الملخص
هدفت هذه المقالة إلى توضح العلاقة بين التسويق الإلكتروني عموماً والموقع الإلكتروني للجامعة خصوصاً كونه يمثل العنصر الأول من عناصر المزيج التسويقي الإلكتروني، وتحسين تصنيف الجامعات، من خلال بيان الدور الذي يلعبه الموقع الإلكتروني للجامعة ومحتواه على تصنيف الجامعة عالمياً باستخدام معايير تصنيف ويبوميتركس، وخلصت المقالة باستخدام المنهج الوصفي لوجود علاقة محورية بين الموقع الإلكتروني للجامعة والتسويق الجيد له وتحسين تصنيف الجامعة عالمياً وخاصة على تصنيف ويبوميتركس.
الكلمات المفتاحية: التسويق الإلكتروني، المزيج التسويقي الإلكتروني، الموقع الإلكتروني، تصنيف الجامعات، ويبوميتركس.
مقدمة:
أصبحت شبكة المعلومات الرقمية (الإنترنت) من أهم مصادر المعلومات في عالمنا المعاصر، ومن أهم مصادر التعرف على مختلف كيانات المنظمات التعليميَّة. فالجامعة التي تريد أن تحسن وضعيتها التنافسية، وتنمي الطلب على خدماتها الجامعية، وتوجد موطئ قدم لها ضمن تصنيف أفضل الجامعات. يجب أن تُعرّف نفسها على الإنترنت، وعلى المستوى الأكاديمي فإن مواقع الجامعات على الإنترنت تؤدي دوراً محورياً في إيصال المعرفة، والثقافة ليس لطلاب هذه الجامعات فقط بل لكافة أفراد المجتمع. لذلك أصبح موقع الجامعة يمثل انعكاساً لمدى جودة الخدمات التعليميَّة والبحثيَّة التي تؤديها الجامعة الأمر الذي يجعل التسويق الإلكتروني من الضروريات الملحة في عمل الجامعات اليوم.
مفهوم التسويق الإلكتروني:
إنّ التسويق الإلكتروني كمفهوم عام يدل على أنه التسويق الذي يستخدم أي من الوسائل الإلكترونية المتاحة (تلفاز، راديو، لوحات طرقية إلكترونية… الخ)، أما مصطلح التسويق الإلكتروني المتداول حالياً في جميع الأدبيات الاقتصادية، فإنه يشير إلى التسويق عبر الإنترنت، وذلك لأن هذه الشبكة هي أحدث تلك الوسائل الإلكترونية وأكثرها تطوراً ورقمية. أما تسويق الخدمات التعليمية بالجامعات فهي الأنشطة التسويقيَّة بالجامعة والتي تهدف إلى إحداث التلاؤم بين أهداف المنظمة الجامعيَّة، واحتياجات، ومطالب العملاء (الطالب والمجتمع) من خلال الجهود المبذولة لتحقيق رضا العملاء، وتكوين وضع تنافسي وريادي أفضل للجامعة [1].
ويُعبر عن التسويق الإلكتروني للخدمات البحثية: بأنه الجهاز الإداري بالجامعات والذي يضطلع ويمارس بطريقة إلكترونية كل أوجه الأنشطة التسويقية المرتبطة بالخدمات البحثية ابتداءً من إنتاجها وإجراء البحوث التسويقية والتخطيط الإستراتيجي للخدمات البحثية إلكترونياً، وتصميم الموقع الإلكتروني والتسعير والتوزيع والترويج الإلكتروني، انتهاء بإتمام عملية الشراء وتسليم الخدمات البحثية وتكوين العلاقات ودعمها مع المستفيدين لتحقيق الأهداف التسويقية للجامعة.
المزيج التسويقي الإلكتروني:
لقد مرَّ المزيج التسويقي بعدد من المراحل حسب تطور عمليات التسويق وبحوثه، وحسب رؤية المفكرين والباحثين، تعدّ عناصر المزيج التسويقي الإلكتروني المرحلة الثالثة من هذه المراحل، حيث يتألف المزيج التسويقي الإلكتروني من 10 عناصر موضحة بالشكل الآتي [1-2]:

الشكل (1) عناصر المزيج التسويقي الإلكتروني
ركزت هذه المقالة على العنصر الأول من هذه العناصر كما يظهر الشكل أعلاه هو تصميم الموقع (Site Design): يعد تصميم الموقع من أهم عناصر المزيج التسويقي الإلكتروني إن لم نقل أهمها على الإطلاق، فهو المكان الافتراضي الحقيقي للنشاط التسويقي، وهو منفذ التوزيع، والتوضيب، والتغليف، والتعاقد… الخ، لذلك فإن تصميم الموقع يعدّ ذا أهمية بالغة من الناحيتين، البرمجية التقنية، والفنية الشكلية، لما يلعب من دور في جذب المستخدمين، وبالتالي إدارة النشاط التسويقي من تلك النافذة. ويتميز تصميم الموقع بالأمور الآتية [3]:
إن التسويق الإلكتروني أصبح السِّمة البارزة التي تحكم عمل منظمات التعليم العالي. خاصة في عالم وصل إلى درجة كبيرة من الأتمتة، والاعتماد على الذكاء الصُّنعي [4]، والذّهن الإلكتروني، وما يرافق ذلك من بيئة تسويقية تتسم بالديناميكية والتعقيد. ولعلَّ الحالة الراهنة التي يعيشها العالم من انتشار الرقمنة وتعاظم دور الذكاء الاصطناعي، والواقع المعزز، وما قد يترتب على ذلك من الاعتماد على الحالة الافتراضية في التعليم. زاد من أهمية التسويق الإلكتروني في الترويج للمنظمات التي تُعنى بالتعليم، الأمر الذي يؤكد على أهمية التركيز على التسويق الإلكتروني في إظهار إمكانيات الجامعة، والوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من العملاء، إذ يستطيع المستخدمين تقييم الجامعة وبرامجها وتحديد قراراتهم باختيارها من خلال موقعها الإلكتروني.
مفهوم المواقع الإلكترونية:
الموقع الإلكتروني على الشبكة هو جوهر الحضور الإلكتروني للجامعة، وهو أكبر من مجرد واجهة إلكترونية للجامعة، لكونه يقدم كل خصائص الجامعة في إطار من الفهم الإستراتيجي لكل عناصر النجاح، أو الفشل الحرجة في التواجد الإلكتروني لها. لهذا لا يمكن التعامل مع موقع الويب بوصفه مجرد ملصق ملون أو صورة كبيرة ذات ارتباط تشعبي فائق وإنما كهوية للجامعة، ورسالتها وتمثيل فعَّال لاستراتيجيتها [5].
والمواقع الإلكترونية الأكاديمية عبارة عن مواقع إلكترونية على الإنترنت، وكل موقع إلكتروني يتضمن مجموعة من الصفحات والنصوص والصور ومقاطع الفيديو المترابطة وفق هيكل متماسك ومتفاعل، يهدف إلى عرض ووصف المعلومات عن قسم عملي ما، أو كلية ما أو جامعة ما، بحيث يكون الوصول إليه غير محدد بزمان ومكان، وله عنوان فريد محدد يميزه عن بقية المواقع على الإنترنت، وتحتوي معظم مواقع الويب على صفحة رئيسة كنقطة بداية وتتصل هذه الصفحة بصفحات أخرى باستخدام ارتباطات تشعبية وبنية تنقل.
أهمية المواقع الإلكترونية الجامعية:
إنّ التغيرات التي تحدث في قطاع التعليم العالي، تفرض الحاجة إلى بناء علامات تجارية قويَّة، إذ أصبحت صورة المنظمات التعليميَّة أداة لتحقيق ميزة تنافسيَّة في السوق ومن هنا تأتي أهمية الموقع الإلكتروني كنقطة تواصل للجامعة مع كل ما يحيط بها، حيث إن امتلاك موقع ويب مصمم جيداً هو إحدى طرق تصوير العلامة التجارية القوية تجاه الجمهور، حيث أصبحت المواقع الإلكترونية في عالم الاقتصاد الرقمي، وما صاحبه من ثورة معرفية هائلة هي الأساس في التعاملات العالمية للوصول إلى المستخدمين [6]. لذلك ينبغي على المنظمات الأكاديميَّة إعطاء الاهتمام الكافي لجودة الخدمات الإلكترونية التي تقدمها من خلال مواقعها الإلكترونية عبر الإنترنت، وذلك بهدف تحسين الخدمة المقدمة، إذ أن المواقع الإلكترونية للجامعات أصبحت ضرورية في ممارسات القبول والتسويق للجامعات، إذ إنه بالنسبة للطلاب المحتملين، أصبحت زيارة مواقع الويب المعهودة أمراً عادياً، ويعدُّ الكثيرون زيارة مواقع الجامعة على أنها زيارتهم الأولى للجامعة نفسها. وتشير الدراسات إلى أن 84% من الطلاب استخدموا مواقع الويب الجامعية للعثور على معلومات حول الجامعات [7].
بالإضافة إلى ذلك، تُعدُّ المواقع الإلكترونية للجامعات المكان المناسب لها لتمثيل، وتسويق نفسها من أجل إنشاء هوية مميزة وترك انطباع لا يُنسى عند الجمهور، ونظراً لهذه الأهمية يتم تخصيص كميات كبيرة من الموارد لإنشاء مواقع الويب وصيانتها [8]. لذلك يجب الاهتمام بالنظر إلى الموقع الإلكتروني للجامعة كعلامة تجارية للجامعة، لكون العلامة التجارية المواتية ستمكنها من توظيف أفضل وألمع الطلاب، وأعضاء هيئة التدريس، والموظفين والاحتفاظ بهم، وبناء والحفاظ على نطاق واسع من الجمهور[9].
التصنيفات العالمية للجامعات:
تُعدُّ الترتيبات العالميَّة للجامعات ومعاييرها تجربة حديثة نسبياً، حيث ظهرت مع بداية مطلع الألفية الثالثة، ولكنها انتشرت في الأوساط الأكاديميَّة انتشاراً واسعاً في السنوات الأخيرة، إذ تسعى إلى ترتيب الجامعات، والمراكز البحثيَّة على مستوى العالم في إطار موضوعي يتسم بالحياديَّة، وقد أصبح إعلان نتائج ترتيب الجامعات ومنظمات التعليم العالي عبر العالم يحظى كل عام بترقب كبير، لأن المراتب التي تحصل عليها الجامعات المصنفة تعكس إلى حد كبير مستوى التقدم العلمي لبلدانها [10-11].
التصنيف أو الترتيب العالمي للجامعات مجموعة من القوائم المرتبة تنازلياً لمنظمات التعليم العالي، تهدف لتقييم هذه المنظمات وفق معايير ومقاييس تضعها مراكز وأكاديميين مختصين، تتضمن الحد الأدنى من الشروط العلميَّة والإلكترونيَّة المطلوب توافرها في هذه المنظمات، وتصدر في صورة تقارير دوريَّة سنوية غالباً.
تصنيف ويبوميتركس:
وهو تصنيف يصدر منذ عام 2004 بصفة دورية كل ستة أشهر عن مركز أبحاث تابع لوزارة التربية والتعليم في إسبانيا. Cybermetrics Lab (CCHS) التابع إلى CSIC: Spanish National Research Council الإسبانية. وهو من أشهر التصنيفات الأكاديميَّة للجامعات، وأشملها حيث يشمل التصنيف حوالي 30 ألف جامعة [12-13].
معايير تصنيف ويبوميتركس وكيفية احتسابها
يعتمد هذا التصنيف على عدة معايير، تسعى بعض هذه المعايير إلى تحديد الجودة، والقوة الأكاديمية، بينما يهدف البعض الآخر إلى رفع مستوى النشر الإلكتروني، ومبادرات الوصول الحر.
المعيار الأول هو معيار حجم الموقع على الإنترنت (Size):
يطلق عليه أيضاً مؤشر التواجد، أو الحضور (Presence) وهو يشير إلى غنى الموقع بالمعلومات من خلال العدد الإجمالي لصفحات الويب (Webpages) المستضافة في النطاق الإلكتروني (Webdomain) للجامعة، بما في ذلك المواقع الفرعية، والدلائل التي تمت فهرستها في محرك بحث Google باعتباره أوسع محرك بحث تجاري. لا يأخذ هذا المؤشر بعين الاعتبار المضامين التي توفرها مواقع الويب، وإنما يكتفي بعدد الصفحات. ولقد أكد الباحثون أن المواقع الغنيَّة بالمعلومات تستقطب عدداً كبيراً من الروابط الخارجيَّة، والموقع الغني بالمعلومات غالباً ما يحتوي على عدد كبير من صفحات الويب وبالتالي هنالك ارتباط بين معيار المرئية ومعيار الحجم أو التواجد. ويأخذ هذا المعيار وزن (5%).
المعيار الثاني هو معيار الرؤية أو الوضوح (Visibility):
يطلق عليه أيضاً مؤشر التأثير (Impact Rank)، يعتمد هذا المؤشر على تأثير جودة محتويات موقع الجامعة بناءً على “استفتاء افتراضي”، لعدد الزيارات التي تتم للموقع، والبحوث العلميَّة التي لها رابط، ومن خلال حساب الروابط الخارجية (External Inlinks)، التي يستقبلها الموقع الإلكتروني من مواقع أخرى. وتمثل هذه الروابط الخارجية اعترافاً بالمكانة المؤسسَّاتية، والأداء الأكاديمي، وقيمة المعلومات، وفائدة الخدمات بحسب إدراجها في المواقع الإلكترونية بناءً على معايير ملايين من محرري الإنترنت من جميع أنحاء العالم. ويتم جمع بيانات وضوح الروابط من اثنين من أهم مقدمي هذه المعلومات وهما: (SEO Majestic)، و(ahrefs)، إذ يستعين هذان الموردان بزواحف خاصة بهما (Crawlers) ينتج عنهما قواعد بيانات متعددة.
يُحسب مؤشر المرئية باستخراج العدد الإجمالي للروابط الخارجية، أو ما يسمى (Backlinks) بالإضافة إلى عدد نطاقات الويب المسؤولة عن هذه الروابط (Referring Domains)، يتم بعدها إقصاء بعض النطاقات من أجل حساب مؤشر المرئية والمتمثل في نتاج الجذر التربيعي لعدد الروابط الخارجية، وعدد النطاقات المسؤولة عن هذه الروابط وتُشير (شباب وأقبال، 2018) إلى أن مؤشر المرئية لكل جامعة هو القيمة القصوى المحصّل عليها انطلاقاً من المصدرين. تشير بعض الدراسات إلى إمكانية الاستفادة من محركات البحث، والمتصفحات الشهيرة (جوجل، ياهو، أليكسا، لايف) بالحصول على الروابط أيضاً. يعطى لهذا المعيار وزن (50%).
المعيار الثالث هو معيار الانفتاح (Openness):
يطلق عليه أيضاً معيار الملفات الغنية (Rich Files)، يعترف هذا المؤشر صراحةً بالجهود الدولية الساعيَّة إلى إنشاء مستودعات بحث مؤسسَّاتيَّة. ويأخذ في الاعتبار عدد الملفات الغنية في الصيغ الآتية (ppt, docx, doc, pdf)، المنشورة في المواقع المخصصة بحسب محرك الباحث العلمي (Google Scholar). وتجدر الإشارة أنه ومنذ العام 2018 أصبح يحسب هذا المعيار انطلاقاً من عدد الاستشهادات المرجعية للمؤلفين الأكثر استشهاداً بهم (Top Authors) في Google Scholar ويعطى هذا المعيار وزن (10%).
المعيار الرابع هو معيار التميّز (Excellence):
يطلق عليه أيضاً معيار الجودة (Quality) ويمثل عدد الأوراق الأكاديمية المنشورة في المجلات الدولية العالميَّة، والتي تُسهم بشكل كبير في تصنيف الجامعات. ويشير القائمون على هذا التصنيف إلى أن الاعتماد فقط على العدد الإجمالي للأوراق المنشورة قد يكون مضللاً، لذلك حصروا المعيار في تلك المنشورات المتميزة فقط، فمثلاً تمثل المخرجات العلميَّة للجامعة 10% من الأوراق الأكثر استشهاداً بها في مجالات تخصصها العلميَّة، ويستند التصنيف في ذلك على قواعد بيانات تجارية. يعطى هذا المعيار وزن (35%).
اعتمدت هذه المؤشرات حتى شهر تموز 2025 حيث تمّ تعديلها لتصبح كالآتي:
من خلال ما سبق نجد أنّ ويبوميتركس يهتم بتصنيف الجامعات وفقاً لوجودها على الإنترنت، بهدف قياس قدرة الجامعة على إنتاج المعرفة، والخدمات، وقدرة المجتمع المحلي، والعالمي الاطلاع عليها، والاستفادة منها، معتمداً في ذلك على القياس الكمي للحضور الإلكتروني المستقل للجامعة، من خلال نطاق إلكتروني خاص بها، وبالتالي فإنه لا يأخذ بعين الاعتبار الجامعات التي لا تملك موقعاً إلكترونياً مستقلاً.
وعلى الرغم من اختلاف المؤشرات المستخدمة في قياس جودة الجامعات من منظمة إلى أخرى، إلا أن القاسم المشترك بين مختلف التصنيفات العالميَّة هو اعتمادها على الحضور العلمي للجامعات على الإنترنت، وهذا ما يدفع إلى الاهتمام بالمواقع الإلكترونية، وبالتالي التسويق الإلكتروني.
وبالنهاية بأنَّ المشهد التعليمي الحالي يقود ثلاثة ابتكارات ناجحة تتحدى مصادر الحصول على المعلومات التي تشكل في نهاية المطاف عمليات التعلم. أولاً تطوير التحول الرقمي من استبدال محتوى بسيط للمستندات الرقمية إلى مستودعات رقمية، إلى تبادلات تفاعلية حيث يمكن تخصيص المحتوى المقدم بناءً على عملية البحث. ثانياً، يصبح الذكاء الاصطناعي محركاً لاكتشاف المعرفة ونشرها. ثالثاً، تخصيص المحتوى هو حجر الزاوية الجديد لعملية التعليم والتعلم، وهنا تكمن أهمية دور الموقع الإلكتروني للجامعات الذي يمثل كما ذكرنا في بداية المقال العنصر الأول من عناصر المزيج التسويق الإلكتروني، الأمر الذي يؤكد وجود علاقة قوية بين التسويق الإلكتروني الجيد للجامعة من خلال موقعها الإلكتروني وتحسين تصنيف الجامعة عالمياً.
المراجع:

كلية العلوم الإدارية والمالية - الجامعة الوطنية الخاصة