الـواحــة الطلابيــة للجـامعــة الوطنيــة الخـاصــة
Student Oasis of Al-Wataniya Private University
الدكتورة : كوزيت عيسى
شام عبد الرحمن الصيادي
المقدمة:
هل تساءلت يومًا كيف سيكون الأمر لو كان بإمكانك الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة من أي مكان
في العالم؟
أو هل تساءلت يومًا كيف سيكون الأمر لو لم تكن مقيدًا بحدود النطاق الأرضي؟
إذا كان الأمر كذلك، فهذا خبر سار لك مشروع Starlink هو هنا لجعل هذا الحلم حقيقة…
مشروع Starlink:
هو مشروع لشركة SpaceX، وهي شركة تصنيع الصواريخ والخدمات الفضائية المملوكة لرجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك.
ويهدف المشروع إلى توفير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية للمناطق النائية في جميع أنحاء العالم.
إذا نجحت فستكون خدمة Starlink ثورة في عالم الاتصالات، وستسمح للأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية بالوصول إلى الإنترنت عالي السرعة لأول مرة وستفتح آفاقًا جديدة للتعلم والعمل والترفيه في جميع أنحاء العالم.
فما هو مشروع Starlink الفضائي؟ وكيف يمكن استخدامه؟
مشروع ستارلينك هو مشروع طموح لشركة سبيس إكس لإنشاء شبكة ضخمة من الأقمار الصناعية التي توفر خدمة إنترنت عالية السرعة إلى جميع أنحاء العالم بما في ذلك المناطق النائية.
ويهدف المشروع إلى إطلاق 42.000 قمرًا صناعيًا في مدارات منخفضة حول الأرض، موضوعة في مدار أرضي منخفض، والتي يتم ربطها ببعضها البعض لإنشاء شبكة متداخلة قادرة على توفير وصول عالي السرعة إلى الإنترنت.
يتكون كل قمر صناعي من ستارلينك من لوح شمسي ومحرك دفع ومجموعة من الهوائيات، وتستخدم الأقمار الصناعية تكنولوجيا الأقمار الصناعية الثابتة بالنسبة للأرض مما يعني أنها تظل ثابتة في مكانها بالنسبة للأرض، مما يوفر اتصالًا ثابتًا بالإنترنت.
بدأت سبيس إكس في إطلاق أقمار ستارلينك في عام 2019، وفي عام 2023يوجد أكثر من 4.500 قمرًا صناعيًا حول الأرض.
الأقمار الصناعية:
القمر الصناعي هو جهاز من صنع بشري على شكل كبسولة يزن (5-0,5) طن ، يدور حول الأرض ويقوم بمهام الاتصالات والفحص والكشف والتصوير ، وكان أول قمر صناعي قد أطلق هو قمر سكونتك السوفيتي عام 1957 الذي أرسله الاتحاد السوفيتي ، يتكون القمر الصناعي بشكل عام من جزئين أحدهما وظيفي والآخر حاضن للحماية ، فأما الوظيفي فهو الجزء المخصص للقيام بالمهام الموكلة لهذا القمر الصناعي والتي أرسل لأجل القيام بها ،وأما الجزء الحاضن فيوفر الجو المناسب لعمل الجزء الوظيفي من الطاقة والحماية ،يطلق القمر الصناعي عبر مركبات خاصة من محطات أرضية ويجهز قبل اطلاقه بخلايا ضوئية لتوليد الطاقة الكهربائية من أشعة الشمس ،أو يجهز ببطاريات نووية فضلا عن تجهيزه بلواقط وكاميرات ومرسلات لاسلكية ورادارات بحسب المهمة التي أرسل من أجلها ، وتنقسم الأقمار الصناعية إلى عدة أنواع فمنها ما يستخدم للاتصالات والبث التلفزيوني ومنها ما يستخدم لأغراض الملاحة والاستكشاف أو للأغراض العسكرية أطلقت حتى الآن 135 دولة حول العالم أقماراً صناعية إلى الفضاء لأغراض مختلفة كما ذكرنا سابقاً، لكن أهمها الاتصالات والبث التلفزيوني ، ويعتمد القمر الصناعي في دورانه حول الأرض مبدأ السقوط الحر الفيزيائي لكنه لا يسقط نحو الأرض بعدما يكون خارج الغلاف الجوي لأن تزايد سرعته الابتدائية يبعده عن نقطة السقوط ونظراً لكروية الأرض تمكن القمر من الانفصال عنها بشرط أن يكون خارج غلافها الجوي منعاً للاحتكاك بالهواء وهو ما يتطلب أن تكون سرعته الأفقية بالنسبة لمركز الأرض حوالي 7700(m/s) في مدار دائري على ارتفاع 200km عن سطح الأرض .
حركة القمر الصناعي:
يندفع القمر الصناعي إلى مداره ليصبح في حالة سقوط لا متناهية دون توقف، بتأثير جاذبية الأرض (الكوكب) تماماً كالمبدأ الذي يدور به القمر حول كوكب الأرض هذه الحركة للأقمار الصناعية لا تحتاج إلى الوقود.
وإنما للوقود فائدة في عمل التلسكوب وتنفيذه المهام كالتصوير وإرسال الإشارات أو حتى استقبالها ، إن الوقود المستخدم غالباً ما يكفي لوقت طويل ولسنوات طوال والمادة المستخدمة لذلك غالباً هي Hydrazine والتي هي عبارة عن مركب كيميائي من الهايدروجين والنايتروجين ، وما يميز هذا المركب هو أن كميات صغيرة منه تولد احتراق كبير جداً وبحرارة عالية، على الرغم من كونه مادة سامة.
تستخدم أيضاً المفاعلات النووية كوقود للأقمار الصناعية، فالمسبار الفضائي فويجر (1) الذي تم إطلاقه لدراسة النظام الشمسي يوجد فيه ثلاثة مولدات طاقة من النظائر المشعة، والمفاعلات النووية فيه فعالة لدرجة أنه تم إطلاقه بالفضاء في سنة 1977 و لازال حتى الآن على رأس عمله ويرسل ويستقبل الإشارات ومن المرجح أن الوقود فيه يساعده على البقاء حتى ما بعد 2030 ، وأيضاً لدينا ألواح الطاقة الشمسية كوقود للأقمار الصناعية ومن أشهر الأجسام التي تعتمد بشكل أساسي على هذه الألواح هي محطة الفضاء الدولية وتلسكوب هابل .
تصنيف مدارات الأقمار الصناعية استناداً إلى ارتفاعها فوق الأرض:
مزايا الإنترنت الفضائي الذي سيغير العالم:
يقدم مشروع ستارلينك من شركة سبيس إكس العديد من المزايا التي من شأنها تغيير العالم، ومن أبرزها:
تغطية شاملة: يهدف المشروع إلى إطلاق ما يصل إلى 42 ألف قمرًا صناعيًا، مما سيوفر تغطية شاملة للإنترنت لجميع أنحاء العالم، بما في ذلك المناطق النائية التي لا تتوفر فيها خدمات الإنترنت التقليدية.
سرعات عالية: تتراوح سرعات الإنترنت التي يوفرها ستارلينك بين 50 ميجابايت في الثانية و150 ميجابايت في الثانية، وهي سرعات كافية لبث الفيديوهات بجودة عالية وممارسة الألعاب دون تأخير.
وقت استجابة منخفض: يبلغ وقت استجابة ستارلينك حوالي 20 مللي ثانية، وهو وقت استجابة منخفض مقارنة بخدمات الإنترنت التقليدية، مما يجعله مثاليًا للتطبيقات التي تتطلب اتصالًا سريعًا بالإنترنت مثل الألعاب والتجارة الإلكترونية.
موثوقية عالية: تتمتع أقمار ستارلينك بقدرة تحمل عالية، مما يجعلها أكثر موثوقية من خدمات الإنترنت التقليدية التي تعتمد على الكابلات الأرضية.
مبدأ عمل تقنية ستارلينك (Starlink) :
يعمل الإنترنت عبر الأقمار الصناعية Starlink على مبدأ ثوري، باستخدام كوكبة واسعة من الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض (LEO) لتوفير إنترنت عالي السرعة وزمن انتقال منخفض للمستخدمين في جميع أنحاء العالم. وتشكل الأقمار الصناعية، الموضوعة في مكان أقرب بكثير إلى الأرض من الأقمار الصناعية التقليدية الثابتة بالنسبة للأرض، شبكة ديناميكية تمكن من نقل البيانات بشكل أسرع.
يكمن مفتاح كفاءة Starlink في قدرتها على إنشاء شبكة تشبه الشبكة العادية، مما يسمح بنقل الإشارات من قمر صناعي إلى آخر ثم إلى المحطات الأرضية. تقلل هذه الشبكة المعقدة من وقت انتقال الإشارة، مما يقلل من زمن الوصول ويوفر للمستخدمين تجربة أكثر سلاسة عبر الإنترنت، للوصول إلى الإنترنت عبر Starlink، يحتاج المستخدمون إلى طبق الأقمار الصناعية مثبتا في موقعهم. يتواصل هذا الطبق مع أقرب الأقمار الصناعية في السماء، مما يؤدي إلى إنشاء رابط مباشر إلى كوكبة Starlink. تعمل الأقمار الصناعية جنبا إلى جنب، مما يضمن تدفقا سلسا للبيانات من الفضاء إلى جهاز المستخدم والعودة.
تتطور شبكة Starlink باستمرار، ويتم تعزيزها بانتظام بإطلاق أقمار صناعية جديدة، مما يعزز التغطية والقدرة. يفتح هذا النهج المبتكر للإنترنت عبر الأقمار الصناعية إمكانيات لتحسين الاتصال، لا سيما في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات حيث تقصر البنية التحتية التقليدية.
في جوهرها، يتوقف مبدأ عمل Starlink على تفاعل متطور بين الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية ومعدات المستخدم، مما يبشر بعصر جديد من إمكانية الوصول إلى الإنترنت العالمية.
النقد:
قوبلت الأعداد الكبيرة للأقمار الاصطناعية المُخطط لإطلاقها بنقد واسع من المجتمع الفلكي. ادعى علماء الفلك أن أعداد الأقمار الاصطناعية المرئية من على سطح الأرض ستطغى على النجوم المرئية، وسيؤثر سطوعها المرتفع، من الناحية البصرية وفي نطاق الأطوال الموجية الراديوية، على عمليات الرصد العلمي بصورة بالغة. ولن يتمكن العلماء من تحديد أوقات معينة للرصد الفلكي تجنبًا لهذه الأقمار، إذ أنها ستغير من مداراتها ذاتيًا. أصدر كل من الاتحاد الفلكي الدولي، والمرصد الوطني لعلم الفلك الراديوي تصريحات رسمية ليعربان عن قلقهما من هذا المشروع.
ادعى ممثلو شركة سبيس إكس، بالإضافة إلى مؤسسها إيلون ماسك، أن آثار هذه الأقمار ستكون ضئيلةً جدًا. وعارض العديد من علماء الفلك هذه الادعاءات بناءً على الرصد المبدئي لكوكبة ستارلينك النسخة 0.9 خلال إطلاقها الأول، بعد انتشارها في المدار بفترة قليلة من مركبة الإطلاق. صرح ماسك لاحقًا عبر حسابه على شبكة تويتر أن شركة سبيس إكس ستعمل على خفض وضاءة هذه الأقمار الاصطناعية وستوفر وسائل لتعديل وضعية هذه الأقمار عند الطلب بما يتناسب مع التجارب العلمية الفلكية إذا استدعى الأمر.
خففت شركة سبيس إكس من القلق المتعلق بخطورة المخلفات الفضائية، على المدى الطويل، والناتجة من وضع آلاف الأقمار الاصطناعية في مدار حول الأرض من خلال خفض مدارات الأقمار المخطط لها. وسيكون من المتوقع أن تترك الأقمار الاصطناعية التالفة مدارها لتدخل الغلاف الجوي خلال بضع سنوات.
لن تبقى سرعة الإنترنت الفائقة حكرًا على المدن الكبرى والمناطق المأهولة بالسكان، إذ سوف تساهم شبكة ستارلينك للأقمار الصناعية في توفير وصول إلى الإنترنت عالي السرعة للمناطق الريفية والنائية، وبحسب موقع Space.com فإن سرعات التنزيل عبر ستارلينك تتراوح بين 100 و ميجابايت في الثانية، بينما تتراوح سرعات التحميل بين 10 و 20 ميجابت في الثانية، وهذه السرعات كافية لبث الفيديو بدقة 4K وتشغيل الألعاب عبر الإنترنت دون تأخير.
ولعل أبرز ما يميز ستارلينك هو زمن الانتقال المنخفض، والذي يصل إلى 20 مللي ثانية فقط مما يعني أن المستخدمين يمكنهم الوصول إلى الإنترنت بسرعة وفعالية، حتى في المناطق التي تعاني من ضعف الاتصال بالإنترنت، وتهدف ستارلينك إلى توفير وصول إلى الإنترنت عالي السرعة للجميع، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي، وتعمل الشركة على زيادة عدد الأقمار الصناعية في مدارها، مما سيؤدي إلى تحسين السرعات وخفض الأسعار.
صورة لأقمار ستارلينك
ومن المتوقع أن يكتمل المشروع بحلول عام 2027 حيث أُعدت هذه الخدمة لربط المناطق المنكوبة ومناطق الحروب بالإنترنت، واستفادت منها أوكرانيا خلال الحرب الحالية مع روسيا، وحاليا الخدمة متوفرة لـ 40 دولة فقط، ليس من بينها فلسطين.
المراجع :