الـواحــة الطلابيــة للجـامعــة الوطنيــة الخـاصــة
Student Oasis of Al-Wataniya Private University
الدكتور المهندس علي محمود بلال
براء وليد الخليل العمر
محمود مصطفى الخليل العمر
ملخص:
تهدف المقالة لتوصيف حالة النواعير الواقعة ضمن الحدود التنظيمية لمدينة حماه (تاريخها -عددها- تكنولوجيا تنفيذها- مواصفاتها- والأضرار الحاصلة فيها خاصة بعد وقوع زلزال في سوريا عام 2023) , كما تهدف هذه المقالة لتوضيح طرق الترميم و حماية هذه النواعير ووضع المقترحات اللازمة لضمان عمل هذه المنشآت التاريخية الهامة.
كلمات مفتاحية : النواعير , مدينة حماه, تكنولوجيا التنفيذ , .
مقالة علمية في كلية الهندسة المدنية
-مقدمة تاريخية:
لا يعرف بالضبط بداية الاستخدام الحقيقي لوسائل رفع المياه على ضفاف الأنهار إذ أنها نشأت حيث وجدت المدنيّة كما في حضارات مصر القديمة حيث ظهرت آلات بدائية مثل الشادوف والطنبور الموضحين في الشكل (1) .
وتطورت الوسائل في حضارات بلاد الرافدين حيث كان ظهور أول وابسط أشكال النواعير كما في نواعير هيت والأنبار المدرجة على لوائح اليونسكو وهي موضحة في الشكل (2) .
اندثرت أغلب هذه الآلات نتيجة انحسار الحاجة لها في ري المساحات ولم يبق في عالمنا الحديث من الآلات العاملة والتي تذكر بعظمة هذه المنشآت المائية إلا نواعير مدينة حماه التي تعتبر التطور المثالي لآلات رفع المياه حيث ارتبط اسم مدينة حماه بمدينة النواعير فهذه المدينة الرئيسية في منطقتها والواقعة ضمن منطقة واسعة ونصف قاحلة لم يكن لها أن تتطور إلا بفضل اتساع هذا الشريط من البساتين الذي يخترقها ويعود ذلك إلى نظام الري المتقن الذي يعتمد على النواعير بشكل كامل,
ويعود تاريخ النواعير المعروف في حماه إلى الحقبة الهلنستية (القرن الثاني ق.م) [1] ويظهر أول تجسيد للناعورة على قطعة من الفسيفساء من مدينة أفاميا القديمة والعائدة لعام 469 م وهي موجودة اليوم في المتحف الوطني بدمشق وموضحة في الشكل (3) .
وتم تطويرها عبر الزمن من حيث قطرها ومن حيث المسافات المروية من خلالها وبلغت كمالها في الفترة الإسلامية وخاصة حكم الزنكيين والأتابكة حيث تلقت حماه وأنظمة الري فيها اهتماماً خاصاً من قبل نور الدين محمود زنكي الذي أعاد بناءها بعد زلزال 551هـ/1157 م ,وتعود أقدم النواعير التي مازالت قائمة الى الفترة الأيوبية (أواخر القرن السادس الهجري ) أما أقدم النواعير المزودة بكتابة على برجها والمعروفة بالمحمدية فتعود للفترة المملوكية عام 763هـ/1361 م وهي إحدى أكبر ناعورتين في المدينة بقطر عجلة يصل ل21م وارتفاع قناتها 17.5م والناعورة الكبيرة الأخرى الموثقة ومازالت قائمة هي المأمورية وتعود للفترة العثمانية المبكرة عام 867هـ/1453 م [2] , وبشكل عام تم تأريخ بعض النواعير بشكل تقريبي اعتماداً على الكتابات الموجودة على بعض أجزائها أو وفقاً للمصادر التاريخية التي احتوت على ذكر لهذه المنشآت وبينت أعمال التنقيب التي تمت تحت الماء أن لأغلب النواعير أصولاً ضاربة في القدم مقارنة بالمصادر التاريخية المتوفرة لتأريخها [3],
2- أقسام النواعير :
لم تتغير بنية النواعير الحموية على مر العصور حتى يومنا الحالي [4] وهي موضحة في الشكل (4) [5] وتتكون من الأقسام التالية: 1- السد الذي يبنى من الضفة إلى الضفة ويحجز ماء يرتفع في الأعلى عن الأدنى ,2- ممرات الماء , 3- سدات لتعديل المستوى المائي , 4- قناة مجرى الناعورة الذي يحقق الضغط على ألواحها , 5- الدولاب , 6- البرج الموازي للدولاب ويتعامد معه مجرى الماء فوق القناطر , 7- المثلث الذي يحمل أحد طرفي القلب , 8- نافذة البرج التي تحمل قاعدتها الطرف الثاني من القلب , 9- مجمع التوزيع , 10- قناة السقي الرئيسية , 11- قنوات فرعية للسقي .
وتتكون النواعير بشكل عام من العناصر المتحركة وهي الدولاب وعناصر الاغتراف للماء وقلب الدوران , ومن العناصر الحاملة وهي المثلث والبرج , ومن العناصر الموجهة للمياه وهي السد وقناة مجرى الناعورة وممرات المياه ,ومن قنوات تجميع و نقل الماء المحمولة على الأقواس.
– تقنية بناء النواعير :
يتم بناء النواعير يدوياً حتى يومنا الحالي , وتحتاج لخبراء مختصين وهم قلة ومازالوا يتوارثون هذه المهنة من الآباء للأبناء ويتم ذلك وفق الخطوات الرئيسية التالية وهي موضحة في الأشكال (5,6,7):
1- يتم في البداية تحديد مكان مناسب لبناء الناعورة من خلال أخد المناسيب اللازمة من أجل تقدير درجة ميل النهر في ذلك المكان وتحديد ارتفاع السد المراد إقامته .
2- يعتبر بناء السد بشكل عرضي على سرير النهر أول عمل بنائي هام لتأمين فرق المنسوب الذي يؤمن حركة الدولاب .
3- يتم بناء الممرات المائية وأساسات المثلث والبرج العمودي وذلك باستخدام الحجر الكلسي أو البازلتي وفق ما يتوفر في موقع البناء ويتم استخدام الملاط الكلسي لربط المكونات الحجرية معاً.
4- يتم بناء الدولاب من أخشاب الأشجار المعمرة بشكل متعامد قطرياً فيما بينها بحيث ترتبط حول القلب الذي يصنع من نوع خاص من أخشاب الأشجار المعمرة ذات الصلابة العالية لضمان عملها لأطول مدة .
5- يتم تثبيت عناصر الاغتراف بشكل صناديق على المحيط الخارجي للدولاب ويتم تزويدها بالمجاديف وهي ألواح ذات شكل مستطيل تعتبر زعانف الحركة للدولاب ويتم جمع جميع العناصر الخشبية باستخدام المسامير الفولاذية المصنوعة يدوياً .
4- أسماء و أماكن و مواصفات أشهر نواعير مدينة حماه:
يبلغ عدد النواعير على امتداد محافظة حماه 103 ناعورة تتواجد في 60 موقعاً وذلك وفقاً لإحصائية محافظة حماه عام 2003 وتتركز النواعير الخشبية الصالحة للعمل ضمن حدود مدينة حماة حيث دخلت معظم نواعير الريف في حالة تدهور نتيجة عدم حاجة الأهالي لها بسبب ظهور وسائل الري الحديث .
ويوضح الجدول (3) أسماء ومواصفات أشهر النواعير الموجودة ضمن الحدود التنظيمية لمدينة حماه وفقاً لإحصائيات دائرة النواعير في محافظة حماه.
الجدول رقم(1): أسماء ومواصفات أشهر النواعير الموجودة ضمن الحدود التنظيمية لمدينة حماه
التسلسل | الناعورة | مواصفاتها |
1 | ناعورة الخريسة | ناعورة واحدة |
2 | ناعورتا القرناصية والجهيدية | ناعورة مزدوجة |
3 | ناعورة الدوار | ثلاثة نواعير |
4 | ناعورتا الجديدة و(عنتروعبلة) | ناعورة مزدوجة وناعورة مفردة |
5 | ناعورة المرتعباني | ناعورة واحدة |
6 | ناعورة البشريات (الأربع نواعير) | أربع نواعير |
7 | ناعورة الجسرية | ناعورة واحدة |
8 | ناعورة المأمورية والعثمانيتان | أربع نواعير |
9 | ناعورة الصهيونية | ثلاثة نواعير(الجعبرية الصغيرة- الجعبرية الكبيرة – الكيلانية) |
10 | ناعورة المحمدية | ناعورة واحدة قناطرها خمسة عشر |
11 | ناعورة الخضورة | ثلاثة نواعير(الخضورة الكبيرة- الدوالك الوسط-الدهشة الصغيرة) |
12 | ناعورة القاق | ناعورة واحدة |
13 | ناعورة البركة | ناعورة واحدة ويقال أن لا أثر لها |
14 | ناعورة الجوهرية | ناعورة واحدة |
15 | ناعورة الزوارب | ناعورة واحدة |
16 | ناعورة الظاهرية | ناعورة واحدة |
– أشهر الأضرار التي تصيب النواعير في مدينة حماه:
تعتبر النواعير منشات مائية قديمة لذلك فقد تعرضت وما تزال تتعرض للعديد من العوامل السلبية التي تسبب تضررها ولولا عمليات التدعيم والترميم المتتالية لفقدنا هذه الآثار الجميلة ويمكن تلخيص الأضرار فيما يلي :
1- الانجراف في سرير النهر بالقرب من الأساسات وتآكل الحجارة نتيجة الحت في الماء مما يسبب تدهور أساساسات المثلث والبرج الحامل للنواعير كما هو موضح في الشكل (8,A).
2- تسوس الأخشاب و اهترائها نتيجة عوامل جوية وعضوية (التعفن) كما هو موضح في الشكل (8,B), بالإضافة إلى تآكل القلب بسبب الاحتكاك الكبير وقلة أعمال الصيانة (تشحيم وتزييت) .
3- حدوث هبوطات تفاضلية ضمن العناصر الحجرية المكونة للأبراج الحاملة لدولاب الناعورة والمثلث والقنوات المائية والأقواس الحاملة لها بسبب فقد الملاط المالئ للحجارة .
4- أضرار ناتجة عن العنصر البشري كقيام السكان بتفكيك بعض الحجارة لإستخداماتهم الخاصة أو حدوث تعديات من الأهالي بالبناء على الحجرات الخاصة بالنواعير .
5- أسباب خاصة ناتجة عن الهزات والزلازل التي ضربت المنطقة على مر العصور وأخرها زلزال عام 2023 الذي تسبب في ظهور شقوق واضحة في بعض الأقواس الحاملة لقنوات المياه كما هو موضح في الشكل (9).
– المقترحات العملية لحماية النواعير والمحافظة عليها:
1-فحص النواعير وتنظيفها: إجراء فحص دوري للنواعير للتأكد من سلامتها وتنظيفها بانتظام من الطحالب والرواسب لضمان انسيابية المياه .
3-إصلاح الأضرار دوياً : في حال وجود أي تلف في النواعير يجب إصلاحه بسرعة قبل أن يتفاقم الوضع .
5-الحفاظ على مستوى المياه : التأكد من أن مستوى المياه في النواعير ملائم ومستمر لعملها.
6-دعم البنية التحتية : يجب تحديث البنية التحتية للنواعير مثل توفير أدوات و معدات حديثة لتسهيل عملية الصيانة.
7-توفير الدعم المهني والمالي ونشر الوعي السياحي: يمكن التوفير والمساعدة من خلال تدريب خبراء مختصين في صيانة النواعير ومساعدتهم و دعمهم , وتوعية السكان حول أهمية هذه المنشأت لتشجيع السياحة في مدينة حماه .
– المراجع:
[1]- Burns,R.,(1999), “Monuments of Syria : An Historical Guide” ,1999,pp.126-9.
[2]- Delpech,A.,(2005), “al,les norias de I’Oronte:analyse technologique d’un e’le’ments du patrimoine Syrien” , Damascus ,2005.
[3]-Schioler,Thorkild,(1973),” Roman And Islamic Water-Lifting Wheels“, Odense.
[4]-Zaqzouq,Abderrazaq,(1990),” Les Norias De La Re’gion De Hama“,In Techniques Et Pratques Hydro-Agricoles Trditionnelles En Domaine Irri-Gue’,Actes Du Colloqe De Damas , Ifapo,Paris.
[5]- كتاب ” نواعير العاصي –تحليل تكنولوجي ” تأليف أنيت دلبش , جيرار روبين , فرانسوا جيرار , محمد الرومي , ترجمة عبد الرزاق الأصفر, دمشق : وزارة الثقافة (2004) -352ص.