ملخص
يسعى المهندسون بصورة متزايدة الى تطوير أدوات وتصاميم تحدّ من الضرر الانشائي الذي يصيب المنشآت الهندسية أثناء الزلزال، في حين لايتم تكريس جهود كافية لدراسة أهمية تربة الموقع وأثرها في الضرر الزلزالي المتوقع. في هذه الورقة تم استعراض عدد من الأمثلة لتأثير تميّع التربة على الأضرار الناجمة عن الزلزال وآخرها زلزال 6 شباط عام 2023 في سوريا وتركيا. تم اقتراح مجموعة من الإجراءات للحدّ من أضرار هذه الظاهرة مع وجوب العمل على وضع خريطة للأماكن المؤهّبة لحدوث تميع للتربة فيها.
كلمات مفتاحية: تميّع التربة، ضرر زلزالي، تربة الموقع.
مقدمة
ان أسوأ الكوارث التي شهدتها الكرة الأرضية كان سببها غالبا الزلازل. تؤثر الزلازل على بقاع عديدة من القشرة الأرضية بصورة منتظمة ودورية تقريباً، وقد تؤثر على مواقع أخرى بصورة مفاجئة مسببةً في كلا الحالتين الدمار والخراب. يحدث معظم التدمير الزلزالي في مختلف المنشآت بسبب: التشققات، الحركة غير المتناظرة، فقدان متانة أو قساوة التربة. يؤدي فقدان متانة التربة لحدوث هبوطات في الأبنية، انهيار للسدود الترابية، انزلاقات وأخطار أخرى. تسمى العملية التي يحدث نتيجتها فقدان التربة لمقاومتها: تميّع التربة (Soil Liquefaction).
ما هو تميّع التربة أو التسيّل؟
مبدئياً تعتبر ظاهرة التميع ملازمة للترب المفككة المشبعة ذات الحبيبات الناعمة الى المتوسطة. إحدى أولى المحاولات لشرح ظاهرة التميع في الترب الرملية تمت من قبل العالم كساغراندي عام 1936[1] Casagrande حيث استندت محاولته على مفهوم نسبة الفراغات الحرجة CVR (critical void ratio) وهي النسبة التي لايحدث عندها تغير في الحجم عند تعرض الرمل لاجهادات قص، أي أن طبقات الرمل ذات نسبة الفراغات الأكبر من نسبة الفراغات الحرجة تميل الى التقلص (انخفاض الحجم) عند تعرضها الى اجهادات قص ناتجة عن الزلازل، وفي حال عدم امكانية تصريف المياه المسامية فإن ضغط الماء المسامي سيرتفع، وحسب مبدأ الإجهاد الفعّال[2] فإن قيمة الإجهاد الفعّال عند أي عمق من طبقة التربة تحسب من العلاقة:
حيث:
الإجهاد الفعّال
الإجهاد الكلي
ضغط ماء المسام
في حال بقاء قيمة ثابتة بينما يزداد ضغط الماء المسامي بشكل تدريجي فإننا قد نصل الى لحظة تصبح فيها قيمة مساوية للصفر، عند حصول ذلك فإن الرمل يفقد أي مقاومة للقص وتتحول التربة الى سائل.
بدأ مهندسو الزلازل ومراكز الأبحاث الأكاديمية ابداء اهتمام كبير لهذة الظاهرة منذ عام 1964 نتيجة لحدوث زلزال نيجاتا في اليابان بشدة تقدر ب 7.5 على مقياس ريختر حيث حصلت أضرار جسيمة بفعل تميع الرسوبيات الرملية في المناطق المنخفضة من مدينة نيجاتا. تربة هذه المدينة وما حولها تتكون من التوضعات الرسوبية الحديثة ذات الكثافة المنخفضة ومنسوب مرتفع للمياه الجوفية. فكانت النتيجة أن 2000 منزل دمرت بشكل كامل وحوالي 200 منزل من البيتون المسلح عانت من ميلان حاد دون أي ضرر يذكر في بنيتها الإنشائية .[3]
الشكل (1): زلزال نيجاتا اليابان 1964
يُعدّ زلزال باولو في اندونيسيا عام 2018 ذي الشدة 7.5 أيضاً أحد الأمثلة الصادمة عن الكوارث الذي يُحدثها تميع التربة بفعل الزلزال ، فوفقاً للوكالة الوطنية الإندونيسية للاستجابة للكوارث [4] (BNPB)، فُقد أكثر من 3000 شخص في بيتوبو وبالاروا، اثنتان من أكثر مناطق باولو تضرراً. أظهرت صور الاستشعار عن بعد قبل الكارثة وبعدها، قريةً بأكملها، بما في ذلك المنازل والطرق، غمرها الطين الأصفر الشكل (2) [5].
و في زلزال 6 شباط عام 2023 الذي ضرب كل من سوريا وتركيا كان هناك عدة أمثلة عن الأضرار الناجمة عن التميّع بفعل الزلزال في كل من مدن انطاكية (على طول مجرى نهر العاصي) وميناء اسكندرونة ومطار هاتاي.[6]
الشكل (2): زلزال بالو اندنيسيا 2018 [5]
الشكل: (3) الأضرار الناتجة عن تميع التربة في مطار هاتاي بعد زلزال 6 شباط 2023 [6]
المربعات الحمراء: مواقع تميّع التربة – الخطوط الحمراء :التشققات في أرض المطار
الاجراءات الممكن اتخاذها للتخفيف من احتمال حدوث التميع وأضراره [7]
بهدف ضمان أمان المشاريع الهندسية والتي من المرجّح أن تكون عرضةً للضرر نتيجة تميّع التربة يمكن اتّباع الاجراءات التالية:
الخلاصة
على الرغم من التقدم الهائل المحرز خلال السنوات الستون الماضية نحو فهم أفضل لظاهرة تميّع التربة الناجم عن الزلازل، لاتزال هناك جوانب عديدة بحاجة للمزيد من البحث والاستقصاء . ان الحد من الضرر الناجم عن تميّع التربة يبدأ بمعرفة الأماكن المؤهلة لحدوث هذه الظاهرة وعليه فإن وضع خرائط لهذه المواقع يُعتبر خطوة أولى نحو التوصيف الصحيح والدقيق لهذه الظاهرة وذلك بالإستعانة بتقنيات الاستشعار عن بُعد وبالمعطيات المتوفرة من زلازل سابقة والخبرات المحلية.
المراجع :
– Casagrande, A. (1937). “Seepage Through Dams,” in Contribution to Soil Mechanics
1925–1940, Boston Society of Civil Engineers, Boston.
– Terzaghi, K. (1936). “Relation Between Soil Mechanics and Foundation Engineering:
Presidential Address,” Proceedings, First International Conference on Soil Mechanics
and Foundation Engineering, Boston,
– The Earthquake Engineering Research Center Library,University of California at Berkeley.
– Badan Nasional Penanggulangan Bencana – BNPB
– Zhang ,Y. B., (2018) Research on Risk Control and System Perfection of Emergency Command System, Journal of Catastrophology.
– M, Valkaniotis. S, Karantanellis. E, Goula. E, Papathanassiou. G, (2023),” Preliminary mapping of liquefaction phenomena triggered by the February 6 2023 M7.7 earthquake, Turkey /Syria, based on remote sensing data: https://www.researchgate.net/publication/368751432
– Alfach.M, “Liquefaction of Soil”: https://www.academia.edu/42615399