ملخص:
يعتبر استثمار التطور الكبير والتقدم التكنولوجي الهائل الذي قطعته الهندسة المدنية في جميع المجالات عاملاً حاسماً لإعادة الاعمار و تأهيل البنية التحتية في سورية نتيجة لظروف الحرب والزلزال الذي تعرضت له عام 2023 عبر الاستفادة من التطور الهندسي وجعل القطاع الهندسي قادراً على معالجة التحديات المستقبلية , وتهدف هذه المقالة لتعريف المهندسين المدنيين بأهم الاستراتيجيات المعتمدة على التقدم الهندسي لإعادة تأهيل البنية التحتية واستثمارها في وضع الحلول المناسبة لإعادة تأهيل جسر الرستن اعتماداً على التقنيات الهندسية الحديثة باعتباره نموذجاً عن البنية التحتية المتضررة في سورية.
كلمات مفتاحية: البنية التحتية، الزلزال، التقدم الهندسي، جسر الرستن.
مقالة علمية في كلية الهندسة المدنية
* – عضو هيئة تدريسية في كلية الهندسة المدنية – الجامعة الوطنية الخاصة.
1-مقدمة:
يواجه المهندسون المدنيون في سورية العديد من التحديات في تطوير وتحسين البنية التحتية العامة وخاصة في مرحلة إعادة الاعمار ومن أبرز هذه التحديات:
ان العوامل السابقة تتطلب من المهندسين المدنيين تحقيق توازن كبير بين الابتكار والتقدم وبين الاقتصاد في استخدام الموارد المتاحة وهو ما قد يشكل تحديًا كبيراً في ظل المتطلبات المتزايدة للبنية التحتية الحديثة.
2- أهمية إعادة تأهيل البنية التحتية:
البنية التحتية العامة هي العمود الفقري لأي مجتمع حديث، حيث تشمل الطرق، وشبكات المياه والصرف الصحي،
والكهرباء، والاتصالات. تلعب هذه البنية دوراً حيوياً في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز جودة الحياة للمواطنين [3] من
خلال ما يلي:
3- استراتيجيات التقدم في الهندسة المدنية لإعادة تأهيل البنية التحتية:
لا يقتصر التقدم في الهندسة على استخدام تقنيات جديدة فقط، بل يشمل أيضاً إعادة التفكير في كيفية التعامل مع المشكلات والتحديات ووضع الاستراتيجيات العامة اللازمة لتطوير وإعادة تأهيل البنية التحتية [2] وتشمل ما يلي:
3-1- التقييم الشامل للبنية التحتية باستخدام التقنيات الحديثة:

الشكل(1) : نماذج للاختبارات غير المدمرة للبنى التحتية
3-2- استخدام التكنولوجيا المتقدمة والتوائم الرقمية:
تسهم التكنولوجيا في تسريع وتسهيل عملية إعادة التأهيل من خلال استخدام التوائم الرقمية لمحاكاة وتقييم استراتيجيات التجديد المختلفة للمباني القائمة وتقييم تأثير التغييرات على السلامة الهيكلية وكفاءة الطاقة والأداء العام، مما يتيح اتخاذ قرارات تنبؤية واضحة خلال تجديد البنى التحتية وتحديثها, ويمكن استخدام البرامج الهندسية المتطورة والطرائق العددية المعتمدة على العناصر المحدودة لنمذجة المنشأت المختلفة ودراسة المتغيرات الممكن حدوثها والتصور الأفضل لإعادة تأهيل البنية التحتية , و تمكننا التوائم الرقمية من دمج البيانات التي نحصل عليها من المستشعرات ومعدات لمراقبة في الوقت الفعلي باستخدام شبكات الانترنيت مما يحسن من مراقبة أداء البنى التحتية. [4]
وتشمل التوائم الرقمية التقنيات التالية (نمذجة معلومات البناء BIM، الواقع الافتراضي Virtual Reality ((VR، الواقع المعزز Augmented Reality ((AR، ا لواقع المختلط (MR)، الحوسبة السحابية، الذكاء الصنعي)، وبعضها موضح في الشكلين (2) و (3).

الشكل (2): نماذج للتوائم الرقمية المستخدمة في تطوير البنية التحتية

الشكل (3): تقنية BIM والنمذجة العددية للبنى التحتية
3-3- تطوير المواد الذكية الصديقة للبيئة:
مواد البناء الذكية هي مواد متطورة تتفاعل بشكل ديناميكي مع التغيرات البيئية أو الميكانيكية المحيطة بها، وتستجيب لهذه التغيرات من خلال تغيير خصائصها أو سلوكها. يشمل ذلك مواد تتحكم في درجة الحرارة، الرطوبة، الضوضاء، أو حتى الضوء. هذه المواد تستفيد من التقنيات الجديدة وتفيد في عملية إعادة التأهيل للبنية التحتية المتضررة وتشمل (المواد ذات الذاكرة الشكلية، المواد التفاعلية التي تتغير استجابة للظروف المحيطية، الإضافات الحديثة للخلطة البيتونية، بدائل قضبان التسليح، مواد التدعيم الحديثة، المواد النانوية) وبعضها موضح في الشكل (4).

الشكل (4): ستاد Allianz Arena Munich لكرة القدم في ميونيخ والمغطى بمادة Fluon ETFE Filmالذكية
3-4- استخدام تكنولوجيا التنفيذ الحديثة:
مهدت التطورات التكنولوجية الحديثة الطريق لعالم تصميم وهندسة معمارية أفضل مثل التطورات مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد للمباني، وهي مفهوم جديد نسبيًا في الهندسة يتيح إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد فعلية ومفصلة لتصميمات معمارية معقدة من المنازل الصغيرة إلى الهياكل الحضرية واسعة النطاق مع وجود عدد لا نهائي من الاحتمالات المتاحة للمستقبل كما هو موضح في الشكل (5) , بالإضافة للتطور في مجال المعدات الحديثة اللازمة لهدم المباني وإعادة استخدام الركام في البناء والطرق , كما ساعد التطور في الروبوتات على القيام بالكثير من الأعمال اللازمة لإعادة تأهيل البنية التحتية كما هو موضح في الشكل (6) .

الشكل (5): الطباعة ثلاثية الأبعاد للمباني

الشكل (6): استخدام الروبوتات في أعمال البناء
3-5- تحقيق الاستدامة في المباني الحديثة والبنى التحتية:
يشير مفهوم البنية التحتية المستدامة إلى المعدات والأنظمة المصممة لتلبية احتياجات الخدمة الأساسية للسكان – بما في ذلك الطرق والجسور وأبراج الهاتف ومحطات الطاقة الكهرومائية وما إلى ذلك – بناءً على مبادئ مستدامة شاملة [5] ويتيح الجمع والتكامل بين نظام إدارة المباني (BMS) المستخدم لمراقبة وإدارة الأنظمة والخدمات الميكانيكية والكهربائية والكهروميكانيكية في المنشأة، وبين نظام نمذجة معلومات المباني BIM)) الفرصة لتقديم العديد من متطلبات الاستدامة للمبنى مثل (تحديد ساعات الذروة في استهلاكات المباني، تحقيق حالة الصفر الصافي بسبب استهلاك الطاقة المتجددة تقييم الهدر في الطاقة والاستفادة من ضوء النهار، ترشيد استهلاك المياه ضمن المباني، تقدير إمكانات توليد الطاقة على الأسطح والواجهات، تحقيق معايير الأبنية الخضراء).
3-6- الصيانة الدورية والمتابعة المستمرة:
إعادة تأهيل البنية التحتية لا تعني فقط تجديدها، بل تتطلب أيضًا صيانة دورية لضمان استدامتها. تتضمن هذه الصيانة تطبيق تقنيات مراقبة مستمرة باستخدام أجهزة استشعار ذكية وأدوات تحليل بيانات لقياس الأداء على مدار الزمن.
4- تطبيق التقنيات الحديثة في الهندسة لإعادة تأهيل جسر الرستن:
بني جسر الرستن الحالي في أوائل سبعينيات القرن العشرين ، ويبلغ طول جسر الرستن الحالي حوالي 600 متر وعرضه 16 مترًا، ويرتفع في بعض أجزائه إلى أقل من 100 متر. يتألف الجسر من 14 فتحة تمتد على طول الهيكل، نُفذت دعاماته باستخدام قوالب منزلقة. الهيكل العلوي للجسر مكون من 84 عارضة، كل منها بطول 41.2 متر ووزن 150 طنًا كما هو موضح في الشكل (7)، يُعتبر جسر الرستن أحد أهم المعابر الحيوية في سوريا حيث يربط بين شمال وجنوب البلاد عبر الطريق الدولي M5 وقد تعرض جسر الرستن للتفجير مما سبب أضراراً جسيمة في جسم الجسر وبعض الركائز وأصبح هناك حاجة ماسة لعمليات ترميم وإعادة تأهيل لضمان استعادة الجسر لوظيفته الحيوية في ربط المناطق السورية وتسهيل حركة النقل والتجارة.

الشكل (7): بعض الأضرار في جسر الرستن
تشمل مقترحات لتطبيق التقنيات الحديثة في الهندسة لإعادة تأهيل جسر الرستن ما يلي:
5- المراجع:
[1]- Akinyemi, E. O., & Zuidgeest, M. H. (2002). “Managing transportation infrastructure for sustainable development“. Computer‐Aided Civil and Infrastructure Engineering, 17(3), 148-161.
[2]- Panayotou, T. (1998). “The role of the private sector in sustainable infrastructure development“. Harvard Institute for International Development.
[3]- سليمان خالد سليمان أبو غريبه . (2024). ” دور مهندس المدنية في تطوير وتحسين البنية التحتية العامة تحليل للسياسات والممارسات الحالية والمستقبلية“. مجلة المجتمع العربي لنشر الدراسات العلمية(JASPSS) , 25الاصدار رقم 54 – (2024).
[4]- احمد سمير نايف واحمد محمد جاسم. (2017). ” استخدام المعرفة البشرية لتكنولوجيا المعلومات وأثرها على أداء الموارد البشرية في المؤسسات الحكومية: دراسة ميدانية في جامعة ديالى“. مجلة الدراسات المحاسبية والمالية (JAFS)، ١٢ , ٣٨.
[5]- وفاء احمد محمود العموش. (2022). “دور البنية التحتية في التنمية المستدامة“. المجلة العربية للنشر العلمي (AJSP)، الإصدار الخامس – العد د تسعة وأربعون، تاريخ الإصدار: 2 – تشرين الثاني – 2022 م.

كلية الهندسة المدنية - الجامعة الوطنية الخاصة