الـواحــة الطلابيــة للجـامعــة الوطنيــة الخـاصــة
Student Oasis of Al-Wataniya Private University
د.طلة المللي
قمر بسام مفتاح
مريم مرعي خلوف الصطيف
لما عبد الكريم السنكري
Stem Cells therapy… Illusion or renewed hope?
المخلص Abstract:
الخلايا الجذعية: هي خلايا غير متخصصة في جسم الإنسان قادرة على التمايز لأي خلية أو عضو في جسمنا و لها القدرة على التجدد الذاتي حيث تتواجد الخلايا الجذعية في كل من خلايا الأجنة و البالغين. هناك عدة أنواع من الخلايا الجذعية: كاملة القدرة TSC, وافرة القدرة PSC, متعددة القدرة MSC,محدودة القدرة OSC, وحيدة القدرة USC. و استطاعت بعض أنواع الخلايا الجذعية أن تكون نقطة تحول لعلاج بعض الأمراض مثل: زراعة الخلايا الجذعية المُكوّنة للدّم. كما لايزال هناك الكثير من الأبحاث لاستخدام الخلايا الجذعية لعلاج العديد من الأمراض مثل: الأمراض التنكسية كباركينسون عن طريق توليد خلايا عصبية دوبامينية .
في حلقة البحث هذه، حاولنا وبشكل مختصر تسليط الضوء على أهم النقاط التي يجب معرفتها حول أنواع الخلايا الجذعية من حيث قدرتها على التمايز، العلاج بالخلايا الجذعية، و أخيراً ماهي العقبات التي تعترض مستقبل هذا العلاج الذي حمل بين طياته أملاً متجدداً.
الخلايا الجذعية Stem cells:
هي خلايا غير متخصصة في جسم الإنسان قادرة على التمايز لأي خلية أو عضو في جسم الإنسان و لها القدرة على التجدد الذاتي حيث تتواجد الخلايا الجذعية في كل من خلايا الأجنة و البالغين.
وقبل أن نبدأ حديثنا عن الدور العلاجي المحتمل للخلايا الجذعية ، دعونا نصنف هذه الخلايا تبعاً لقدرتها على التمايز لنوع معين أو عدة أنواع، الشكل (1):
هذه الخلايا قادرة على الانقسام والتمايز لجميع أنواع الأنسجة وهي تمتلك أعلى قدرة على التمايز و تسمح للخلايا بتشكيل بُنى جنينية و خارج جنينية مثل: البيضة الملقحة Zygote التي تتشكل بعد إخصاب النطفة لها و تبدأ بالانقسام إلى مجموعة من الخلايا التي لها أيضاً القدرة الكاملة على التخصص. أي يمكن لأي خلية من هذه الخلايا إذا زُرعت في رحم أنثى أن تكوِّن جنيناً كاملاً مع الأنسجة المدعمة له. فبعد أربعة أيام تقريباً من انقسام البيضة الملقحة، تتشكل الكيسة الأرومية blastocyst و بداخلها كتلة الخلايا الداخلية inner cell mass تُكوِّن خلايا هذه الكتلة، الجنين بجميع أنسجته وأعضائه لكنها و بخلاف الخلايا كاملة القدرة غير قادرة على تكوين كائن حي بمفردها بسبب كونها غير قادرة على تكوين الأنسجة المدعمة للجنين، هذه الخلايا ستكون مصدراً للخلايا الجذعية وافرة القدرة.
تشكل هذه الخلايا كل طبقات الجنين ) الوريقات الجنينية التي تتكون من أديم خارجي, متوسط و داخلي( و لكن لا تشكل البُنى خارج الجنينية كالمشيمة مثال عنها: الخلايا الجذعية الجنينية Embryonic stem cells و الخلايا المشتقة من الأديم الخارجي Epiblasts Layer من الجنين المنغرس.
تمتلك طيفاً ضيقاً من التمايز مقارنة بالخلايا وافرة القدرة حيث يمكنها التمايز إلى جميع أنواع الخلايا لكن ضمن سلالة معينة, فهناك مزايا و استخدامات كثيرة للخلايا الجذعية متعددة القدرة. تعمل الخلايا الجذعية متعددة القدرة كمفتاح مهم في عملية التطوير و إصلاح الأنسجة و حمايتها مثال عنها: الخلايا الجذعية المكونة للدم Haematopoietic stem cells التي يمكنها التطور لأي نوع من خلايا الدم, فبعد تمايز الخلايا الجذعية المكونة للدم تصبح خلية جذعية محدودة القدرة oligopotent stem cells.
تمتلك هذه الخلايا قدرة التمايز لأنواع محدودة من خلايا الأنسجة مثال: الخلايا الجذعية النقوية myeloid stem cells التي تنقسم لخلايا بيضاء فقط (العدلات، الأسسات و الحمضات) و لا تعطي كريات حمراء, مثال آخر: الخلايا الجذعية القصبية السنخية (BASCs) في الرئتين قليلة القدرة و يمكن أن تتمايز إلى خلايا ظهارية قصبية أو خلايا ظهارية سنخية.
تمتلك أضيق طيف في التمايز مقارنة بباقي الأنواع و لكن من ميزاتها التي جعلتها محط اهتمام الطب التجديدي هي قدرتها على الانقسام بشكل متكرر و تخصصها بتشكيل نوع واحد من الخلايا
مثال: الخلايا الجلدية dermatocytes.
الشكل (1): تطور البويضات وتكوين الخلايا الجذعية. يتكون الكيس الأرومي، الذي يتشكل من البويضات، من خلايا جذعية جنينية تتمايز لاحقًا إلى خلايا الأديم المتوسط mesoderm، أو الأديم الخارجيectoderm، أو الأديم الداخليendoderm. يتطور يتكون الكيس الأرومي إلى المعيدة gastrula
الانقسام الوظيفي للخلايا الجذعية Stem cell functional division:
كما لاحظنا آنفاً فإنّ وجود الخلايا الجذعية المختلفة أثناء الانقسام يعتمد على مرحلة تطور الكائن الحي. و بشكل عام يمكننا تقسيم الخلايا الجذعية تبعا للانقسام الوظيفي إلى:
تشتق الخلايا الجذعية الجنينية من كتلة الخلايا الداخلية للكيسة الأرومية، و هي مرحلة ما قبل تعشيش الجنين أي 4 أيام بعد الإخصاب. بعد ذلك، يتم وضع هذه الخلايا في طبق زرع مملوء بوسط مغذٍ. يمكن وصف هذه الخلايا بأنها متعددة القدرات لأنها قادرة مستقبلاً على التمايز إلى أي نوع من الخلايا في الكائن الحي. منذ بداية دراسة هذا النوع من الخلايا، كانت هناك قيود أخلاقية مرتبطة بالاستخدام الطِّبي للخلايا الجذعية الجنينية في العلاج. يتم تطوير معظم الخلايا الجذعية الجنينية من بويضات تم تخصيبها مخبرياًinvitro ، و ليس من بويضات مخصّبة في الجسم الحي invivo.
هي خلايا غير متخصصة و توجد بين الخلايا المتمايزة في الجسم كلّه بعد التطور. و تتمثل وظيفة هذه الخلايا في تمكين الشفاء و النمو و استبدال الخلايا التي يتم فقدانها كل يوم. تحتوي هذه الخلايا على طيف محدود من خيارات التمايز. نذكر من أنواعها ما يلي:
و هي خلايا نسيجية متعددة القدرة و التي بإمكانها أن تنقسم إلى أنواع مختلفة من الخلايا. تتمايز هذه الخلايا بشكل رئيسي إلى الخلايا الدّهنية و العظام و الغضاريف و العضلات.
تعطي الأعصاب و الخلايا الدّاعمة لها (الخلايا الدّبقية قليلة التّغصن و الخلايا النّجمية).
تشمل جميع أنواع خلايا الدّم (الحمراء, البيضاء و الصّفيحات)
الخلايا الكيراتينية تشكل طبقة واقية لحماية الجلد.
استخدام الخلايا الجذعية في الطّب:
الخلايا الجذعية لديها إمكانات كبيرة لتصبح واحدة من أهمّ الجوانب في الطب التجديدي فعندما تدخل الإشارات إلى الخلية و تبدأ عملية التّمايز يتم إيقاف الجينات التي لم يَعد هناك حاجة إليها و تبقى الجينات المطلوبة المتخصصة للوظيفة نشطة كما يمكن تحقيق تعدد القدرات من خلال التفاعل في تسلسل الجينات.
تعتبر الخلايا الجذعية المكونة للدم مُهمة لكونها الأكثر تميزاً بالأنسجة، تعد عملية زرعها من أشهر طرق العلاج بالخلايا الجذعية و عادةً ما تكون الخلايا المُستهدفة من نقي العظم ,الدم المحيطي و دم الحبل السري [1] و هذه العملية قد تكون autologous عند استخدام خلايا المريض نفسه أو allogenic عندما تكون الخلايا الجذعية من متبرع أو syngenic عندما تكون من توأم متطابق. وهي مسؤولة عن توليد كل الأنماط الوظيفية المكونة للدم Hematopoietic Stem Cell (HSC) و الصفيحات الدموية تحل زراعتها المشكلات الناتجة عن خلل في أداء نظام الدم مثل: أمراض سرطان الدم و فقر الدم.
الشيخوخة هي عملية جينية قابلة للعكس تتصف الخلايا المأخوذة من المسنين بأنها تعرضت لمستويات عالية من الإجهاد التأكسدي و اضطرابات بوظيفة الميتوكوندريا و توليميرات أقصر مقارنة بخلايا الشباب.[2] حيث أن هناك فرضية أنه عندما يتم إعادة برمجة الخلايا الجسدية البشرية أو الفأرية البالغة إلى Induced pluripotent stem cells (IPSC) فإن عمرها اللّاجيني يعود إلى الصّفر[3]. فهو أول نهج سريري وُضع كان وقائياً يركز على إيقاف أو إبطاء معدل الشيخوخة.
في عام 2011 قام الباحثان [4] Hayashi and Katsuhiko بتجربة على الفئران لتشيكل نطاف من IPSC و نجحا بالحصول على فأرين يتمتعان بخصوبة و صحة جيدة التي كانت مصابة بالعقم، كما نجحت التجربة بتشكيل بيوض عند الإناث و المجموعة المستهدفة هي البالغون المعرضون لإصابات لخطر فقدان الخلايا الجذعية المنوية Spermatogenic Stem Cell (SSC) من مرضى السرطان و غيرهم حيث يتم تجميد أنسجة الخصية و تخزينها.[5] كما يمكن استخدام الخلايا الجذعية بحالات العقم عند النساء أو مشاكل المبيض بعد السرطان.
بفضل العلاج بالخلايا الجذعية ليس فقط في تأخير تطور الأمراض التنكسية مثل: (باركينسون – الزهايمر – هنتنغتون) بل أيضاً إزالة مصدر المشكلة فهي قادرة على تحسين الوظيفة المعرفية و يمكن توليد الخلايا العصبية الدوبامينية بكفاءة من Human Embryonic Stem Cells (HESCS) فمرض باركينسون هو مرض مثالي للعلاج الخلوي القائم على IPSC و مع ذلك لايزال هذا العلاج في المرحلة التجريبية.[6] فقد تم استخدام أنسجة دماغ من أجنّة مُجهضة على مرضى يعانون من باركينسون فأظهرت العلاجات بالخلايا الجذعية أنه قابل للتحقيق.[7]
تم استخدام الخلايا الجذعية لعلاج:
يمكن تخزين الخلايا الجذعية في بنوك الأنسجة لتكون مصدراً أساسياً للأنسجة البشرية المستخدمة في الفحص الطبي و مشكلة خلايا الأنسجة المتمايزة التقليدية المحتفظ بها في المخبر تتناقص قدرتها على التّمايز بمرور الوقت على عكس IPSC معروف أَّنَّ الحبل السري غني بالخلايا الجذعية التي يمكن حفظها بالتبريد مباشرةً بعد الولادة و تخزينها لاستخدامها لاحقاً في علاج الامراض المهددة للحياة و من مصادرها أيضاً قشرة الأسنان المتساقطة البشرية Stem Cells from Human Exfoliated Deciduous Teeth (SHED) حيث أن تقنيات جمعها و عزلها و تخزينها بسيطة.
التّحديات حول العلاج بالخلايا الجذعيّة:
على الرغم من أن الخلايا الجذعية تبدو حل مثالي للطب التجديدي لا يزال يوجد العديد من العقبات التي تحتاج لتخطّيها في المستقبل.
Embryonic Stem Cells (ESCS) هي الخلايا الجذعية وافرة القدرات الأكثر شيوعاً. فإن العلاجات باستخدام هذه الخلايا كانت و لا تزال مصدر للخلافات الأخلاقية بسبب استئصال ESC من الأجنة البشرية حيث أن العلاج بها يبدو فعالاً جداً للعديد من الأمراض الغير قابلة للعلاج, لهذا السبب رأى العلماء أنه يمكن العلاج بهذه الطريقة مركّزين جهودهم بجعلها مُمكنة العزل بدون تعريض مصدرها للخطر .
واحدة من الجدالات التي حدَّت من استخدام IPSC هو دورها السلبي في تشكيل الأورام. حيث يزداد خطر تشكل الأورام عندما يتم إعادة برمجة الخلايا . ففي عام 2008 تم اكتشاف تقنية سمحت للعلماء بإزالة الجين المسرطن بعد الحصول على خلية وافرة القدرات و على الرغم من أنها غير فعالة إلا أنّها استغرقت وقتاً طويلاً . و قد أمكن تحفيز عملية إعادة البرمجة بحذف الجين الكابح للورم p53 لكن هذا الجين يعمل كمفتاح منظم للسرطان الذي يجعل من المستحيل إزالته ليتم تجنب الطفرات في الخلايا المعاد برمجتها. كما أن قلَّة فعالية هذه العملية من المشاكل الأخرى التي حدّت من استخدامها مع تقدم السنوات. ففي دراسة Yamanka كان معدل الخلايا الجسمية المعاد برمجتها حتى 0.1% . و قد خلق استخدام عوامل النسخ لإدخال الجينات على جينوم الخلية المستهدفة خطراً لحدوث الطفرات .لذلك فالعملية الأخلاقية المقبولة حتى الآن لتقييم صفة الخلايا وافرة القدرات هي حقن hEsc في أجنة الفئران. [14]
العقبات التي تواجهها الخلايا الجذعية في المستقبل:
يجب فهم كامل الآلية التي تعمل بها الخلايا الجذعية في النماذج الحيوانية. فالرفض المناعي هو عائق أمام نجاح عملية الزرع للخلايا الجذعية حيث أن الجهاز المناعي يتعرف على الأجسام المزروعة على أنها أجسام غريبة مما يؤدي إلى رفض الزرع . فلهذا السبب ، أصبحت بنوك الأنسجة تحظى بشعبية من خلال الاحتفاظ بالخلايا و جعلها مصدر للطب التجديدي مما تتيح القدرة على استخدام خلايا المريض نفسه و بفضلها أصبح بالإمكان إطالة عمر الانسان.
فهل ستنجح الخلايا الجذعية بتجاوز تلك العقبات لتصبح علاجاً معترفاً لأمراض عجز الطب حيالها…. ربما!
المراجع: