مقاومة الموظفين للتغيير التنظيمي وأساليب الحد منها
كلية العلوم الإدارية و المالية - الجامعة الوطنية الخاصة
رغم إدراك الإنسان أنّ التغيير هو سنة الحياة إلا أنّه يقاوم أي تغيير قد يطرأ على حياته الخاصة أو المهنية، ويُعتبر التغيير أحد المخاوف التي تؤرق حياة الانسان، ويحاول الإنسان مقاومة التغيير بشدة عندما يكون دون رغبته أو يتعارض مع مصالحه أو يفقده أحد مكتسباته.
وقد يقوم الإنسان بمقاومة التغيير لأسباب واضحة أو غير واضحة مرتبطة بعقله الباطني، وقد يكون غير قادر على تفسير مقاومته للتغيير، ومن أنواع التغيير التي يقاومها الإنسان التغيير في حياته الوظيفية حيث يواجه الموظف مخاوف تتعلق بفقدان منصبه الوظيفي أو زيادة مسؤولياته أو تغيير طبيعة عمله …
ويعتبر التغيير ضرورة لا بد منها للمنظمات، وتأتي ضرورة التغيير إمّا كاستجابة لضغوط البيئة الخارجية (المنافسة، تغير في الظروف السياسية أو الاقتصادية أو القانونية)، أو كاستجابة لظروف الشركة الداخلية مثل الترهل الإداري أو توسيع العمل في المنظمة أو الاستغناء عن بعض الأعمال في المنظمة…….
وتثبت تجارب بعض الشركات التي رفضت التغيير العواقب الوخيمة لمقاومة التغيير، حيث خروج بعض الشركات العالمية الرائدة من المنافسة بسبب عدم استجابتها للتغيير مثل شركة “نوكيا”.
لا بد من الإشارة إلى أنّ التغيير ليس بالضرورة أن يكون شيء إيجابي بالمطلق، قد يكون التغيير اضطرارياً للتعامل مع وضع غير طبيعي، أو لتفادي ضرر معين.
ويأخذ التغيير في المنظمات عدة أشكال منها:
مراحل عملية التغيير
مرحلة الاستعلام:
في هذه المرحلة يقوم المدير بدراسة استطلاعية لفهم وتقييم الوضعية الراهنة ووضع رؤية مستقبلية للمنظمة، لاستكشاف الفجوة بينهما ومناقشة الحاجة إلى التغيير، وتحديد الجدول الزمني المتوقع للعملية والإمكانيات اللازمة، لأنّ التغيير مشروع مقيد بعنصري الوقت والموارد.
مرحلة الاستجابة ورد الفعل:
تتمثل هذه المرحلة في المدة الزمنية التي تقضيها إدارة المنظمة في دراسة إمكانية أو عدم إمكانية التغيير. وتختلف مرحلة الاستجابة من منظمة لأخرى فالمنظمة اليقظة تكون مهيأة لاستغلال الفرص والقيام بالتغيير، أما المنظمة التي تعمل بمبدأ رد الفعل فتكون استجابتها بطيئة وهذا ما قد يفوت عليها عدة فرص.
مرحلة التصميم:
خلال هذه المرحلة تشرع المنظمة في وضع خطة وبرنامج دقيق، وعادة ما يتم الاستعانة بالمستشارين الداخليين والخبرة الأجنبية عند الضرورة.
مرحلة التنفيذ:
يتم في هذه المرحلة تجسيد وتطبيق القرارات والإجراءات المتخذة، أي تحويل الخطط إلى أفعال على أرض الواقع، وهنا يجب على كل عضو داخل المنظمة الالتزام بما ورد في الخطة ويلعب المدير دوره من خلال شخصيته وسلطته ومختلف أنواع المحفزات، مع تحقيق مكاسب سريعة لضمان مساندة ودعم الموظفين.
مرحلة التأثير والتقييم:
في هذه المرحلة تبدأ نتائج هذه العملية في الظهور، وهنا على المدير تقييم التغيير لمعرفة مدى الانحراف بين ما تم التخطيط له وما تحقق والحكم على نجاح التغيير من عدمه.
ويلعب رواد التغيير في المنظمات دوراً أساسياً في كسب تأييد الأفراد للتغيير، ويمكن استخدام أساليب بهدف تخفيف حدة المقاومة لعملية التغيير في حال عدم القدرة على كسب التأييد للتغيير.
ويقوم بعض الموظفين بسلوكيات غير مقبولة للتعبير عن رفضهم للتغيير التنظيمي مثل التقليل من الحاجة للتغيير، والتهجم على أي فكرة جديدة، وإثارة العديد من التساؤلات غير المرتبطة بالتغيير، والتشكيك بنتائج التغيير وعدالته، وصولاً إلى الامتناع عن العمل.
– السلوك الدفاعي العلني: يتمثل في الاضطرابات وتباطؤ الانتاج أو زيادة الاخطاء، أو الرفض والمعارضة الشديدة وقد تنتهي بالاستقالة وترك العمل.
السلوك الدفاعي الضمني او المستتر: يتمثل في ضعف الولاء للمنظمة وفقدان الدافعية للعمل، مع بروز ظاهرة التأخير والتأجيل فالانسحاب.
الاستسلام: دون مناقشة للقيم والمهارات الجديدة مما يتطلب زيادة وقت التعلم والتدريب والتمارض وعدم الرضا بشكل عام.
ومن الأساليب الممكن استخدامها للحد من مقاومة التغيير:
المشاركة: عندما يقوم المدير بمشاركة الموظف في التغيير ويأخذ رغباته وحاجاته بعين الاعتبار يميل الموظف إلى تقبل التغيير وتبنيه.
التعليم والاتصال: عندما يكون التغيير مرتبط بالتكنولوجيا أو بطريقة أداء العمل يمكن اللجوء إلى تدريب الموظفين على التكنولوجيا الجديدة وطريقة العمل الصحيحة مما يخفف مقاومة الأفراد للتغيير.
التفاوض والاتفاق: يلجأ المدير إلى استخدام التفاوض في حال كان التغيير يؤدي إلى فقدان بعض الموظفين لمناصبهم أو مكتسباتهم.
الترهيب الصريح: يُعتبر آخر خيار ممكن للمدير اللجوء إليه في حال كان رفض التغيير غير مبرر من قبل الموظفين، ولا يُنصح بهذا الأسلوب.
ومن الأسباب التي تدفع الموظفين لمقاومة التغيير التنظيمي:
أولاً: أسباب تنظيمية:
تعني تخوف العاملين من أن التغيير المقترح لا يقابله الاستعداد التنظيمي المناسب تحقيقه، فعدم وضوح الإجراءات والتعليمات والأمور الفنية لكافة المشاركين في المشروع يشعرهم بعدم الجدية يضاف إلى ذلك سوء الفهم بين العاملين ورؤسائهم حول محتوى وتفاصيل خطة التطوير التنظيمي، وكذا التكاليف المرتفعة للمشروع، هذا إذا كان التغيير يستلزم معرفة ومهارات جديدة غير التي يحوزها الفرد حاليا، فإنه يحس كأن ما تكبده من نفقات لم يعط العائد المطلوب، كما أن التغيير كثيرا ما يفرض أعباء وضغوط عمل كبيرة.
ثانياً: أسباب شخصية:
وهي أسباب تتعلق أساسا بالفرد العامل كمستوى إدراكه لفكرة التغيير، بمعنى نظرته إلى أي وضع أو موقف التي تستند إلى إدراكه الاختياري، وهذا الإدراك من الصعب تغييره، إذا كانت اتجاهات الفرد أصلا سلبية اتجاه التنظيم، يضاف إلى ذلك قلة الفهم والثقة في محتوى العملية والخوف من نتائج هذا التغيير كفقدان الاعتبار والسلطة، وكذا عدم الثقة في الأشخاص القائمين على العملية، يضاف إلى هذا كله طبيعة الإنسان التي تميل إلى الاستقرار والثبات. وكلها عوامل تتلخص في اتجاه الفرد لتغليب المصلحة الشخصية على مصلحة المنظمة
ثالثا: أسباب إجرائية:
للتغيير مجموعة من الخطوات والتعليمات والمتطلبات الفنية اللازمة لتحقيقه، وهو ما يتطلب وضوحاً في الإجراءات والتعليمات لكل المشاركين في عملية تنفيذه، وأن يكون كل عضو من الأعضاء المتأثرين والمنفذين على علم بما هو مطلوب منهم، كذلك ضعف مستوى الاتصال والتنسيق بين القائمين على التغيير والمنفذين له، مما يسبب سوء فهم للمشروع، وعدم الإدراك الكافي لأهدافه ومقاصده، الأمر الذي يؤدي إلى مقاومته من قبل العمال.
رابعاً: أسباب اجتماعية:
تتلخص في رغبة الأفراد في الإبقاء على العلاقات القائمة، والرغبة في الحفاظ على الولاء والتضامن الاجتماعي بين الأفراد، ورغبة الأفراد في تكوين علاقات اجتماعية مستقرة، وقد يرفض الأفراد التغيير بسبب عدم توافقه مع القيم الاجتماعية السائدة.
بعد استعراض أهمية التغيير التنظيمي ومبرراته وطرق مقاومته من قبل الموظفين، لابد من الإشارة إلى ضرورة فتح فنوات تواصل مع الموظفين بهدف إقناعهم بمبررات التغيير وأثره الإيجابي على المنظمة وعلى الموظفين، ولا بد من فهم هواجس الموظفين والعمل على معالجتها.
المراجع: