• دكتور في العلوم التقنية في مجال البناء
لا يقتصر وجود مناطق السكن العشوائي على سوريا فقط، فالمناطق العشوائية تغطي مساحات شاسعة في المدن في جميع الدول النامية. وقد كان ظهور المناطق العشوائية مقترناً بالمدن الصناعية الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية حتى بداية القرن العشرين، ثم تطورت النظرة إلى نمو مناطق الإسكان ذي المستوى المتدني أو غير القانوني أو اللارسمي إلى أنه ظاهرة طبيعية تصاحب النمو الحضري السريع، حيث تعجز أسواق الإسكان الرسمية عن مواكبة الطلب الهائل والحاجة الملحة لتوفير المأوى للفقراء في المناطق الحضرية.
يلعب السكن الشعبي دوراً كبيراً في تلبية متطلبات أصحاب الدخل المحدود ويشكل جزءاً من الضمان الاجتماعي وقد تزايد الطلب عليه في الآونة الأخيرة وعلى دعم وتنشيط التنمية المستدامة، لذلك فإن تسليط الضوء على العوامل المؤثرة في كلفته وأساليب تنفيذه وسياسات تمويله والتوجه إلى الحلول المستدامة فيه أصبح ضرورة ملحة.
1.1 مفهوم السكن الشعبي (affordable housing):
يمكن تعريف السكن الشعبي بأنه السكن الذي يتناسب مع احتياجات مجموعة واسعة من الأسر ذات الدخل المتوسط مع بقاء قدرتها على تلبية تكاليف المعيشة الأساسية ومراعاة الاحتياج المتعدد والمعقد لبعض الأسر مع ضرورة مراعاة معايير الجودة.
أغلب بلدان العالم عرّفت المفهوم بأنه السكن الذي لا تتجاوز قيمته 30% من دخل الأسرة السنوي وبأنه منظومة ميسرة متكاملة تشمل الوحدات السكنية المناسبة والبنية التحتية، وقريبة من أماكن العمل والنقل والخدمات، وتحقق زيادة الكثافة والتنوع وتضمن الحيازة.
2.1 التحول من مفهوم السكن الشعبي التقليدي إلى المستدام:
إن المساكن الشعبية التقليدية تراعي متطلبات (الحجم، عدد العناصر، أسلوب البناء، التقنية، المواد)، أما حالياً فيتم تطوير التصاميم بما يسمح بنمو المسكن بيسر وسهولة عبر الزمن ووفقاً لاحتياج العائلة فتتفاعل مجموعة عوامل وتتداخل مع بعضها لجعل السكن الشعبي مستداماً.
لقد ظهر اختلاف وتحول كبيرين في معنى السكن الشعبي من معناه القديم المتمثل بدعم الدولة للمشاريع الإسكانية وتقديمها للمواطنين بأسعار منخفضة إلى معناه الحديث المتمثل بتبني الدولة لاستراتيجية التيسير الشمولي ومشاركة مختلف القطاعات والتوجه نحو مفاهيم جديدة للسكن الشعبي وعدم اقتصارها على الجوانب الاقتصادية.
يمكن تعريف السكن الشعبي المستدام بأنه السكن بإشراف الحكومة (مركزية ومحلية) ويتميز بأنه ليس رخيص البناء دائماً ولكنه الأسرع والأذكى والأكثر كفاءة اعتماداً على التكنولوجيا والبناء وفقاً للشبكة القياسية لإعادة تصميم المشهد الإسكاني كاملاً مع إمكانية التوسع دون الحاجة لشراء وحدات جديدة وإعادة التفكير بالعمل من المنزل كمؤثر مهم.
كذلك تم تعريف السكن الشعبي المستدام بأنه السكن المتضمن وحدات سكنية صغيرة منفذة بمواد منخفضة الكلفة ضمن كتل صغيرة بنيت على أراضٍ بأسعار معقولة وتحقق زيادة الكثافة والاستخدام المختلط والقرب من وسائل النقل العام، كما ويعني الإسكان الملائم لاحتياجات الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل لتكون قادرة على تغطية تكاليف المعيشة الأساسية الضرورية الأخرى.
3.1 العوامل المؤثرة على السكن الشعبي المستدام:
تعاني الجمهورية العربية السورية من نقص كبير في عدد المساكن خاصة بعد عام 2011 حيث ازداد عدد الوافدين إلى محافظتي طرطوس واللاذقية مما رفع الطلب على السكن. ومع ارتفاع أسعار بناء المساكن وزيادة أسعار ومعدلات الإيجارات، أصبح السكن الشعبي مطلباً ملحاً وكان لابد من إعادة التفكير بالسياسات والأساليب في تأمينه.
إن افتقار السياسات الإسكانية الحالية إلى خطط وبرامج تتناسب مع دخل المواطن الشهري وكذلك غياب نظم دعم القرار فيما يتعلق باختيار موقع السكن الشعبي وأيضاً قصور الأدوات الحالية في تصميم النماذج السكنية المستدامة الأقل تكلفة، وغياب نظم تقييم رضا الساكنين وتقييم الاستدامة في السكن الشعبي، كل هذه العوامل تجعل من توفير السكن الشعبي بأسعار تتناسب ودخل المواطن من جهة وتحقق رضاه من جهة أخرى، من أبرز التحديات التي تواجه سياسة الإسكان الشعبي في الجمهورية العربية السورية.
تكمن أهمية البحث في معالجته لموضوع السكن الشعبي وتركيزه على تنمية هذا السكن باتجاهين:
4.حدود البحث:
يهتم البحث بمشاريع السكن الشعبي في محافظتي اللاذقية وطرطوس.
يتركز هدف البحث في تخفيض تكاليف السكن الشعبي المستدام من خلال تطوير سياسات وأساليب تنفيذ متقدمة بغرض القضاء على ظاهرة السكن العشوائي. وذلك من خلال التحقيق في المحاور التالية:
يعتمد البحث المنهج المسحي والمنهج التحليلي حيث ستتم مراجعة الأدبيات بغية الاطلاع على التجارب العالمية المختصة بتطوير السكن الشعبي والاستفادة منها بما يتناسب مع البيئة المحلية.
سيتم إجراء مسح بما يخدم محاور هدف البحث من خلال توزيع استبيانات وإجراء مقابلات مع عدد من المهنيين من خلال دعوة الأشخاص الرئيسيين من كل التخصصات المعنية للمشاركة، من ممثلي مشاريع الإسكان والمدراء والمستثمرين والمقاولين والمتخصصين في تصميم المباني السكنية وكذلك مقابلات مع ساكني السكن الشعبي، وأيضاً سيتم جمع البيانات من الوثائق (التعداد العام للسكان، عدد المساكن، أسعار المساكن والمواد…).
سيتم تحليل البيانات للخروج باقتراحات وتوصيات وتطوير نماذج تساعد في اتخاذ القرار.
سنورد فيما يأتي ملخص لكل محور يتضمن الأهداف الفرعية له ومنهجية البحث المتبعة.
5.1. دراسة السياسات الحالية للسكن الشعبي بغية تطويرها من النواحي (تشريعية_ اقتصادية_ اجتماعية_ بيئية):
السياسات الحالية للسكن الشعبي لم تلبي الحاجة السكنية لأسباب مختلفة، لذلك لا بد من تطويرها ويظهر ذلك من خلال النقاط التالية:
اتباع كافة السبل والأساليب للعمل على تخفيض كلفة السكن الشعبي وذلك من خلال:
5.2. دراسة وتطوير سياسات التمويل للسكن الشعبي (استراتيجية الإقراض، تطوير وسائل التحصيل، تحسين فرص التمويل، الرهن العقاري):
يمكن تحقيق الهدف الرئيسي لهذا المحور من خلال ما يلي:
سيتم دراسة سياسات التمويل للسكن الشعبي الحالي من خلال إجراء مقابلات مع جميع المعنيين بسياسة التمويل من الاستشاريين والمشرعين ومتخذي القرار في مؤسسات الدولة المختلفة، وأيضاً سيتم جمع البيانات من دراسة الوثائق (المراسيم التشريعية، قانون الاستملاك، القرارات التنظيمية، الأنظمة الضريبية، قوانين الاكتتاب…)، كما سيتم الاطلاع على التجارب العالمية بهذا الخصوص للخروج بتوصيات لتطوير سياسة التمويل للسكن الشعبي.
5.3. إيجاد قواعد لاختيار السكن الشعبي بحيث يتحقق التوازن الأمثل بين الموقع والسعر، أولويات النقل والمرافق العامة بمستوياتها المتعددة:
لتحقيق الهدف الرئيسي لهذا المحور لابد من تحقيق الأهداف الفرعية التالية:
المنهج المتبع في هذا المحور هو منهج تحليلي، حيث يتم استخدام البيانات الإحصائية والمكانية للحصول على الموقع الأمثل لمناطق السكن الشعبي الجديدة أو المناطق العشوائية التي يمكن تطويرها.
5.4. دراسة العوامل المؤثرة على ارتفاع كلفة السكن الشعبي:
ويتم ذلك من خلال:
سيتم تحديد قيمة ودرجة أهمية هذه العوامل من خلال إجراء المسح لمجموعة من الاستشاريين والمقاولين والمتخصصين في تصميم المباني السكنية.
5.5. تقييم سياسات السكن الشعبي وتحليلها من خلال مؤشرات ترتكز على أداة لتقييم الاستدامة لتقنيات بناء السكن الشعبي:
يهدف المحور إلى تطوير منهجية فعالة لتقييم استدامة السكن الشعبي وتطوير نموذج استراتيجي لتنفيذ جوانب الاستدامة في البناء، من خلال:
تغيرات المناخ وجودة الهواء الخارجي – استخدام الأراضي والتنوع البيولوجي – كفاءة الطاقة – إدارة المواد والنفايات – كفاءة المياه – صحة وراحة الساكن – التسهيلات – التوعية للاستدامة وتعليمها – كلفة دورة حياة المبنى.
5.6. تطوير أسس تصميم المساكن الشعبية لتكون بأسعار معتدلة من خلال اعتماد نماذج تصميمة قليلة التكلفة مع مراعاة النواحي (الاقتصادية، البيئية، الاجتماعية):
يهدف هذا المحور إلى تطوير منهجية فعّالة لتصميم السكن الشعبي وتطوير نماذج تصميمية أقل كلفة وأكثر استدامة في البناء، من خلال: