الـواحــة الطلابيــة للجـامعــة الوطنيــة الخـاصــة
Student Oasis of Al-Wataniya Private University
الدكتورة : ربا السعيد
الدكتورة: هبة الجدوع
أغيد يوسف الصلاوي
عمار خطاب
غصون حكواتي
1- المقدمة:
تُعد ندرة المياه العذبة تحديًا عالميًا دفع إلى إنشاء أولى محطات التحلية في أواخر خمسينيات القرن الماضي لمواجهة الطلب المتزايد نتيجة النمو السكاني [1,2]. اعتمدت التقنيات الأولى على الطاقة الحرارية بسبب انخفاض أسعار الوقود، لكن مع ارتفاع تكاليف الطاقة، تركزت الجهود على تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف [3]، سواء عبر تطوير تقنيات قائمة مثل التقطير الومضي متعدد المراحل (MSF)، أو إدخال تقنيات جديدة مثل الأغشية شبه النفاذة، مما جعل التناضح العكسي (RO) التقنية الأكثر استخدامًا اليوم. وتشير تحلية المياه إلى استخراج مياه عذبة من مصادر مالحة، خاصة مياه البحر. [4,5]
يشير مصطلح “تحلية المياه” إلى العملية التكنولوجية المستخدمة لاستخراج المياه العذبة من المياه المالحة أو قليلة الملوحة، وغالباً ما يكون مصدر المياه المستخدم في هذه العملية هو مياه البحر.
1-1 الخلفية التاريخية:
ظهرت فكرة تحلية المياه لأول مرة في أواخر القرن الثامن عشر على يد البحرية الملكية البريطانية لزيادة استقلالية السفن دون الحاجة لتخزين كميات كبيرة من المياه[6] ، معتمدة على التقطير الومضي المفرد نتيجة استخدام المحركات البخارية. وقد طُورت لاحقًا إلى تقنية التقطير الومضي متعدد المراحل (MSF) لتحسين الكفاءة. أُنشئت أول وحدة تحلية في عام 1885 في غلاسكو بواسطة شركة G. and J. Weir [7]، التي أصبحت لاحقًا Weir Westgarth، واحتكرت بناء هذه الوحدات حتى الحرب العالمية الثانية. لاحقًا، انتشرت محطات التحلية للأغراض المدنية، وكانت جدة أول مدينة في الخليج العربي تُركب محطة تحلية عام 1907، وتم استبدالها في عام 1928 بوحدتين من شركة Weir Westgarth بقدرة 135 م³/يوميًا.[8]
التقنية الرئيسية الأخرى هي تقنية التناضح العكسي (RO)[8] ، التي تعتمد على الأغشية شبه النفاذة. تاريخيًا، تمت ملاحظة ظاهرة التناضح لأول مرة في عام 1748 بواسطة جان أنطوان نوليه، ولكن لم يتم استخدامها عمليًا لمدة قرنين تقريبًا.[9]
بدأت أبحاث التناضح العكسي في الولايات المتحدة عام 1956 على يد لوب وسوريراجان، وتم تصنيع أول غشاء في 1959، ثم إنشاء محطة تجريبية في 1965 بقدرة 19 م³/يوميًا[6]. ساهم تطوير الأغشية غير المتجانسة في تحسين كفاءة التقنية، إلا أن انتشارها كان بطيئًا بسبب استهلاك الكهرباء العالي وقصر عمر الأغشية. اقتصر استخدامها أولاً على المياه قليلة الملوحة، وتم لاحقًا بناء أول محطة بلدية عام 1977 بقدرة 11,350 م³/يوميًا، وتلتها محطة أكبر عام 1985 بقدرة 56,800 م³/يوميًا. [9]
2- الحالة الراهنة:
تتوفر اليوم عدة تقنيات لتحلية المياه، وتُعد وحدة التحلية أكثر مكونات المحطة استهلاكًا للطاقة، مما يجعل كفاءة الطاقة محورًا أساسيًا في الدراسات الحديثة. صنف “Alkaisi” تقنيات التحلية إلى ثلاث فئات رئيسية: التبخير والتكثيف، الترشيح، والتبلور. وقد أُضيفت مؤخرًا تقنيات ناشئة، مثل التحلية بالتجميد أو باستخدام الإشعاع الشمسي المباشر.[10]
يوضح الشكل التالي تحديثًا للتصنيف المقترح من قبل “Alkaisi”، حيث يتم دمج التقنيات الحديثة التي تخضع للبحث في الوقت الحالي، مثلًا تقنيات تعتمد على تجميد المياه أو الإشعاع الشمسي.
الشكل (1) تصنيف تقنيات التحلية حسب مبدأ العمل
تقنيات التبخير والتكثيف هي أولى تقنيات تحلية المياه التي تم إدخالها واستخدامها تاريخياً لإنتاج المياه العذبة للأغراض المدنية. تقوم الفكرة على تزويد مياه البحر بالطاقة الحرارية، مما يؤدي إلى إنتاج بخار يتم تكثيفه لاحقًا.
يمكن توليد الطاقة الحرارية اللازمة للتحلية إما من خلال عملية احتراق أو عبر عملية ميكانيكية. في الحالة الأولى، تشمل التقنيات الأكثر شيوعاً التقطير متعدد التأثيرات (MED)، التقطير متعدد المراحل (MSF)، ضغط البخار الحراري (TVC)، والتحلية باستخدام الأغشية (MD). حاليًا، هناك أساليب جديدة قيد البحث، ومن بينها حلول تعتمد على الإشعاع الشمسي مثل التقطير الشمسي (SSD)، المدخنة الشمسية (SC)، وتقنيات التحلية عبر الترطيب وإزالة الرطوبة (HDH). فيما يتعلق بالعمليات الميكانيكية المستخدمة لإنتاج المياه العذبة عبر تبخير وتكثيف مياه البحر، فإن التقنية الرئيسية هي ضغط البخار الميكانيكي (MVC) .[11,12]
أما بالنسبة لتقنيات الترشيح، فكل الحلول تعتمد أساسا على الأغشية شبه النفاذة، وهي طبقة تُظهر سلوك عبور مختلف وفقًا لحجم أو طبيعة الجزيئات.[13]
في هذا السياق، تُعد تقنية التناضح العكسي (RO) الأكثر استخداماً في عمليات التحلية. كما يتم استخدام التحليل الكهربائي (ED) وراتنجات التبادل الأيوني (IXR) لإنتاج مياه ذات تركيز محدود جدًا من الأملاح. أما التقنيات الأخرى، مثل التناضح الأمامي (FO)، والترشيح النانوي (NF)، ونزع الأيونات بالسعة (CDI)، فهي لا تزال في مرحلة التطوير .[14]
الشكل (2) تطور عمليات التحلية
2-1 تصنيف آخر مفيد لتحلية المياه
يمكن تصنيف تقنيات التحلية بناءً على نوع الطاقة الرئيسية المطلوبة لتشغيل العملية، كما هو موضح في الشكل 3. يُعد هذا الجانب مهمًا لتحديد مصادر الطاقة المتجددة المناسبة لدعم عملية التحلية.[19] بالتفصيل، هناك أربعة أنواع من الطاقة التي يمكن النظر إليها:
– الطاقة الحرارية، – الطاقة الميكانيكية، – الطاقة الكهربائية، – الطاقة الكيميائية
تعتمد التقنيات الحرارية مثل MSF، MED، TVC، MD، SC، HDH وSSD على حرارة يتم توفيرها من مصادر مثل الطاقة الشمسية أو الجوفية، مع الإشارة إلى أن SC، HDH، وSSD صُممت خصيصًا للاستفادة المباشرة من الإشعاع الشمسي.
تشمل التقنيات التي تحتاج لطاقة ميكانيكية MVC، RO، NF، وSRF، حيث تستهلك المضخات والضواغط الجزء الأكبر من الطاقة. وتُشغّل عادةً باستخدام الكهرباء التي تتحول إلى طاقة ميكانيكية عبر محركات كهربائية
بالنسبة للفئتين الأخيرتين، فهناك أمثلة محدودة. تتطلب تقنيات التحليل الكهربائي (ED) ونزع الأيونات بالسعة (CDI) توليد مجال كهربائي بين إلكترودين، يفصل بينهما غشاء أنيوني وغشاء كاتيوني (أغشية انتقائية تسمح بعبور الأيونات الموجبة والسالبة على التوالي). في هذه الحالة، تُعتبر الكهرباء المصدر الوحيد لتشغيل العملية.[15]
أما بالنسبة لـ راتنجات التبادل الأيوني (IXR)، فإن مبدأ العمل يقوم على الاستبدال الكيميائي للأيونات الموجبة والسالبة. وفي حالة التناضح الأمامي (FO)، يحدث استبدال للمذاب لاستخراج المياه من محلول ملحي.
من المهم الإشارة إلى أن الطاقة الميكانيكية والكهربائية قابلة للتحويل بكفاءة عالية، مما يسمح بتشغيل عمليات التحلية الميكانيكية باستخدام مصادر كهربائية، والعكس عبر المولدات.[16]
الشكل (3) تصنيف تقنيات التحلية حسب الطاقة
أما الطاقة الحرارية، فهي حالة مختلفة، حيث يمكن الحصول عليها بسهولة من الكهرباء عبر تأثير جول (Joule Effect) أو المضخات الحرارية. ومع ذلك، فإن تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية أو كهربائية يتم عبر الآلات الحرارية أو المحطات، لكنه يتميز بكفاءة طاقة منخفضة مقارنة بالحالات السابقة، وذلك لأسباب تتعلق بالديناميكا الحرارية والعوامل التقنية.[17]
2-2 التقطير متعدد التأثير -متعدد المراحل(Multi-Effect Distillation)
تم إنشاء أول محطة MED في الكويت خلال الخمسينيات باستخدام مفاعل تبخير ثلاثي التأثير. ورغم كونها من أولى تقنيات التحلية، كانت تواجه مشاكل fouling على الأنابيب، مما حد من انتشارها. منذ الثمانينيات، تم تحسينها باستخدام درجات حرارة منخفضة لتقليل التراكم والتآكل. تُستخدم MED أيضًا في الصناعات الغذائية وإنتاج الأملاح.[18,19]
تختلف تكوينات MED بناءً على شكل المبادلات الحرارية واتجاه تدفق المحلول. يمكن ترتيب التأثيرات في خط واحد أو مزدوج لتحسين heat recovery، وتصنف إلى درجات حرارة منخفضة (<90°C) وعالية. (>90°C) عادةً ما يُستعاد البخار من توربينات أو مصادر waste heat، ولا يتلامس مع المياه المالحة[20].
تُحدد درجة حرارة المحلول بحد أقصى 120°C لتفادي ترسيب CaSO₄ تتكون محطة MED من مصدر بخار، مبادلات حرارية، مكثف، ونظام فراغ. يتم تقسيم مياه البحر إلى خطين لاسترداد الطاقة، حيث يُسخن الماء عبر مبادلات حرارية.[21]
يتم رش الماء الساخن في الغرفة الأولى لتكوين thin film يعزز التبخر، وينتقل البخار إلى الغرف التالية لتكرار العملية. في النهاية، يُكثف البخار في المكثف باستخدام مياه التغذية. يتم تمرير المحلول الملحي عبر الغرف لاستخلاص المزيد من المياه، وتعتمد الكفاءة على عدد التأثيرات، التي تتراوح من 4 إلى 21[22]
الشكل (4) وحدة تحلية بنمط متعدد التأثير (المراحل)
2-3 التحلية بالتناضح العكسي (RO):
يُعدّ التناضح العكسي التقنية الأكثر استخدامًا في العالم لتحلية المياه، حيث يُشكّل الجزء الأكبر من إنتاج المياه المُحلّاة عالميًا. وتقوم هذه التقنية على تطبيق ضغط على مياه البحر لدفعها عبر أغشية شبه نفاذة تزيل الأملاح والشوائب.[23]
“نما استخدام تقنية التناضح العكسي لتُهيمن على سوق التحلية العالمي نظرًا لكفاءتها العالية نسبيًا في استهلاك الطاقة وقابليتها للتوسع. ومع ذلك، لا تزال مشاكل تراكم الرواسب والتخلص من المحلول الملحي من أبرز التحديات. [24]
الشكل (5) وحدة تحلية مياه بسيطة بتقنية ال RO
2-4 التناضح الأمامي (FO):
يُعدّ التناضح الأمامي تقنية واعدة تعتمد على فروق الضغط الأسموزي لسحب المياه عبر الأغشية. وتُعرف هذه الأنظمة بانخفاض استهلاكها للطاقة ومقاومتها الجيدة للتلوث بالأغشية.[25]
“يمثل التناضح الأمامي بديلاً ناشئًا يعتمد على فروقات الضغط الأسموزي. وعلى الرغم من كونه واعدًا من حيث مقاومة التلوث وكفاءة استهلاك الطاقة، فإن تطبيقه التجاري لا يزال محدودًا بسبب الحاجة إلى أنظمة لاستعادة محلول السحب[26] .
الشكل (6) وحدة تحلية مياه بتقنية ال FO
2-5 التقطير الغشائي (MD):
هو عملية إزالة ملوحة تعتمد على أغشية كارهة للماء، يمكن للماء عبور هذه الأنواع من الأغشية على شكل جزيئات بخار [27].
نظرياً، تستطيع تقنية التقطير الغشائي رفض جميع المواد المذابة غير المتطايرة) مثل الأملاح (. يتمثل العيب الرئيسي لعملية التقطير الغشائي في استهلاك كمية كبيرة من الطاقة أثناء عملية تحول الطور من سائل إلى بخار، وعدم اكتمال استعادة الحرارة الكامنة. لهذه الأسباب، تُعد عملية التقطير الغشائي غير فعالة من حيث استهلاك الطاقة إذا استُخدمت كنظام مستقل [28] .
الشكل (8) تصنيف تقنيات التحلية حسب الطاقة
ومع ذلك، تعمل هذه التقنية في درجات حرارة أقل من تقنيات الانتقال الطوري الحراري الأخرى (MSF,MED) وبالمثل، يكون الضغط المطلوب أقل من التقنيات الأخرى القائمة على الأغشية(RO).
يمكن تجميع وحدات التقطير الغشائي بأربعة تكوينات، كما هو موضح في الشكل 8 [29,28]. أبسطها هو التقطير الغشائي بالتلامس المباشر(DCMD)، حيث يكون محلولان على اتصال مباشر بالغشاء الكاره للماء. ونظرًا لاختلاف الضغط بين المحلولين، يمكن للبخار الناتج عن سطح المحلول الساخن أن يعبر الغشاء، ويدخل المحلول البارد. تُستخدم هذه التقنية بشكل شائع في عمليات تحلية المياه وتركيز المحاليل المائية في صناعة الأغذية [[32,30.
وهناك تقنية أخرى هي التقطير الغشائي الغازي الكاسحSGMD) ) , حيث يفصل الغشاء الكاره للماء المحلول الساخن عن غاز الكاسح. ومثل AGMD، تكون الكفاءة الحرارية أعلى من DCMD ويعزز غاز الكاسح انتقال الكتلة لأنه غير ثابت.
ومن عيوبها، تتطلب مكثفًا كبيرًا. ويمكن استخدام هذه التقنية لإزالة المركبات المتطايرة من المحاليل المائية 31]]. التقنية الأخيرة هي التقطير الغشائي الفراغي VMD))، حيث يُستبدل غاز المسح (أو الفجوة الهوائية) بالفراغ الناتج عن مضخة [. ويتم التكثيف خارجيًا بواسطة وحدة التقطير. يتميز هذا المحلول بكفاءة حرارية عالية ويُستخدم لفصل المحاليل المائية المتطايرة 32]].
يعتمد المقال بشكل أساسي على ترجمة فقرات للمقالة العلمية المنشورة بتاريخ 2020 في مجلة العلوم التطبيقية للباحث Domenico Curto
:References