصاد الجوية تعريفين للجفاف:
3- أسباب ظاهرة الجفاف: [1]
4- مؤشر الجفاف:
يعتمد رصد الجفاف على تحليل سلسلة من مؤشرات الجفاف التي تمثل المكونات المختلفة للدورة الهيدرولوجية (مثل هطول الأمطار، رطوبة التربة، مستويات التخزين في بحيرات السدود، تدفق الأنهار، مستويات المياه الجوفية والإجهاد المائي للنباتات المرتبطة بنوع معين من الجفاف) حيث تمثل المؤشرات عموماً الشذوذ الاحصائي للوضع الحالي فيما يتعلق بعلم المناخ على المدى الطويل في موقع معين وفترة زمنية معينة، وبالتالي فهي توفر مقياساً للشدة الاحتمالية لحدث معين. وتأتي أهمية استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد بمميزاتها المختلفة في حساب مؤشرات الجفاف، حيث تؤمن الصور الفضائية من منتجات الأقمار الصناعية كالقمر MODIS إمكانية حساب مؤشرات الجفاف ومن هذه المؤشرات: [2]
وقد بينت الدراسات السابقة استخدام هذه المؤشرات في مراقبة الجفاف حيث استخدم العريان وزملاؤه مؤشر VHI المشتق من بيانات MODIS لدراسة الجفاف في سوريا في الفترة 2010-2000 وقد أظهرت النتائج فعالية هذا المؤشر في دراسة الجفاف وكان الموسم 2007/2008 هو الموسم الأكثر جفافاً. كما قام Shofiyatiو زملاؤه 2014 بتحليل مؤشر SPI من البيانات اليومية والشهرية للهطول المطري لعشر سنوات في حين تم دراسة مؤشر الجفاف الزراعي لنفس الفترة من خلال مراقبة المؤشرات VHI,VTI,VCI. كما درس الخالد وزملاؤه 2018 ظاهرة الجفاف في الفترة 2014-2000 وذلك باستخدام الأدلة التالية (SPI,VHI,TCI,NDVI,VCI,LSI) المشتقة من الصور الفضائية المختلفة ذات قدرات التمييز المكانية والزمانية المختلفة. حيث بينت النتائج فعالية ونجاعة هذه الأدلة في دراسة ومراقبة الجفاف في سوريا، كما بينت النتائج أنَ أكثر الأعوام جفافاً كان عام 2008 وأقلها جفافاً عام 2003. وأظهرت النتائج وجود علامة ارتباط قوية بين مؤشر الهطول القياسي SPI والمؤشرات الجفافية الأخرى NDVI,VCI,VHI. [3]
كما اختبر ضعون 2017 فعالية دليل VCI المشتق من صور MODIS13A3-NDVI في تتبع التغيرات البيئية في سورية خلال الفترة 2014- 2000 حيث وجد تعرض أكثر من 60% من مساحتها لموجات الجفاف في أغلب السنوات المذكورة مما ينذر بحالة تدهور بيئي مستمرة. [2]
5- التنبؤ بالجفاف باستخدام الذكاء الاصطناعي: الجفاف هو من أكثر الكوارث الطبيعية تأثيراً على الموارد المائية ورغم التقدم في التنبؤات المناخية إلا أنَ التنبؤ الدقيق لا يزال يمثل تحدياً كبيراً. ومع ذلك فإنَ الذكاء الاصطناعي قد وفر حلولاً جديدة لتحسين قدرة الدول والمجتمعات على الاستعداد لهذه الكوارث. ويعدَ التنبؤ بالجفاف أحد المجالات الحيوية التي استفادت من الذكاء الاصطناعي باستخدام الخوارزميات المتقدمة، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات المناخية وخصائص التربة واحتياطات المياه لتقديم تنبؤات دقيقة بشأن احتمالات الجفاف في مناطق معينة. في مشروع تم تنفيذه في الولايات المتحدة، تعاون العلماء مع مهندسي الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج قادرة على التنبؤ بحدوث الجفاف على مدار الأشهر المقبلة بناء على مجموعة واسعة من البيانات البيئية، هذه النماذج لا تقتصر على تقديم تنبؤات بل تشمل أيضاً الحلول المقترحة للتخفيف من آثار الجفاف مثل تعديل استراتيجيات الري وتوزيع المياه. [4]
6- الآثار البيئية لظاهرة الجفاف: [5]
6-1- أثر الجفاف على التربة:
يؤدي الجفاف إلى ظهور مشاكل عديدة للتربة منها التصحر وهو تدهور الأرض في المناطق الجافة وشبه الجافة وينتج عن عدة عوامل أهمها التغيرات المناخية ونشاط الإنسان. كما يؤدي جفاف التربة إلى ازدياد نشاط عملية التعرية ما دامت الأرض جافة وهشة وخالية من الغطاء النباتي لأنَ النبات له دور مهم في الحفاظ على تماسك التربة وزيادة رطوبتها.
6-2- أثر الجفاف على الزراعة:
يعدُ تغير المناخ أحد الأـسباب الرئيسية لتراجع الإنتاج الزراعي حيث يتمثل بسيادة الجفاف وندرة الموارد المائية مما انعكس على انخفاض إنتاجية الأرض وارتفاع ملوحتها وتعرضها لمظاهر التصحر لأنَ المياه هي العامل الأساسي لقيام النشاط الزراعي وبالتالي توفير الغذاء للإنسان، ومن جانب آخر يساهم النشاط الزراعي بزيادة نسبة الضياعات المائية عن طريق عملية الري غير الصحيحة.
6-3- أثر الجفاف على الموارد المائية:
للجفاف تأثير كبير على قلة مياه الأنهار نتيجة لانخفاض كمية الأمطار الهاطلة مما يؤدي إلى تراجع تدفق مياه الأنهار وبالتالي سيؤثر على الأنشطة الاقتصادية ولا سيما الزراعية منها.
7- الحلول المقترحة للحد من آثار الجفاف: توجد عدة طرق بالإمكان اتباعها للحد من الآثار السيئة لظاهرة الجفاف وأهمها: [6]
7-1- حصاد المياه: يعرف حصاد المياه بأنه عملية جمع أو حجز مياه الأمطار أو المياه الجارية للاستفادة القصوى منها مع الحفاظ على بيئة نظيفة خالية من الملوثات، ويمكن استخدام تلك المياه للأغراض المنزلية وفي الزراعة والصناعة وحقن المياه الجوفية وتوليد الطاقة الكهربائية. وتختلف طرق حصاد المياه من مكان إلى آخر اعتماداً على خصائص التربة ودرجة انحدار الأرض وكمية الأمطار الهاطلة، حيث يتم حجز المياه الجارية من خلال بناء السدود لحجز مياه تلك الأنهار والأودية أو من خلال تحويل مجاري الجداول جزئياً أو كلياً بقنوات لتخزينها في خزانات صناعية معدة لتجميع المياه وعادة يستفاد من درجة انحدار الأرض بحيث تنساب المياه تلقائياً إلى الخزان.
7-2-التقليل من نسبة التبخر/ نتح: سواء من التربة أو من النبات وذلك من خلال زراعة التربة بمحاصيل تتحمل الجفاف والملوحة وذات نتح قليل كمحصول القمح والشعير…. فضلاً عن زراعة الأشجار العالية والتي تعمل كمصدات للرياح مما يقلل من معدلات التبخر/ نتح، أو تغطية التربة ببقايا النباتات.
7-3- التشجير: يساهم الغطاء النباتي بصورة كبيرة في التقليل من أثر الجفاف وذلك من خلال زيادة الرطوبة وبالتالي سقوط الأمطار، حيث يعمل الغطاء النباتي على التقليل من كمية الأشعة الشمسية الواصلة إلى سطح الأرض من خلال عملية عكس الأشعة الشمسية وامتصاصها من قبل النباتات، كما يساهم الغطاء النباتي في التأثير على سرعة الرياح من خلال تقليل سرعتها مما ينعكس ذلك على انخفاض معدلات التبخر.
7-4- استخدام الأساليب الصحيحة في الزراعة: سواء في الحراثة أو الري واتباع الدورات الزراعية واستخدام الأسمدة العضوية ومكافحة الآفات الزراعية، كما يجب استخدام أساليب الري الحديثة المتمثلة بالري بالرش أو الري بالتنقيط) لغرض التقليل من كميات المياه الضائعة بسبب التبخر أو المياه المتسربة إلى باطن الأرض.
7-5- نشر الوعي بين الأفراد: من خلال تعريفهم بخطورة الجفاف وأسبابه وآثاره المدمرة لغرض استخدام الموارد الطبيعية والبشرية بصورة أفضل وبطرق سليمة وصحيحة.
7-6- خفض نسبة الملوثات: كان لارتفاع نسبة الملوثات في الجو بسبب النشاط الصناعي دور مهم في بروز مشاكل مناخية مثل (موجات الحر، الجفاف، الأمطار الحامضية، الاحتباس الحراري) حيث تعمل الغازات المنبعثة من المصانع ووسائل النقل والمواصلات على ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض ومن ثم ارتفاع معدلات التبخر في المنطقة.
الاستنتاجات:
التوصيات:
المراجع
1-الخالد، إياد أحمد وإدريس، يونس، حالة الجفاف في الجمهورية العربية السورية. تقرير صادر عن الهيئة العامة للاستشعار عن بعد ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي. (2018).
2- ضعون، غياث، استخدام القرينة النباتية NDVI – MODIS13A3 في حساب المؤشر VCI بهدف تتبع الجفاف في سوريا خلال الفترة 2014-2000. مجلة الاستشعار عن بعد. العدد (28): 41- 22. (2017)
3- الأحمد، رزان ورسوق، أروى. استخدام القرينة النباتية NDVI من الصور الفضائية MODIS لتتبع التغيرات الزمانية والمكانية للكتلة الحية في المحافظات السورية خلال السلسلة الزمنية 2012-2000. مجلة الاستشعار عن بعد. العدد (28):63-42. (2017)
4- العزاوي، عمار مجيد، تحليل أثر التغيرات الفصلية في عناصر المناخ على شدة موجات الجفاف في العراق، أطروحة دكتوراه، جامعة تكريت 2019.
5-Shofiyati, R, W.Takeuchi,S.Darmawan, and P.Sofan. An Effective Information System of Drought Impact on Rice Production Based on Remote Sensing. International of Remote Sensing and Earth Sciences. Vol.11 NO.2 December:153-162. (2014).
6-Gusyev, M. A, A. Hasegawa, J.Magome, D. Kuribayashe, H.Sawano and S.Lee. Drought Assessment in the Pampanga River Basin, the phillippines. Part1: A Role of Dam Infrastructure in Historical Droughts, (MODSIM,2015).