الـواحــة الطلابيــة للجـامعــة الوطنيــة الخـاصــة
Student Oasis of Al-Wataniya Private University
د.أنس طويلة
فاطمه بسام ارحيّم
الملخص
تُعد الغدد اللعابية المتواجدة في التجويف الفموي من أوائل الغدد الأساسية المستقبلة للطعام في بداية الأنبوب الهضمي Digestive Tubular ، فهي تلعب دوراً هاماً بعملية الهضم من خلال إفرازها للعاب المساهم بترطيب الطعام مما يسهل مضغه فضلاً عن احتوائه على الأنزيمات الهاضمة (أنزيم الأميلاز)، كما ويدعم صحة الأسنان؛ وقد ساد الاعتقاد لفترة طويلة عن وجود ثلاث أزواج من الغدد اللعابية الرئيسية في التجويف الفموي (الغدة النكفية، وتحت اللسان، تحت الفك السفلي)، بالإضافة الى العديد من الغدد اللعابية الصغيرة؛ إلا أنه في عام 2020 م فاجأ العالم فوتر فوغل (أخصائي علاج الأورام بالإشعاع) أثناء فحصه لمرض سرطان البروستات، حيث أظهرت الصور التشخيصية علامات تشبه الغدد اللعابية الرئيسية في منطقة البلعوم الأنفي، وتبين فما بعد من خلال الدراسات لهذه المنطقة وجود غدة مجهولة ذات قنوات تفريغ شبه مرئية بالعين المجردة.
وبقي السؤال مطروحاً لماذا لم تعرف هذه الغدة من قبل؟! ، وهل يمكن اعتبارها غدة رابعة؟! .
كيف تمَّ اكتشاف هذه الغدة المجهولة ؟!!
لاحظ الطبيب فوتر فوغل أخصائي علاج الأورام اثر إجراء الفحص الروتيني الشامل للغدد لمريض سرطان البروستات بغية الاطمئنان على بقية غدده بتقنية التصور المقطعي (PSMA PET-CT إذ تعد من أحدث أنواع التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني المشترك المحوسب) [1]، فتفاجأ فوغل بتراكيب جديدة ثنائية البنية بمنطقة البلعوم الأنفي الخلفي غير معروفه، حيث من المفترض أن يحتوي فقط على الغدد اللعابية الصغيرة مما جعله في حيرة فاستدعى منه أن يطلب رأي زميله ماتياس فالستار (جراح الفم والوجه والفكين) واتفقا على وجود شيء غير متوقع ويجب إجراء المزيد من الدراسات كون أن هذه البنية المجهولة على المستوى عالٍ من النشاط مثل تلك الموجودة في الغدد اللعابية الرئيسية [2].
أنشأ فوغل وزميله فالستار فريق يضم أكثر من اثني عشر باحثاً أجروا خلالها فحوصات على 100 مصاب بالسرطان، كما وأقدموا على تشريح جثتين بشريتين (ذكر واحد وأنثى واحدة) في المنطقة ذاتها وتقييم الأنسجة بطريقة الكيمياء النسيجية التقليدية والكيمياء النسيجية المناعية المتقدمة[3,2].
وفقاً للدراسات توصل الفريق للنتائج التالية:
• النتائج السريرية: أظهرت بأن جميع المرضى المئة (99 ذكر وأنثى واحدة متوسط العمر 69.5 ) يمتلكون منطقة ذات نشاط إيجابي ثنائي الجهة محددة المعالم بوضوح يصل متوسط طولها من 3.4 إلى 4 سم تمتد من قاعدة الجمجمة-حفرة روزن مولر- إلى الأسفل على طول جدار البلعوم الخلفي فوق الحيد الأنبوبي (هو الهيكل التشريحي الذي يتكون من الغضروف الذي يدعم مدخل الأنبوب السمعي ) [3]،على إثرها سُميت بالغدة الأنبوبية استناداً الى قربها التشريحي منه[1].
بيّن أن خلاياها المفرزة من النوع الحويصلي وتبطن قناتها ظهارة ساترة مسطحة محاطة بالنسيج الضام الرخو ومن ثم بطبقة من النسيج الشحمي عازلة إيَّاها عن الغضروف الأنبوبي [4].
يمكننا القول أن هذه الغدة لديها بنية محددة( قنوات تفريغ متعددة خاصة بها) فضلاً عن وظيفة محددة (الترطيب)؛ إضافة عند مقارنتها بالغدد اللعابية الرئيسية نجد تشابهاً كبيراً مع الغدد تحت اللسان من حيث شكل الخلايا المفرزة ذات الطبيعة المخاطية وقنوات التفريغ لكنها على عكس الغدد اللعابية الرئيسية الأخرى فهي مغلفة من الخارج بالنسيج الشحمي، ووجد أيضاً تشابهاً مرضياً مع (نوعية الورم) الذي يصيب الغدد اللعابية ومدى تأثيرها بالعلاج الإشعاعي من ناحية انخفاض كفاءتها الافرازية، بهذا فهي أقرب للغدد اللعابية الرئيسة؛ كما يمكن القول أن الغدد اللعابية جميعها متصلة مع بعضها البعض مشكلة معاً نظاماً متكاملاً مرتبطاً مع بعضه البعض؛ بالنتيجة تم اقتراح أن الغدة الأنبوبية ليست بالضرورة أن تكون عضواً جديداً ولكنها جزء عياني من نظام الغدد اللعابية المركب الذي يحتوي على أقسام فرعية رئيسية وثانوية[1]، وبالتالي أصبحت الرقم الرابع للغدد اللعابية في تجويف الفم بعد الغدة النكفية، وتحت الفكية، وتحت اللسانية.
يمكن تفسر ذلك هو وجودها بموقع تشريحي صعب الوصول إليه بالإجراءات الجراحية (تحت قاعدة الجمجمة)، وهي منطقة لا يمكن الوصول إليها إلا بالتنظير الأنفي؛ ربما قد تم ملاحظة قنوات الإخراج سابقاً كونها شبه مرئية بالعين المجردة لكن لم يتم تفسيرها على أنها جزء من غدة كبيرة، كما أن طرق التصوير التقليدية لم تسمح بتصوير هذه البنية ضمن الهيكل تحت الغضروفي [3].
المراجع: