المقدمة
الذهب هو معدن ثمين، يمتاز بمرونته وقابليته للسحب ومقاومته للتآكل، وقد تم اكتشافه لأول مرة في مجاري الأنهار، ولكن سرعان ما أصبح رمزاً للملكية والسحر في معظم ثقافات العالم، حيث تم استخدامه للزينة منذ العام 3000 قبل الميلاد تقريباً. تشير الدراسات إلى أن أكبر منجم للذهب موجود في إندونيسيا [12]. ويقدر احتياطي الذهب العالمي بحوالي 130 ألف طن حتى العام 2007، وحوالي 186.7 ألف طن حتى العام 2015 [2]. كما كشف مجلس الذهب العالمي أنه في حال تم إذابة كل الذهب المستخرج في العالم، فسنحصل على مكعب طوله 21 مترا. في العام 2020 فقد بلغ الإنتاج العالمي من الذهب حوالي 3478.1 طن. في حين كانت الاحصاءات حول الإنتاج العالمي من الذهب على الشكل التالي في العام 2022:
أكثر دول العالم إنتاجًا للذهب في عام 2022 | |||
الترتيب | الدولة | إنتاج الذهب (طن) | النسبة من الإنتاج العالمي |
01 | الصين | 330 | %11 |
02 | روسيا | 320 | %10 |
03 | أستراليا | 320 | %10 |
04 | كندا | 220 | %7 |
05 | الولايات المتحدة | 170 | %5 |
06 | المكسيك | 120 | %4 |
07 | كازاخستان | 120 | %4 |
08 | جنوب أفريقيا | 110 | %4 |
09 | بيرو | 100 | %3 |
10 | أوزبكستان | 100 | %3 |
وللذهب الخالص لون أصفر قوي مع مسحة برتقالية، وقد اكتشف علماء الآثار تحفا ذهبية ومجوهرات رائعة يعود تاريخها إلى عهد السومريين، عام 3000 قبل الميلاد، وذلك في القبر الملكي في أور “جنوب العراق حاليا”. كما أن صاغة الذهب في حضارة الشافين في بيرو صنعوا الأواني والتحف الذهبية بواسطة طرق الذهب ومزجه، منذ عام 1200 قبل الميلاد. تقاس درجة نقاء الذهب بالقيراط، ويعتبر العيار 24 قيراط هو عيار الذهب الصافي بالرغم من أن الذهب عيار 24 قيراط يبدو جميلاً وأخاذاً إلا أنه مرن جداً لا يصلح لأن يصاغ في شكل حُلي أو مجوهرات، لذا فإنه يخلط مع معادن أخرى لزيادة قساوته. ويتكون الذهب من عدة عيارات مثل 14، 18، 21، 22، و24 قيراط [2].
معيار الذهب:
معيار الذهب هو نظام نقدي يتم فيه تحديد قيمة عملة كل بلد بوزن ثابت من الذهب والعملة المحلية قابلة للتحويل بحرية إلى ذهب. ولضمان قابلية التحويل، فإن الكتلة النقدية التي يصدرها البنك المركزي لكل بلد يجب أن تكون في حدود قيمة احتياطه من الذهب. إلا أنه في الممارسة العملية، لم تكن الأوراق النقدية المصدرة مدعومة دائماً بقيمة الذهب أو الفضة، مما أدى ذلك إلى أزمات اقتصادية ومصرفية متكررة. هذه الأزمات أدت إلى إنشاء نظام نقدي دولي يركز على الذهب، وقد تشكل على أثره معيار الذهب في سبعينيات القرن التاسع عشر واستمر حتى الحرب العالمية الأولى. إلا أن فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي أدت إلى إنهاء معيار الذهب [3].
بموجب معيار الذهب، يرتبط حجم الكتلة النقدية المعروضة بالكمية المتاحة من الذهب (Wolla, 2015). يتضمن معيار الذهبي قواعد محددة لنظام المدفوعات الدولية، حيث يتم تحديد قيمة العملة المحلية مقابل الذهب والعملات الأخرى، بحيث تكون أسعار الصرف بين العملات ثابتة وغير قابلة للتعديل. تعمل السياسة النقدية على ضمان ثبات أسعار الصرف وقابلية التحويل إلى الذهب، فمعيار الذهب هو من حيث المبدأ نظام نقدي دولي متماثل تخضع بموجبه جميع الدول وجميع العملات لنفس القواعد. بموجب المدفوعات الدولية يتم تحويل الذهب بين الدول، وينجم عن ذلك إما انخفاض أو فائض في حيازات الذهب المحلية، مما يؤثر على قوة العملة المحلية فالولايات المتحدة وفرنسا، كانتا تديران فوائض في الحساب الجاري في فترة ما بين الحربين وقد تم تخزين كميات كبيرة من الذهب لديهما، في حين أن دول العجز التي فقدت الذهب مثل ألمانيا لم يكن لديها خيار سوى تفريغ اقتصاداتها عندما طلب دائنيها سداد الديون بالذهب [3]. انتهى معيار الذهب تماماً في العام 1971 عندما تخلت الولايات المتحدة عن تعادل الذهب (Dey, 2016). ثم انتقلت الاقتصادات الكبيرة إلى نظام أسعار الصرف العائمة [3].
تغيرات أسعار صرف الذهب خلال الثلاثين سنة الأخيرة
يظهر المخطط البياني أدناه تغيرات أسعار الذهب خلال الثلاثين عام الأخيرة بين 1994 – 2023، حيث بلغت أعلى قيمة له لأكثر من 2000 دولار للأونصة خلال العام 2023 والعام 2023، بينما بلغت أدنى قيمة له حوالي 270 دولار للأونصة في العام 2000. ويظهر الجدول التالي قيمة الأونصة خلال الثلاثين العام الأخير على النحو التالي:[4].
30 Year Gold Price History in US Dollars per Ounce
بحلول أغسطس 2011، بعد سنوات قليلة من الركود العظيم (2008)، دفع المستثمرون المضطربون سعر الذهب إلى أعلى مستوى له آنذاك، حيث وصل إلى مستوى 1917 دولاراً للأونصة قبل أن يتراجع إلى حوالي 1880 دولاراً. كانت هذه الأسعار المرتفعة نتيجة لقضايا الديون مع الولايات المتحدة وأوروبا، والتي حولت المستثمرين إلى شراء الذهب. ومع ذلك، وبعد عامين حدث أكبر انخفاض في أسعار الذهب بين أكتوبر 2012 ويوليو 2013، حيث فقد المعدن الثمين حوالي ثلث قيمته الأولية. بالنتيجة، يمكن القول بأن ازدياد القوة الشرائية للدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى يؤدي حتماً إلى انخفاض أسعار السلع مثل الذهب، والسبب في ذلك يعود إلى أن العديد من المشترين على مستوى العالم يشترون الذهب باستخدام الدولار. وكذلك أيضاً، عندما تنخفض القوة الشرائية للدولار، يتجه المستثمرون باتجاه الذهب، مما يزيد الطلب على الذهب وترتفع أسعاره [7].
لقد استمر سعر الذهب في الانخفاض إلى أن وصل لأدنى مستوى له عند 1060 دولاراً للأونصة في يناير 2016 قبل أن يرتد قليلاً في الأعوام اللاحقة، ثم بدأ بالارتفاع التدريجي خلال العامين 2019 و2020. كما هو واضح في الرسم البياني أعلاه. وبسبب جائحة كورونا، شهد سعر الذهب تغييرات اضطرابيه كبيرة منذ مطلع 2020 بسبب المخاوف من تفشي الوباء وتأثيراته على الاقتصاد، حيث تحول المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن. في مارس 2020، انزلقت أسواق الأسهم العالمية بشكل كبير في أعقاب جائحة فيروس كورونا، مما دفع باتجاه العودة للذهب، الأمر الذي أدي لارتفاعه من جديد حيث وصل السعر في شهر أغسطس إلى 2070 دولار للأونصة في سابقة هي الأولى من نوعها على مر التاريخ [7].
العوامل التي تؤثر في تقلب أسعار الذهب
يتم البحث عن الذهب عادة، ليس فقط لأغراض الاستثمار وصنع المجوهرات، بل أيضاً لاستخدامه في تصنيع بعض الأجهزة الإلكترونية والاستخدامات الطبية (Fricker, 1996). في ظل ارتفاع أسعاره إلى أرقام قياسية كما حدث في العام 2020 حيث وصل إلى 2070 دولار للأونصة، بعد أن كانت لا تزيد عن 100 دولار منذ 50 عاماً، فإن هذا التغير الكبير لم يكن ليحصل لولا وجود عدة عوامل لعبت دور كبير في هذا التغيير الكبير. وللمزيد من المعلومات لابد من التعرف على هذه العوامل [5]:
1-احتياطيات البنك المركزي: تحتفظ البنوك المركزية للدول عادة بالعملات الورقية والذهب كاحتياطيات، ذكرت بلومبرج أن البنوك المركزية العالمية تشتري الذهب منذ أن تخلت الولايات المتحدة عن معيار الذهب في عام 1971. وقد كانت روسيا أكبر مشتر للذهب، تليها تركيا وكازاخستان.
2- قيمة الدولار الأمريكي: يرتبط سعر الذهب بشكل عكسي بقيمة الدولار الأمريكي لأن الذهب مقوم أصلاً بالدولار. ونظراً لأن الذهب مرتبط بالدولار بشكل عكسي ووثيق، فإن ارتفاع قيمة الدولار سيبقي سعر الذهب منخفضاً، بينما يساهم انخفاض قيمة الدولار في ارتفاع سعر الذهب من خلال زيادة الطلب عليه. نتيجة لذلك، غالبًا ما يُنظر إلى الذهب على أنه تحوط ضد التضخم.
3- المجوهرات والطلب الصناعي على الذهب: في عام 2019، شكل الطلب على المجوهرات ما يقرب من نصف الطلب الإجمالي على الذهب، والذي بلغ أكثر من 4400 طن لنفس العام. وفقًا لمجلس الذهب العالمي، فإن الهند والصين والولايات المتحدة أكبر مستهلكين لمجوهرات الذهب في العالم.
4- حماية الثروة: في أوقات الأزمات الاقتصادية، وخاصة أوقات الركود الاقتصادي، يتجه المزيد من المستثمرين إلى الاستثمار في الذهب كونه الملاذ الأكثر أمناً على الإطلاق لما له من قيمة ذاتية ضمنية بخلاف العملات الورقية المختلفة كذلك الأسهم والسندات التي تعكس قيماً أخرى.
5- الطلب الاستثماري: يشهد الذهب طلباً متزايداً من الصناديق المتداولة في البورصة التي تمتلك المعدن وتصدر الأسهم التي يمكن للمستثمرين شراؤها وبيعها. صندوق (GLD) هو الأكبر ويحتفظ بأكثر من 1040 طناً من الذهب حسب بيانات مارس 2020. إن زيادة الطلب على الذهب من قبل هذه الصناديق يعمل على زيادة السعر.
6- إنتاج الذهب: تعد الصين وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة وأستراليا وروسيا وبيرو من أكثر دول العالم تعديناً للذهب. يؤثر الإنتاج السنوي للذهب على سعره. أحد الأسباب الرئيسية لعدم زيادة انتاج الذهب خلال السنوات الماضية هو صعوبة إنتاجه، نظراً للمخاطر التي يتعرض لها عمال المناجم في الوصول إلى الذهب، مما يرفع تكلفة انتاجه ومن ثم ارتفاع أسعاره.
التداعيات الاقتصادية الناجمة عن التقلب في أسعار الذهب
يتضاءل تأثير الذهب على الاقتصاد ويتلاشى، اعتماداً على مدى أمان الاستثمارات الأخرى، وعندما الاستثمارات الأخرى تكون محفوفة بالمخاطر، يظهر الذهب كوسيلة تحوط أفضل. وينظر إلى الاقتصاد أنه قوي عندما يكون قائم على معيار الذهب.
الاتجاهات المستقبلية لأسعار الذهب
في عالم الاستثمار، سيبقى الذهب الملاذ الامن للمستثمرين يتحوطون به كل ما تغيرات أسعار العملات ستكون هناك دائماً مخاطر واحتمال الخسارة، ويعد احتياطياً ً للبنوك المركزية. يعد الذهب من المعادن النادرة، ويقدر الخبراء ان الطلب على الذهب اعلى من الكميات المعروضة في أغلب الأحيان مما يؤدي الى زيادة سعره بشكل مستمر [8].
النتائج والتوصيات
يعد الذهب أحد احتياطيات البنوك المركزية وإن ارتفاع كميته لديها يضفي استقراراً اقتصادياً لعملتها، ويلعب دوراً في استقرار القوة الشرائية من جهة وسعر صرف العملة المحلية من جهة أخرى. تشير الدراسات بأن أسعار الذهب ستحافظ على ارتفاعات مستمرة كون للمعدن الثمين العديد من الاستخدامات وأهمها الحلي والمجالات الطبية والالكترونية وغيرها.
المراجع
1- Wang H., Sheng H. and Zhang W. (2019), Influence factors of international gold futures price volatility, Transactions of Nonferrous Metals Society of China, Volume 29, Issue 11.
2- Baber, P. Baber, R. and Thomas, G. (2013), Factors affecting Gold prices: a case study of India, Conference Paper.
3- O’Connor, F. A., Lucey, B. M., Batten, J. A. and Baur, D. (2015), The Financial Economics of Gold – A Survey, International Review of Financial Analysis (41).
4- Wolla, S. A. (2015), Would a Gold Standard Brighten Economic Outcomes? Economics Newsletter.
5- Fricker, S. P. (1996), Medical Uses of Gold Compounds: Past, Present and Future, GoldBulletin, 29 (2).
6- Dey, S. (2016), Historical Events and the Gold Price, Indian Institute of Management, Kozhikode.
المواقع الالكترونية
– https://goldprice.com/project/the-history-of-gold/.
– https://arabic.sputniknews.com/business/201911211043469781.
– https://www.citeco.fr/sites/default/files/images_spip/gold-standard.pdf.
– https://www.fool.com/knowledge-center/how-do-gold-prices-affect-the-economy.aspx.
– https://goldprice.org/gold-price-charts/30-year-gold-price-history-in-us-dollars-per-ounce https://www.investopedia.com/financial-edge/0311/what-drives-the-price-of-gold.aspx.
– http://30rates.com/gold-price-forecast-and-predictions.
– https://primexbt.com/blog/gold-price-prediction-forecast/.
– https://www.forbes.com/sites/investor/2019/04/18/why-gold-could-rise-for-the-next-10-years/#942eed1c01b3.
– https://arabic.sputniknews.com/business/201911211043469781.
– https://arabic.rt.com/business/1079112-2020.
– https://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/464061.
– https://www.arabfinance.com/ar/news/details/egypt-economy/487922.