الـواحــة الطلابيــة للجـامعــة الوطنيــة الخـاصــة

Student Oasis of Al-Wataniya Private University

عنوان الحلقة البحثية : العيون من الفضاء: الاستشعار عن بعد ودوره الثوري في الهندسة المدنية والتنمية المستدامة

مسابقة أفضل حلقة بحثية طلابية - كلية الهندسة المدنية-

الأستاذ المشرف

الدكتورة : دارين نوفل

اعداد الطالب

مصطفى محمد الاحمد

اعداد الطالب

مروان محمد عز الدين

الملخص

يُعد الاستشعار عن بعد من أبرز تقنيات العصر الرقمي التي أحدثت ثورة في طرق جمع وتحليل البيانات الجغرافية والبيئية، بالاعتماد على استخدام الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار لالتقاط صور وبيانات يمكن تحليلها لاستخلاص معلومات دقيقة دون الحاجة إلى التلامس المباشر مع الهدف. يتناول هذا البحث التعريف بالاستشعار عن بعد، مكوناته، أهميته، وتطبيقاته الواسعة مع التركيز على أهميته المتزايدة في مجال الهندسة المدنية، حيث يُستخدم في التخطيط العمراني، ورصد البنية التحتية، ومراقبة الكوارث، إلى جانب تطبيقاته المتعددة في الزراعة، البيئة، الأمن، والطقس. يناقش البحث أيضاً دور هذه التقنية في دعم التنمية المستدامة وإدارة الكوارث، كما يستعرض نماذج من مشاريع عالمية رائدة، وظفت تقنيات الاستشعار عن بعد لإحداث فارق في صنع القرار والتنمية المستدامة.

الكلمات المفتاحية: الاستشعار عن بعد، الأقمار الصناعية، الطائرات بدون طيار، تحليل البيانات الجغرافية ، مراقبة البنية التحتية، التنمية المستدامة

المقدمة:

إن تطور أي بلد يعتمد على جمع وحصر المعلومات الخاصة بالموارد الطبيعية والصناعية والاقتصادية وغيرها. وذلك لاستخدامها في التخطيط المستقبلي أو لإيجاد الحلول للمشكلات المرتبطة بهذا البلد. وفي عالم متغير سريع النمو، لم تعد المصادر التقليدية كافية أو عملية من ناحية سرعة الحصول على البيانات أو دقتها، وأصبحت الحاجة إلى بيانات دقيقة ومحدثة ضرورة ملحّة. يقدم الاستشعار عن بعد حلاً فعالاً لهذه الحاجة من خلال تزويدنا ببيانات تغطي مساحات شاسعة وتُحدث بشكل دوري.  حيث برزت تقنيات الاستشعار عن بعد كأدوات فعالة لجمع المعلومات من سطح الأرض دون تلامس مباشر، والحصول على بيانات دقيقة ومتجددة عن الظواهر الطبيعية والبشرية المختلفة، مما وفر وسيلة دقيقة وشاملة لرصد التغيرات البيئية والعمرانية. يمثل الاستشعار عن بعد أداة استراتيجية في جمع المعلومات وتحليلها لدعم اتخاذ القرار في مختلف المجالات، خاصة في الهندسة المدنية التي تتطلب دقة عالية وتحديث مستمر للبيانات. تسهم هذه التقنية في تعزيز التنمية المستدامة، تحسين جودة البنية التحتية، وتقليل آثار الكوارث الطبيعية. ومع تزايد الاعتماد على البيانات الفضائية في اتخاذ القرار، أصبحت هذه التقنية حجر الزاوية في مجالات متعددة مثل الزراعة، وإدارة الموارد الطبيعية، ومراقبة الكوارث، والهندسة المدنية والتخطيط الحضري.

 الاستشعار عن بعد ليس مجرد أداة تقنية بل هو لغة جديدة لفهم كوكبنا. بفضل هذه التقنية، أصبحت بيانات البيئة والعمران في متناول المختصين ومتخذي القرار، ما يسهم في بناء مستقبل قائم على البيانات والدقة والاستدامة.

في هذا البحث يستعرض هذه التقنية من جذورها النظرية إلى تطبيقاتها الواقعية، مع تسليط الضوء على أهميتها وإنجازاتها في مجالات متعددة وخاصة  الهندسة المدنية.  

تعريف الاستشعار عن بعد  Definition of remote sensing

يُعد الاستشعار عن بعد أحد التقنيات الحديثة التي تستخدم في جمع المعلومات المتعلقة بكائنات وظواهر سطح الأرض من مسافات بعيدة، وذلك دون الحاجة إلى التواجد المباشر في الموقع. يُعتمد في هذه التقنية على أجهزة استشعار مثبتة على متن الأقمار الصناعية والطائرات و ذلك بالتقاط صور رقمية أو فوتوغرافية باستخدام أقمار صناعية عن طريق مجسات مركبة على القمر الصناعي أو الطائرات أو الطائرات بدون طيار أو عن طريق التصوير الأرضي. حيث يتم التقاط الإشعاعات الكهرومغناطيسية المنعكسة أو المنبعثة من الأجسام وتُحوّل إلى بيانات رقمية يمكن تحليلها، للحصول على معلومات دقيقة وموثوقة يمكن استخدامها في مختلف المجالات. يجسد الاستشعار عن بعد دوره الحيوي في مراقبة البيئة والموارد الطبيعية، وتقييم التغيرات البيئية، وتخطيط الأراضي، ومكافحة التصحر، وإدارة الموارد المائية، إلى جانب تطبيقات أخرى في الزراعة والجيولوجيا والبيئة. يعتمد الاستشعار عن بعد على قياس وتحليل الأشعة الكهرومغناطيسية التي تنبعث أو تنعكس من الأجسام، ويشمل ذلك الأطياف المختلفة مثل الأشعة فوق البنفسجية، والضوء المرئي، والأشعة تحت الحمراء، والأشعة السينية. يُعرف العالم السعودي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز العطاس، المختص في نظم المعلومات الجغرافية وعلوم البيئة، الاستشعار عن بعد بأنه ” تقنية حديثة تعتمد على رصد وتحليل البيانات التي تحصل عليها أجهزة الاستشعار من على بعد، بهدف مراقبة الظواهر الطبيعية والإدارية، وتوفير معلومات دقيقة تدعم إدارة الموارد بكفاءة عالية ” [1]. ويبرز هذا التعريف أهمية الاستشعار عن بعد كمصدر موثوق ودقيق للمعلومات، يساهم بشكل فعال في دعم اتخاذ القرارات العلمية والإدارية في مختلف القطاعات.

أقسام الاستشعار عن بعد

طرق الاستشعار عن بعد تنقسم تبعاً لوسائل حمل أجهزة الالتقاط  إلى:

  • الاستشعار الفضائي: فيه تحمل أجهزة الالتقاط (المجسات Sensors )على الأقمار الصناعية التي تطير على ارتفاعات عالية جداً .
  • الاستشعار الجوي: وفيه توضع أجهزة الالتقاط على الطائرات التي تطير على ارتفاعات منخفضة نسبياً.
  • الاستشعار الأرضي: وفيه توضع أجهزة الالتقاط على على مختلف أنواع المركبات مثل السيارات أو تحمل يدوياً

        من ناحية أخرى يمكن تصنيف الاستشعار عن بعد تبعا لنوع البيانات المستقبلة الى :

 الاستشعار الفعال Active Remote Sensing

يعتمد هذا النظام على مصدر اصطناعي للطاقة الكهرومغناطيسية حيث يتم إصدار أشعة كهرومغناطيسية من قبل جهاز الاستشعار وتنعكس هذه الأشعة من الأجسام وتعود مرة أخرى ليستقبلها جهاز الاستشعار (نظام الرادار).

 

الاستشعار السلبي Passive Remote Sensing

يعتمد هذا النظام على الشمس كمصدر طبيعي للأشعة الكهرومغناطيسية حيث تصدر الشمس أشعة كهرومغناطيسية  إلى الأجسام الموجودة على الأرض فتعكسها هذه الأجسام ويتم استقبالها من قبل المستشعر. يبين الشكل (1) الاستشعار السلبي والاستشعار الفعال.

الشكل (1) الاستشعار السلبي والاستشعار الفعال

مكونات الاستشعار عن بعد

تعتمد الفكرة الأساسية لجمع وتفسير البيانات حول سطح الأرض على تفاعل فيزیائي یحدث بين أشعة الشمس  أو الأشعة الصنعية الساقطة على مظاهر سطح الأرض وهذه المظاهر ذاتها . وهذه العملية یمكن توضيحها من خلال نظام من سبعة عناصر كما يوضح الشكل (2).

  1. مصدر طاقة A: يستلزم وجود مصدر طاقة ینتج إشعاع كهرومغناطيسي كعنصر رئيسي في النظام، وعلى أساس إستقلال مصدر الطاقة عن المجس یتم تصنيف نظم الإستشعار من بعد إلى فعالة Active وهي النظم التي تمتلك مصدر خاص للطاقة مثل الرادار، وإلى غير فعالة Passive وهي النظم التي تعتمد على الشمس كمصدر للطاقة لكهرومغناطيسية .
  2. الإشعاع والغلاف الجوي B: یتفاعل الإشعاع الكهرومغناطيسي في رحلته من المصدر إلى سطح الأرض والعكس مع الغلاف الجوي مما یؤثر على الإشعاع عند تفاعله مع سطح الأرض وإلتقاطه بواسطه المجس.
  3. التفاعل مع مادة سطح الأرض C : یختلف تفاعل الإشعاع مع مادة سطح الأرض باختلاف التركيب الكيميائي والفيزیائي (ماء- نبات- تربة- مباني ) والظروف المحيطة لهذه المادة، فبمجرد أن تأخذ الموجات طريقها الى الهدف من خلال الغلاف الجوي فإنها تتفاعل وتتمثل معه بثلاث طرق اما امتصاص او انعكاس او تشتيت وهذا يتوقف علي طبيعة الجسم الذي تصطدم به الموجات وخصائصه وطريقة تفاعله مع هذه الموجات [2].
  4. المجسD: حيث یتم تسجيل الإشعاع الكهرومغناطيسي المرتد عن سطح الأرض على شكل أرقام [3,4] .
  5. النقل والمعالجة E: حيث یتم نقل قيم الإشعاع المرتد عن مادة سطح الأرض و المسجل بواسطة المجس إلى محطات الاستقبال الأرضي.
  6. التفسير والتحليل F: تعالج الإشارات بواسطة الحاسوب. و یتم ذلك بواسطة أشخاص متخصصين وبرمجيات حاسوبية متخصصة، حيث يتم تصحيح الصور، التصفية، والعمليات التحليلية مثل التصنيف والمعالجة الرقمية .
  7. الاستخدام G

الشكل (2) عناصر الاستشعار عن بعد

 

أنواع الأقمار الصناعية

 أقمار صناعية للاتصالات

 وھي أقمار تساعد في نقل البيانات( مثل البث الإذاعي والتلفزيوني) وتوزيعھا على أجزاء كبيرة من سطح الأرض لتتغلب علي مشكلة كروية الأرض التي تعيق النقل المباشر الأرضي لھذه البيانات. ومن أمثلة ھذه النوعية من الأقمار الصناعية: النايل سات و العرب سات المستخدمين في البث التلفزيوني.

 أقمار صناعية ملاحية

يكون ھدفھا الأساسي تقديم تقنيات ووسائل دقيقة لعمليات الملاحة بين موقعين (سواء الملاحة الأرضية أو البحرية أو الجوية أو حتى الملاحة الفضائية) ، وتأتي في ھذه المجموعة من الأقمار  الصناعية نظم أو تقنيات مثل نظام الجي بي أس الأمريكي و نظام جاليليو الأوروبي و نظام جلوناس الروسي.

 أقمار صناعية لدراسة موارد الأرض

ومنھا أقمار صناعية خاصة بدراسة البحار و أخرى خاصة بدراسة الطقس و ثالثة مخصصة للتصوير الفضائي أو الاستشعار عن بعد.

الشكل (3) صورة لسطح الأرض بواسطة الأقمار الاصطناعية

 

 التطور التاريخي لاستخدامات التصوير الفضائي

  يرجع استخدام التصوير الفضائي لعام 1957 وذلك مع زيادة نشاط أبحاث الفضاء للاتحاد السوفيتي بإطلاق المركبة الفضائية Sputnik I 1957 وتبعتها مركبة الفضاء الأمريكية Vanguard TV3 والتي فشلت في الاستقرار بمدارها واتبعت  بالإطلاق الناجح للمركبة الفضائية  Explorer  في 31 يناير 1958.

      بدأت المراقبة المنتظمة للأرض من الفضاء في أول أبريل 1960 بإطلاق أول مركبة فضاء مناخية  Tiros-I والتي كانت تتميز سلسلتها بقدرة تفريقية منخفضة.

 كان أول الأقمار الصناعية الأمريكية للمراقبة الاستكشافية هو كورونا CORONA   حيث كان برنامجه رد فعل للبرنامج السوفيتي Sputnik وكان مصمماً لالتقاط صور لبلدان الكتلة السوفيتية وكانت صور القمر كورونا مجسمة بقدرة تفريقية مبدئية 8 متر تحسنت فيما بعد لتكون 2 متر- بدأ البرنامج في 12- 8 – 1960 وخرج من الخدمة 31 – 5 – 1972 وسمح ببيعها منذ عام 1995.

في عام 1972 تم إطلاق القمر الصناعي لاندسات 1 Landsat أول قمر صناعي متخصص بالاستشعار عن بعد للموارد الأرضية. كما تم إطلاق مجموعة من الأقمار الصناعية المناخية الثابتة بالنسبة للأرض لمراقبة الطقس وذلك بين عام 1972 وعام 1974.

في عام 1978 تم إطلاق القمر Seasat أول قمر صناعي متخصص بالاستشعار عن بعد للمحيطات ومجهز بعدة مجسات منها  الرادار.

تم ظهور الأقمار ذات الدقة المكانية العالية في عام 1982 من أجل مراقبة الأرض ، حيث تم إطلاق لاندسات 4 المجهز بمجس TM  Thematic Mapper .

استعملت الأقمار الصناعية COSMOS عام 1984 في برنامج عسكري سوفيتي،  حيث يدور القمر الصناعي في مدار على ارتفاع منخفض يصل إلى 190- 270 كم فوق سطح الأرض وقد سجلت البيانات على أفلام وحيدة المدى الطيفي Panchromatic.

وفي عام 1986 تم إطلاق القمر الصناعي الفرنسي  سبوت 1 SPOT من أجل مراقبة الظواهر الأرضية . تم وضع القمر الأوربي ERS-1 في مداره في عام 1991 وقد تم تجهيزه بعدة مجسات سلبية وفعالة من أجل دراسة البيئة العامة لكوكب الأرض.

في عام 1999 تم إطلاق القمر إيكونوس IKONOS من قبل الشركة الخاصة Space Imaging، هذا القمر الذي ينتج  صوراً عالية الدقة المكانية 1X1م.

يوضح الجدول (1) الأقمار الصناعية ودقة وعدد نطاقات كل منها

الجدول(1) النطاقات والدقة المكانية للأقمار الصناعية [6].

أمثلة على مشاريع عالمية بارزة

مشروع Landsat (أمريكا): أطول سجل تصوير للأرض منذ عام 1972، يستخدم على نطاق واسع في الدراسات البيئية والهندسية [5].

– برنامج كوبرنيكوس (الاتحاد الأوروبي): يشمل أقمار Sentinel، ويوفر بيانات مفتوحة عالية الدقة [6].

– مهمة TerraSAR-X (ألمانيا): تستخدم رادارًا عالي الدقة لدراسة التحولات الدقيقة في سطح الأرض.

مبادرة Google Earth Engine : منصة تحليل سحابية للبيانات الفضائية تدعم آلاف المشاريع البحثية [7].

   أهمية الاستشعار عن بعد

توفر تقنيات الاستشعار عن بعد أدوات حيوية لاتخاذ القرارات السليمة في إدارة الموارد، الحفاظ على البيئة ومراقبة التغيرات المناخية، وكذلك دعم العمليات الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، تتيح تقنيات المعالجة والتحليل الحديثة استخراج معلومات دقيقة وموثوقة بسرعة تفوق الوسائل التقليدية، كما أنها تسمح بمراقبة دورية ومستمرة للظواهر بتكلفة قليلة مقارنة بالمسوحات الميدانية مع تغطية مساحات واسعة خلال وقت قصير. ويمكن من خلال تقنيات الاستشعار عن بعد الكشف المبكر عن الأخطار الطبيعية، وتقييم أثر الأنشطة البشرية على البيئة، ودعم اتخاذ القرار في المشاريع الكبرى.

مجموع المعلومات الصادرة عن تقنيات الاستشعار عن بعد يشكل ركيزة أساسية في الدراسات البيئية والجغرافية، ويعزز من إمكانياتنا لمراقبة سطح الأرض بشكل مستمر وشامل. تتطور هذه التكنولوجيا باستمرار، مما يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز قدرات المراقبة والتحليل لمواجهة التحديات العالمية [ 8].

تطبيقات الاستشعار عن بعد

تستخدم في العديد من مجالات المتنوعة تساهم بشكل كبير في تحسين العديد من القطاعات والدفع بعجلة التنمية المستدامة. فيما يلي عرض تفصيلي لأبرز تطبيقات الاستشعار عن بعد مع الإشارة إلى المرجع فيما سيأتي “صالح محمد، دار المعرفة، القاهرة”.

  1. مراقبة البيئة والموارد الطبيعية

يُستخدم الاستشعار عن بعد بكفاءة عالية لمراقبة وتحليل التغيرات البيئية التي تحدث على مر الزمن. من خلال صور الأقمار الصناعية، يمكن رصد التغيرات في مساحات الغطاء النباتي، والتصحر، والتدهور البيئي، والاحتباس الحراري. يُعد ذلك أساسًا في اتخاذ إجراءات للحفاظ على البيئة، وإدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام. على سبيل المثال، يساعد تحليل بيانات الاستشعار عن بعد في مراقبة غابات الأمازون، وتحديد المناطق التي تتعرض لقطع الأشجار غير القانونية، وتمكين الجهات المختصة من التصرف قبل تفاقم الوضع.

  1. الزراعة وإدارة المحاصيل

تُعتمد تقنيات الاستشعار عن بعد أيضًا في تحسين عمليات الزراعة، حيث يُساعد ذلك في تقييم صحة النباتات، وتحديد نوعية التربة، ورصد نمو المحاصيل، والكشف المبكر عن الآفات والأمراض التي قد تؤثر على الإنتاجية. إلى جانب ذلك، يُستخدم في قياس الحاجة للمياه وتحديد مواعيد الري المثلى، مما يُساهم في تقليل الهدر وزيادة الإنتاجية. مثلاً، يُمكن استخدام صور الاستشعار عن بعد لمراقبة حقول الأرز أو القمح، ومعرفة مدى توافر المياه أو وجود مرض معين قبل أن ينتشر بشكل واسع.   

  1. إدارة الموارد المائية 

يُسهم الاستشعار عن بعد في مراقبة وتقييم مصادر المياه، وتحليل أحجام الأنهار، ورصد الفيضانات والجفاف، مع تحديد مناطق التلوث المائي. يمكن للاستشعار عن بعد أن يُظهر بشكل واضح التغيرات التي تطرأ على مستويات المياه، ويُوفر بيانات مهمة لصناع القرار أثناء إدارة الموارد وتخطيط الاستخدامات المائية بشكل فعال. على سبيل المثال، يمكن تتبع مدى توافر المياه في السدود، أو رصد تأثيرات التغير المناخي على حقول المياه الجوفية، مما يدعم السياسات المائية الصحيحة.

  1. الدراسات الجيولوجية والموارد الطبيعية

يُستخدم الاستشعار عن بعد بكثرة في استكشاف الموارد Geological، حيث يتم من خلاله تحديد مواقع المعادن، النفط، والغاز الطبيعي، والقيام بدراسات تفصيلية لتكوينات الصخور والتربة. تساعد هذه التقنيات في وضع خرائط جيولوجية عالية الدقة، وتوفير بيانات هامة للمسوحات الميدانية التقليدية، مما يقلل من الوقت والجهد ويُسرع عمليات التنقيب والاستكشاف. 

  1. التخطيط العمراني وإدارة الأراضي

من خلال التحليل الدقيق لصور الأقمار الصناعية، يُمكن تصميم مخططات عمرانية متكاملة، توضح استخدام الأراضي، وتساعد في منع التعديات، وتحديد المناطق المناسبة للأنشطة المختلفة كالسكن، والصناعة، والزراعة. كما يُستخدم الاستشعار عن بعد في مراقبة التغيرات على المستوي العمراني وتوجيه خطط التنمية بشكل مستدام. وساعد ذلك في تحسين إدارة المدن الكبرى وتخطيط المناطق الحضرية بطريقة تراعي النمو السكاني وحفظ البيئة. 

  1. المراقبة الأمنية والدفاعية

يُعتمد على استشعار عن بعد أيضًا في مراقبة المناطق الحدودية، ورصد أي أنشطة غير قانونية أو إرهابية، وتحليل مناطق الصراعات والنزاعات. تُمكن هذه التقنية قوات الأمن من الحصول على صور حية ومعلومات دقيقة، مما يسهل اتخاذ القرارات الفورية ويعزز من مستوى الأمن والاستقرار الوطني. 

تطبيقات الاستشعار عن بعد في الهندسة المدنية

تلعب تقنيات الاستشعار عن بعد دورًا حيويًا في الهندسة المدنية من خلال:

رصد التوسع العمراني:

 يمكن باستخدام سلسلة زمنية من الصور الفضائية تتبع نمو المدن وتوسّعها الحضري. تمت دراسة التوسع الحضري في مدينة دبي على مدى عقدين، بالاعتماد على سلسلة زمنية من صور الأقمار الصناعية Landsat  وSentinel-2 ، حيث استخدم الباحثون تقنيات التصنيف الرقمي واستخراج الغطاء الأرضي للكشف عن النمو العمراني السريع والأنماط المكانية لتوسع المدن. أظهرت النتائج زيادة كبيرة في المناطق المبنية على حساب الأراضي الطبيعية، مما يعكس تسارع التمدد الحضري والتغيرات في استخدام الأرض. وتوصي الدراسة باستخدام أدوات الاستشعار عن بعد لرصد التخطيط العمراني المستدام [ 9].

مراقبة البنية التحتية:

 كشف تشققات المباني والطرق والجسور باستخدام تقنيات الرادار مثل InSAR.

تخطيط الطرق والمشاريع:

 عبر نماذج الارتفاع الرقمية DEM الضرورية في تصميم الطرق والمباني وتخطيط شبكات الصرف، و المساعدة في تخطيط الطرق واختيار المسارات ذات الجدوى الأعلى.

رصد التحركات الأرضية:

 باستخدام تقنيات مثل InSAR لرصد الانزلاقات الأرضية أو هبوط التربة. حيث استخدمت وكالة الفضاء اليابانية (JAXA) ووزارة النقل بيانات InSAR  من أقمار ALOS  وALOS-2 لرصد تغيّرات دقيقة في انحدار التربة واتخاذ قرارات هندسية استباقية. حيث تم الكشف عن تغيرات طفيفة في انحدار التربة في المناطق الجبلية، لا سيما في المقاطع الطرقية المعرضة للانزلاقات الأرضية. أثبتت البيانات فعاليتها في رصد التحركات البطيئة قبل الانهيارات الكبيرة، ما مكّن الجهات المختصة من إعادة تصميم البنية التحتية وتقوية بعض المقاطع لتفادي الكوارث [10].

تقييم مواقع المشاريع:

 تحديد ملاءمة الأراضي للبناء من خلال تحليل التربة والانحدار والتصريف.

إدارة الكوارث والطوارئ:

 التنبؤ بالفيضانات وتحليل الأضرار بعد حدوثها وتقييم الأضرار الناتجة عن الزلازل أو الفيضانات وتحديد المناطق المتأثرة.

دراسة بحثية عن زلزال 6 شباط باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد [11]

 أجريت في سوريا دراسة عن زلزال 6 شباط باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد حيث تم تحديد التشوه السطحي الناتج عن زلزال 6 شباط 2023 على الحدود التركية السورية باستخدام صور Sentinel-1 SAR وتقنيات DInSAR. يركز هذا البحث على تحليل التشوهات السطحية التي حدثت نتيجة الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير 2023، وذلك باستخدام تقنيات التداخل الراداري التفاضلي (DInSAR) المدعومة بأدوات نظم المعلومات الجغرافية .(GIS)

استخدم الباحثون بيانات الأقمار الصناعية لرصد وتحليل الانزياحات الأرضية بدقة مكانية عالية، كما أنشأوا خرائط تشوه تُظهر حجم وتأثير الزلزال على امتداد الفوالق. كما تم دمج نتائج DInSAR مع طبقات GIS المكانية لإبراز المناطق الأكثر تضررًا.  في هذه الدراسة تم تتبع التغيرات السطحية بعد الزلزال بدقة دون الحاجة للمسوحات الميدانية المكلفة، بالإضافة إلى توفير خرائط مفصلة تساعد صناع القرار في تخطيط الاستجابة للطوارئ من خلال تكامل فعال بين DInSAR  وGIS  لتحليل الكوارث الجيولوجية.

التحديات المستقبلية

تشمل التحديات تحسين دقة التحليل الزماني والمكاني، إدارة كميات البيانات الهائلة، وتطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة لفهم الصور متعددة المصادر. كما أن الحاجة إلى توطين هذه التكنولوجيا في الدول النامية يمثل تحديًا وفرصة في الوقت ذاته

الخاتمة

بات الاستشعار عن بعد أداة لا غنى عنها في زمننا الحالي، حيث يلعب دورًا محوريًا في دعم التنمية المستدامة والتخطيط العمراني وإدارة الموارد. ومع تطور التكنولوجيا وتوافر البيانات المجانية، يتوقع أن تتوسع تطبيقات الاستشعار عن بعد وتزداد دقتها وكفاءتها في المستقبل في مختلف المجالات. إن تكامل الاستشعار عن بعد مع الذكاء الاصطناعي ونظم المعلومات الجغرافية سيفتح آفاقًا جديدة لحلول ذكية ومبتكرة.

المراجع:

1-العطاس، عبد الله بن عبد العزيز. (2019). أنظمة 1 المعلومات الجغرافية وعلوم البيئة. مطبوعات جامعة الملك عبد العزيز، جدة.

2-Jensen, J. R. (2007). Remote Sensing of the Environment: An Earth Resource Perspective. .Pearson Education

3-Lillesand, T. M., Kiefer, R. W., & Chipman, J. (2014). Remote Sensing and Image Interpretation. .John Wiley & Sons

4-Jensen, J. R. (2007). Remote Sensing of the Environment, Chapter 3

5- USGS Landsat Program. (2023). https://landsat.usgs.gov

6- European Space Agency (ESA). (2024). Sentinel Missions. [https://www.esa.int/

7- Google Earth Engine. (2023). https://earthengine.google.com

8- Pearson Lillesand, T. M., Kiefer, R. W., & Chipman, J. (2015). Remote Sensing and Image Interpretation.

9- Aburas, M. M., Asha’Ari, Z., Er, A. C., & Said, A. M. (2021). Urban expansion analysis of Dubai (UAE) using Landsat and Sentinel satellite images in the period 2000–2020. Environmental Monitoring and Assessment, 193(5), 283. https://doi.org/10.1007/s10661-021-09054-0

10- Yarai, H., Kobayashi, T., & Une, H. (2015). Detection and monitoring of slope deformations using ALOS and ALOS-2 InSAR data in mountainous regions of Japan. Proceedings of the Japan Geoscience Union Meeting.

11-  Nofl, D., Darwishe, H., Chaaban, F., & Mohammad, A. (2024). Mapping surface displacements after the 6 February 2023 earthquake in Syria and Turkey using DInSAR and GIS techniques. Spatial Information Research, 32(3), 231-251

Live التصويت الخاص بحلقة البحث بعنوان :العيون من الفضاء: الاستشعار عن بعد ودوره الثوري في الهندسة المدنية والتنمية المستدامة
  • ممتاز
    97% 97% 36/ 37
  • جيد
    0% 0% 0/ 37
  • مقبول
    2% 2% 1/ 37

تنفيذ إدارة المواقع الالكترونية في الجامعة الوطنية الخاصة 2025

أهلا وسهلا بكم في الواحة الطلابية للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة الموقع الرسمي للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة موقع المكتبة الالكترونية للجامعة الوطنية الخاصةانقر لزيارة موقع الواحة الاكاديمية للجامعة الوطنية
Scroll to Top