ملخص:
تعدُ الزلازل من الكوارث الطبيعية التي تهدد حياة الإنسان، ويتجلى هذا الخطر عموماً من خلال تأثيرها على انهيار منشآته المدنية وخاصة السدود، وتشكل السدود والخزانات الكبيرة التي شيدت في المنطقة ذات الزلازل العالية مخاطر على الحياة والممتلكات في اتجاه مجرى النهر. ومن الواضح أنَ الأعمال النشطة التي تقع بالقرب من مواقع السدود يمكن أن تسبب تشوهاً ضاراً لمنشأ السد بسبب عدم استقرار السد وفقدان قوة مواد الأساس لذا كان لابدَ من التفكير في حمايتها من الانهيار حتى تستمر في أداء الهدف الذي أنشأت لأجله من خلال الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من القواعد الأساسية في التصميم. وتنتشر الزلازل في صورة موجات تتسبب في حدوث إزاحات أفقية ورأسية وتغيرات مفاجئة في الإجهادات الأفقية والرأسية وكذلك زيادات متباينة في ضغط المياه البينية مما قد يتبعه انهيارات في السدود، وتشير الدراسات الميدانية أنَ العوامل الرئيسية المؤثرة في الزلزال الممكن هي ظروف الإجهاد في الموقع وتوافر التشققات والانهيارات، جيولوجيا المنطقة الإقليمية وأبعاد الخزان وطبيعة تقلبات مستوى الخزان.
وتعتمد تأثيرات الزلازل على السدود بشكل أساسي على أنواع السدود، وإنَ مخاوف السلامة بالنسبة للسدود الترابية المعرضة للزلازل تنطوي على فقدان الاستقرارية بسبب فقدان المواد الترابية ومواد الأساس أو التشوهات المفرطة مثل الانهيار، الهبوط، التشققات أو الانهيار الدوراني. حيث يتسبب الانهيار في فقد الكثير من الأرواح كما يتسبب الركام الناتج عن تلك الانهيارات في قطع الطرق والمجاري المائية وفي حدوث انهيارات بالمباني والمنشآت المجاورة لها.
الكلمات المفتاحية: السدود – الزلازل- الانهيار- ضغط المياه
1- التعريف بالسدود الترابية: هو منشأة تستخدم في تجميع مياه الجريان السطحي بهدف تخزينها في فترة الفيضان واستخدامها في الاحتياجات المائية المختلفة وقت الحاجة، وكلمة السد في الدراسات الهندسية تتضمن ليس فقط الحاجز وإنما كل الأجهزة والأنظمة الضرورية التابعة له والموصولة به (فتحات تصريف، بوابات، معدات ميكانيكية………….وتصنف السدود الترابية حسب نسبة المواد الداخلة في إنشائها إلى ]1[:
ويبين الشكل (1) مقاطع عرضية في السدود الترابية حيث:
1- قمة السد 2- المنحدر الخلفي 3- مصطبة 4- موشور صرف الماء 5- موشور ترابي 6- قاعدة السد الإنشائية 7- المنحدر الأمامي 8- طبقة تكسية للمنحدر الأمامي 9- موشور الدفع الأمامي10- جدار جوفي(نواة) 11- مناطق انتقالية 12- موشور دفع خلفي

الشكل (1): مقاطع عرضية في السدود الترابية
2- انهيار السدود: يمكن تعريف انهيار السد بأنه حركة أحد أجزاء السد أو أساسه وبالتالي عدم مقدرة السد على الاحتفاظ بالماء، الأمر الذي يؤدي إلى تدفق كميات كبيرة من المياه مما يعرض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر. يبدأ انهيار السد عادة بخلل غير مكتشف في سلوك السد ووظائفه (تآكل وتلف تدريجي غير مراقب) أو نتيجة ظاهرة طبيعية (زلزال) يسبب فيما بعد أضراراً جسيمة وكوارث ضخمة، فالزلزال هو ظاهرة معقدة يجب أن تعامل على أنها نوع إضافي من الحمل على المنشآت الهندسية، وتعقيدها يأتي من حقيقة أنه يتم تطبيق هذا الحمل خلال فترة زمنية قصيرة جداً ويتغير حجمها وإنجازها بسرعة مع الزمن وعلاوة على ذلك فإنه يمكنها أن تتفاعل مع المنشأ الذي قد يتأثر بخصائص الحمل بطريقة ديناميكية [2]. ويبين الجدول (1) تصنيف الزلازل ومعدل حدوثها السنوي حسب مقياس ريختر.
الجدول (1): تصنيف الزلازل ومعدل حدوثها السنوي حسب مقياس ريختر(2)
الطاقة المتحررة | معدل الحدوث السنوي عالمياً | الدرجة M | نوع الزلازل |
قوة انفجار ستمائة قنبلة هيدروجينية (ستمائة مليون طن ت ن ت) | 1-2 | 8 | زلزال شديد التدمير |
قوة انفجار قنبلة هيدروجينية (مليون طن ت ن ت) | 15-20 | 7-8 | زلزال مدمر إقليمياً |
قوة انفجار قنبلة ذرية كبيرة (مائة طن ت ن ت) | 100-150 | 6-7 | زلزال مدمر محلياً |
قوة انفجار قنبلة ذرية صغيرة 20(طن ت ن ت) | 750-1000 | 5-6 | زلزال متوسط |
قوة انفجار عدة أطنان من مادة ت ن ت | 5000-7000 | 4-5 | زلزال معتدل |
3- آثار الزلازل على السدود الترابية:
اقترح (Seed ,1977) بعد الفحص الدقيق لآثار الزلازل على سدود ترابية منتشرة في العالم عدداً من الاحتمالات التي من الممكن أن تؤثر بها الزلازل في السدود الترابية [3]:

الشكل رقم (a-2): قطاع يوضح شكل بداية الانھيار في سد سان فرناندو السفلي [3].

الشكل رقم (b –2): قطاع يوضح شكل الإنھيار في سد سان فرناندو السفلي على شكل جريان انزلاقي [3].
ويبين الشكل (3) انهيار سد سان فرناندو بسبب ظاهرة التميع في التربة الناجمة عن الزلازل

الشكل رقم (3): انهيار سد سان فرناندو بسبب ظاهرة التميع في التربة الناجمة عن الزلازل
4- دراسات سابقة:
أجرى العالم الأمريكي Swais good, 2003 دراسة معمقة للتشوهات التي تتعرض لها السدود الترابية خلال الزلازل، اعتمد فيها على القيام بمراجعة تاريخية شاملة لسلوك العديد من السدود الرئيسية التي ضربها زلزال الفيلبين 1990 وتوصل بعد جهد كبير أن هناك نمطاً طبيعياً من التشوهات الزلزالية بالإمكان توقعه وتحديد البارامترات التي تؤثر بشكل ثابت على كمية الأضرار المادية والانزياحات الحاصلة خلال الزلزال [4].
عقدت اللجنة الأسترالية عام 2003 ورشة عمل حول المخاطر الكبيرة التي تتعرض لها السدود نتيجة الزلازل والفيضانات وما يرافقها من خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات ومن أهم ما قدم فيها بحث أجري فيه محاكاة لانهيار سد باستخدام نموذج حاسوبي متطور يسمح بتقييم مخاطر انهيار افتراضي لسد ما وتقدير الخسائر البشرية والمادية. ويمكن أن يستخدم لقياس مدى فعالية التبليغ والإنذار والتخطيط لحالات الطوارئ والاستجابة لها. ويتألف نظام النمذجة والمحاكاة من نماذج لحالات مختلفة كفقدان المأوى والتحذير والاخلاء والغمر الكامل للبيوت والأراضي وذلك من خلال مجموعة من العلاقات التجريبية المتقدمة، والاستفادة من نموذج رقمي للتضاريس وتخطيط الطرق وبيانات عن السكان القاطنين بالقرب من منطقة انهيار السد المحتملة نتيجة الزلزال المفاجئ [5].
قام العالم الاسباني Moreta عام 2007 ببناء نموذج عددي لدراسة 5 مقاطع عرضية لسدود ترابية مع نواة كتيمة لها نفس الارتفاع وتملك نفس حجم النواة، فأدخل التسارعات الزلزالية الأفقية لسد Pacoima المنهار نتيجة زلزال سان فرناندو، وبين أنَ موقع النواة ضمن السد يؤثر على استجابته ضمن الأحمال الزلزالية، وأكد على ضرورة تدعيم المنحدر الأمامي للمقطع النموذجي بأغشية إسفلتية كتيمة لمنع تدفق المواد المتسيلة باتجاه البحيرة، وبالنتيجة توصل هذا البحث إلى التوضع المثالي للنواة والذي يجعل خطر تسيل تربة السد في حده الأدنى ويقلل من تشوهها وهبوط القمة إلى أقل ما يمكن خلال الزلزال [6]. ويوضح الشكل رقم (4) الانهيار الذي حدث في سد شب كانج خلال الزلزال الحادث بتاريخ 21 أيلول 1999 بتايوان بشدة 7.50 على مقياس ريختر، وقد تسبب انهيار السد في فقد ما يوازي 40% من احتياطي المياه لتلك الدولة .(7)

الشكل رقم (4): الانهيار الحادث في سد شيه-كانج نتيجة زلزال تايوان عام (1999) [7].
5- أساسيات تصميم السدود في المناطق الزلزالية:
ينبغي عند اختيار موقع السد أن نبتعد قدر الإمكان عن مناطق التصدعات والفوالق الكبيرة في القشرة الأرضية لذلك من الضروري أن تجرى دراسة جيولوجية معمقة لمنطقة السد لتفادي وجود أي تكهفات أو فجوات صغيرة قد يتزايد حجمها وتكبر مع الزمن بفعل الحركة التكتونية المستمرة للأرض وعوامل أخرى محفزة لهذا النشاط السلبي الخطر على سلامة واستقرار أساسات السد. ويجب أن نترك أيضاً ارتفاع كافي بين قمة السد وسطح الماء الحر لتفادي حالات احتمالية حرجة من ارتفاع هذا المنسوب بسبب انهيارات الجروف المحيطة بالبحيرة أو نتيجة انهيارات في منحدرات السد وهبوطات في قمته وأساسه ومن المهم أن نستعمل فلتر انتقالي عريض غير قابل للتشقق يحيط بنواة كتيمة مؤلفة من مواد قابلة لأن تصلح نفسها بنفسها في حال حدوث أي تشققات بالإضافة لما سبق ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار النقاط التالية] [8:
6- دور الذكاء الاصطناعي في إدارة الكوارث الطبيعية:
في عالم يواجه فيه البشر تحديات كبيرة مثل الزلازل أصبح استخدام التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي في إدارة الأزمات أمراً حيوياً للتقليل من الأضرار وإنقاذ الأرواح في وقت تكون فيه السرعة والكفاءة في الاستجابة هي الفارق بين الحياة والموت حيث يمكن للذكاء الاصطناعي إجراء التحليل التنبؤي باستخدام البيانات السابقة مثل أنماط الزلازل للتنبؤ بها قبل وقوعها، فعلى سبيل المثال يعتمد الباحثون على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتوقع الزلازل بناء على البيانات التاريخية للهزات الأرضية ومن الأمثلة على ذلك هو مشروع Xview2 الذي يقوم بالمراقبة المستمرة لبيانات الأقمار الصناعية لتقييم الأجزاء الهيكلية بسرعة فائقة مما يسمح للفرق باتخاذ قرارات دقيقة وسريعة. كما يستخدم نظام SERAP لتحليل البيانات الحية وتقييم مرونة المجتمعات المحلية أمام الكوارث والتخطيط لتحسين استجابة هذه المجتمعات.
كما طور باحثون في جامعة ستانفورد الأمريكية نموذجاً للذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بالهزات الارتدادية عقب حدوث الزلزال بدقة تزيد على% 80 ثم تدريب النموذج على مجموعة بيانات تضم أكثر من 700 ألف زلزال من جميع أنحاء العالم مما يجعله قادراً على تحديد الأنماط من البيانات التي تعدَ معقدة للغاية ولا يمكن اكتشافها بالطرق التقليدية بحسب الباحثين. يعمل النموذج من خلال تحليل مصادر بيانات النشاط الزلزالي والبيانات الجيولوجية وخوارزميات التعلم الآلي لتحدد من خلالها الأنماط والاتجاهات المرتبطة بحدوث الهزات الارتدادية. كما يمكنه التنبؤ بحجم وتوقيت الهزة الارتدادية.
النموذج قيد التطوير ولكن قد يكون أداة تنبؤ قيمة تساعد في تحسين دقة وتوقيت التحذيرات من الهزات الارتدادية وإنقاذ الأرواح والممتلكات]9[.
التوصيات:
1- ضرورة الاختيار الصحيح لمتغيرات السد الترابي للتخفيف من المخاطر الزلزالية المحتملة.
2- وضع طبقة واقية أكثر مقاومة للانهيار على امتداد المنحدرات وتحقيق عرض عتبة كافية في قمة السد لتقليل انهيار الأقسام السطحية العليا لمنحدرات السد.
3- فتح بوابات المفرغات لتخفيض مستوى التخزين إلى مستوى آمن وذلك في الحالات الحرجة.
4- التفريغ التدريجي للسدود بعد الزلازل لمنع تشكل سطوح انهيار بفعل خطوط التسرب وبهدف تخفيض ضغط ماء المسام المتزايد الذي من الممكن أن يتشكل في المناطق المشبعة في السد.
المراجع:

كلية الهندسة المدنية - الجامعة الوطنية الخاصة